اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار
بوتين في يوم النصر.. استدعاء التاريخ لمواجهة الحاضر.. والصين شريك استراتيجي في سردية الانتصار احذر ممنوع المرور.. أماكن تمنع الطائرات من التحليق فوقها حرب غزة والملف النووي الإيراني.. ضغوط إسرائيلية ومفاوضات أميركية في منعطف حاسم تجسس في قلب التحالف.. أوكرانيا تكشف شبكة مجرية على حدود التوتر الأوروبي تعيين مذيعة Fox News مدعية عامة مؤقتة في واشنطن.. خطوة تكتيكية لترمب في مواجهة الرفض الجمهوري وملفات العدالة الشائكة المساعدات تحت الحراسة.. خطة أميركية لتوزيع الإغاثة في غزة عبر شركات خاصة وسط أزمة جوع خانقة محادثات جنيف بين واشنطن وبكين.. بين أمل خفض الرسوم الجمركية وواقع الصدامات الاقتصادية الفاشر تحت النار وبورتسودان في مرمى الطائرات.. تصاعد الصراع العسكري يفاقم المأساة الإنسانية في السودان الكرملين يحتفل بعيد النصر وسط لهيب الحرب.. مفارقات التاسع من مايو بين رمزية الانتصار وواقع الجبهة الأوكرانية مأزق المفاوضات في غزة.. حماس تصر على صفقة شاملة وإسرائيل تلوح بالحسم العسكري قبل زيارة ترمب الجيش السوداني يتهم «الدعم السريع» بقصف الفاشر.. وقلق أممي من تزايد أعداد النازحين لتشاد CIA على مفترق طرق.. بين استحقاقات ترمب وغموض القيادة.. هيكلة جديدة تهدد التماسك المؤسسي

CIA على مفترق طرق.. بين استحقاقات ترمب وغموض القيادة.. هيكلة جديدة تهدد التماسك المؤسسي

الاستخبارات الأمريكية
الاستخبارات الأمريكية

تشهد وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA) حالة غير مسبوقة من التوتر المؤسسي والتخبط الداخلي، على خلفية خطة لإعادة هيكلة واسعة النطاق، تتضمن تقليصًا ملحوظًا في أعداد الموظفين وتحولًا استراتيجيًا في أولويات الوكالة. هذه التحولات، التي يقودها المدير الجديد جون راتكليف، تأتي ضمن سياق سياسي ضاغط فرضته إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي طالما نظر إلى الوكالة بعين الريبة، معتبرًا إياها جزءًا من ما يُعرف بـ"الدولة العميقة".

خلفية الأزمة: توازن هش بين السياسة والمهنية

راتكليف، الذي جاء من خلفية سياسية كنائب جمهوري في الكونغرس، يبدو أنه يسير على خيط رفيع بين تنفيذ رغبات البيت الأبيض من جهة، والحفاظ على استقلالية الوكالة ومهنيتها من جهة أخرى. وبينما نجح إلى حد ما في تجنيب CIA التدخل المباشر من الإدارة في بعض الملفات، فإن علاقته الوثيقة بالبيت الأبيض ـ وتحديدًا تواجده المتكرر فيه ـ أثارت شكوكًا عميقة بين موظفي الوكالة بشأن من يقودها فعليًا، وسط انطباع متزايد بأنها "بلا دفة".

يصف بعض المسؤولين السابقين هذه المرحلة بأنها الأخطر منذ عقود، ليس فقط بسبب التغييرات الإدارية، بل نتيجة ما يرونه "إفراغًا تدريجيًا" لدور المحللين، لصالح تعزيز نشاطات العمليات الميدانية والسرية. وهو ما يتوافق مع رؤية ترمب، التي تضع الأولوية للنتائج الفورية في قضايا مثل مكافحة المخدرات والجريمة المنظمة، أكثر من التحليلات الاستراتيجية بعيدة المدى.

أزمة ثقة داخلية وتململ مهني

التغيير المرتقب لم يُقابل بارتياح داخل أروقة الوكالة. على العكس، تشير التقارير إلى استياء متزايد بين صفوف الموظفين، خاصة في ظل الغموض الذي يلف مستقبلهم المهني. فقد أبدى كثيرون تخوفهم من فقدان وظائفهم، أو من الإقصاء المهني غير المباشر عبر هيكلة جديدة تهمّش أدوارهم. هذا التململ قد يدفع إلى موجة من التقاعد المبكر أو الاستقالات، خاصة مع ما يُقال عن عروض مالية مغرية تقدمها جهات قريبة من إدارة ترمب للموظفين الموهوبين.

كما أن تقييم أداء راتكليف داخل الوكالة يُوصف بالفاتر؛ إذ يعتبره البعض "الخيار الأقل سوءًا" في سياق سياسي لم يترك خيارات مثالية. وبالرغم من كونه أكثر حذرًا من سابقيه في التعامل مع البيت الأبيض، فإن ذلك لم يمنع تصاعد القلق من محدودية التواصل الداخلي، واحتكار المعلومات ضمن دائرة ضيقة من المقربين.

أولويات ترمب وتحولات الدور الاستخباراتي

أحد أبرز التحولات يتمثل في إنشاء مركز مهام جديد تحت اسم "مركز الأميركيتين"، يُعطي الأولوية القصوى لمكافحة عصابات المخدرات والجريمة المنظمة في دول الجوار، خاصة المكسيك. وتُشير معلومات استخباراتية إلى بدء مهام استطلاع بطائرات دون طيار في المجال الجوي المكسيكي، وسط مراجعة قانونية محتملة لمنح الوكالة صلاحيات القيام بعمليات مميتة.

هذا التحول يُعد انعكاسًا مباشرًا لأولويات ترمب، لكنه يطرح إشكالات مهنية عميقة؛ إذ إنه يأتي على حساب الدور التحليلي والاستخباري التقليدي لوكالة ظلت تُعد بمثابة "العقل الاستراتيجي" للأمن القومي الأميركي. وبحسب المصادر، فإن التخفيضات التي قد تطال نحو 1200 موظف ستركز على المحللين، في مقابل تحصين مديرية العمليات.

بين الولاء السياسي والاستقلالية المؤسسية

الأزمة الحالية تعكس صراعًا بنيويًا عميقًا في المؤسسة الاستخباراتية الأميركية: هل تنحاز CIA إلى متطلبات البيت الأبيض وتتماهى مع أجندته السياسية، أم تحافظ على بعدها المهني ومكانتها كذراع مستقلة لتحليل المخاطر وصناعة القرار؟
إن استمرار تهميش الخبرات التحليلية، والرهان على العمليات الميدانية فقط، قد يؤدي إلى تقويض الأسس التي بُنيت عليها الوكالة، بما في ذلك توازنها بين جمع المعلومات وتفسيرها.

في النهاية، ما يجري داخل CIA ليس مجرد "إصلاحات تنظيمية"، بل هو إعادة صياغة لوظيفة الاستخبارات نفسها في عصر تزداد فيه الحسابات السياسية ضبابية. وإذا استمرت هذه السياسات دون رؤية واضحة أو حوار مؤسسي شامل، فقد تجد الوكالة نفسها أمام أخطر اختبار وجودي في تاريخها الحديث.

موضوعات متعلقة