مأزق المفاوضات في غزة.. حماس تصر على صفقة شاملة وإسرائيل تلوح بالحسم العسكري قبل زيارة ترمب

تشهد مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة مأزقاً حقيقياً، وسط تباين حاد في مواقف الطرفين الرئيسيين، حماس وإسرائيل، ووسط مساعٍ إقليمية ودولية لم تُفضِ بعد إلى أي اختراق ملموس. اللقاءات التي استضافتها الدوحة مؤخراً بمشاركة وفود من حماس ووسطاء مصريين وقطريين، فشلت في تحقيق تقدم يُذكر. هذا الجمود يعكس عمق التعقيدات السياسية والميدانية التي تحيط بالأزمة الممتدة منذ أكثر من 19 شهراً.
مواقف الأطراف:
حماس: تصر الحركة على التوصل إلى اتفاق شامل يتضمن أربعة عناصر رئيسية: وقف دائم للحرب، انسحاب إسرائيلي كامل من قطاع غزة، إدخال المساعدات الإنسانية دون قيود، وتبادل شامل للأسرى. وترفض بشدة أية حلول جزئية أو مرحلية، تراها لا ترتقي إلى الحد الأدنى من مطالبها السياسية والإنسانية. وترى في الطروحات الإسرائيلية مجرد محاولات لشراء الوقت أو تجزئة الحل بما يخدم الأجندة العسكرية لتل أبيب.
إسرائيل: تطرح من جهتها خطة جزئية تشمل إطلاق سراح عدد محدود من الأسرى الفلسطينيين مقابل إفراج حماس عن نصف الأسرى الإسرائيليين الأحياء، وهدنة مؤقتة لمدة ستة أسابيع قابلة للتمديد. وتصر على استثناء مطلب الانسحاب الكامل ووقف دائم للعمليات القتالية، ما تعتبره حماس إخلالاً جوهرياً بالتوازن المطلوب لأي صفقة.
دور الولايات المتحدة:
زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب المرتقبة للمنطقة تمثل عامل ضغط إضافياً، إذ يبدو أن الإدارة الأميركية تسعى إلى تحقيق اختراق دبلوماسي قبيل وصوله إلى السعودية وقطر والإمارات. ومع ذلك، فإن الإعلان عن عدم توقفه في إسرائيل يشير إلى توازن حذر في تعاطيه مع الأزمة. مبعوث ترمب، ستيف ويتكوف، أكد أن الإدارة تواصل اتصالاتها المكثفة مع جميع الأطراف بهدف "استعادة الرهائن"، لكنه لم يشر إلى خطة واضحة لتقريب وجهات النظر بين حماس وإسرائيل.
تلويح بالتصعيد العسكري:
إسرائيل، من جهتها، وضعت جدولاً زمنياً ضيقاً لحسم ملف الأسرى قبل زيارة ترمب، ولوّحت بشن عملية برية واسعة في حال استمرار المراوحة السياسية. ويبدو أن هذا التهديد يستهدف الضغط على الوسطاء وحماس لتقديم تنازلات، لكنه يفتح في المقابل الباب أمام انفجار جديد في حال تنفيذ هذا الخيار العسكري، لا سيما في ظل اشتباكات متواصلة جنوب القطاع، وتحديداً قرب مدينة رفح.
الاشتباكات الميدانية:
على الأرض، تستمر المعارك، حيث أعلنت حماس عن كمين استهدف وحدة إسرائيلية في رفح وأدى إلى مقتل وإصابة عدد من الجنود. وأكد الجيش الإسرائيلي مقتل اثنين من جنوده وإصابة أربعة آخرين. هذه الاشتباكات تعكس استمرار قدرات حماس العسكرية رغم العمليات الإسرائيلية المكثفة، وتبعث برسائل بأن الحل العسكري لن يكون بلا كلفة بشرية ومعنوية.
ملف الأسرى:
يبقى ملف الأسرى حجر العثرة الأكبر في المفاوضات، خاصة بعد تصريحات ترمب التي أظهرت تضارباً في تقدير عدد الأحياء من الإسرائيليين المحتجزين، ما أثار غضب عائلاتهم ودفعهم للمطالبة بوقف الحرب مؤقتاً لإتمام صفقة تبادل. ووفق تصريحات إسرائيلية، فإن عدد المحتجزين الأحياء هو 24، بينما أعلنت حماس أنها لا تزال تحتفظ بجميع الأوراق اللازمة لعقد صفقة تبادل شاملة.
المفاوضات عالقة بين رؤية فلسطينية تعتبر "الاتفاق الشامل" خطاً أحمر، وسعي إسرائيلي لتحقيق مكاسب جزئية دون دفع الثمن السياسي الكامل. في ظل غياب توافق على الأرض وتوتر متزايد، تظل فرص الانفراج ضئيلة قبل زيارة ترمب، وقد يشهد القطاع تصعيداً جديداً ما لم يطرأ تحول نوعي في مواقف أحد الطرفين أو تدخل دولي حاسم.