اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

طهران تحذّر من انهيار التعاون النووي.. وترامب يلوّح بعقوبات جديدة

إيران
إيران

دخلت الأزمة النووية الإيرانية منعطفاً أكثر تعقيداً بعد التصعيد المتبادل بين طهران وواشنطن، في أعقاب الهجمات الإسرائيلية والأميركية على منشآت نووية إيرانية، والتصريحات المتناقضة للرئيس الأميركي دونالد ترامب حول العقوبات النفطية. المشهد الحالي يعكس بوضوح أزمة ثقة شاملة، ليس فقط بين إيران والولايات المتحدة، بل تمتد لتشمل علاقة طهران بالوكالة الدولية للطاقة الذرية والمجتمع الدولي بأسره.

ازدواجية الرسائل الأميركية


في قلب العاصفة، جاء تراجع الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن رفع العقوبات على النفط الإيراني، لينسف أي أمل في تخفيف التوترات. ففي حين تداولت تقارير سابقة عن موافقة ضمنية تسمح للصين بشراء النفط الإيراني، خرج ترامب لينفي ذلك صراحة في مقابلة مع "فوكس نيوز"، مؤكداً أن "العقوبات لا تزال قائمة"، وأن رفعها مشروط بـ"التزام إيران بالسلام وعدم الإضرار بالمصالح الأميركية".
وذهب ترامب أبعد من ذلك، حين صرّح بأنه لم يتحدث مع إيران "منذ أن أبدنا منشآتها النووية"، في إشارة إلى الضربات العسكرية الأخيرة. هذا النوع من التصريحات يضع الإدارة الأميركية في موضع المراوغة السياسية، ويضعف مصداقية أي مبادرات دبلوماسية مستقبلية.

لا ضمانات لمفتشي الوكالة الدولية


الرد الإيراني جاء عبر أكثر من قناة، أبرزها تصريحات المتحدث باسم الخارجية إسماعيل بقائي، الذي اعتبر أن تصريحات ترامب "ألاعيب نفسية وإعلامية"، متهماً واشنطن باستخدام الوكالة الدولية للطاقة الذرية كغطاء لقرارات سياسية معادية.
الأخطر في تصريحات بقائي كان التهديد الضمني بعدم ضمان أمن مفتشي الوكالة على الأراضي الإيرانية، في ضوء الهجمات التي طالت منشآت نووية حساسة. كما لوّح بأن طهران لم تعد قادرة على ضمان التعاون المعتاد مع الوكالة، ما يفتح الباب على أزمة رقابة دولية شديدة الخطورة.

انتقادات متبادلة مع الوكالة الدولية وأوروبا


وفيما تسعى فرنسا لتقليل الأضرار ومنع انهيار المنظومة الدبلوماسية، جاءت محادثة الرئيس الإيراني الجديد مسعود بيزشكيان مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون لتعكس عمق الخلافات. بيزشكيان اتهم الوكالة بالتحيز وازدواجية المعايير، فيما شدد ماكرون على ضرورة السماح للوكالة باستئناف عملها، واحترام معاهدة الحد من الانتشار النووي.
رد إيران جاء أكثر وضوحاً في تصريح وزير الخارجية عباس عراقجي الذي ألمح إلى رفض أي زيارة قريبة من مدير الوكالة رافاييل جروسي. كما وافق البرلمان الإيراني على مشروع قانون يعلق التعاون مع الوكالة، مما يعني عملياً بداية تفكك الإطار الرقابي الذي كان يحجم طموحات إيران النووية.

ضحايا الضربات وتصاعد خطاب المواجهة


وفق أحدث بيانات الطب الشرعي التي أعلنتها السلطة القضائية الإيرانية، فإن حصيلة ضحايا الحرب الإسرائيلية – الأميركية على إيران ارتفعت إلى 935 قتيلاً، من بينهم 38 طفلاً و132 امرأة. هذا العدد الكبير يعزز موقف إيران دولياً بأنها تعرضت لـ"عدوان موثق"، ويمنحها مبرراً إضافياً لتصعيد خطابها في المحافل الدولية.
وفي هذا السياق، طالب بقائي مجلس الأمن الدولي بالاعتراف بمن وصفه بـ"المعتدي المعروف"، في إشارة إلى إسرائيل والولايات المتحدة، معتبراً أن تقرير الوكالة السابق على القصف قد "مهّد سياسياً للهجمات".

شبح اليورانيوم

رغم قصف المواقع النووية، يشكّك مدير الوكالة الدولية رافاييل جروسي في فعالية الضربات العسكرية. ففي تصريح لشبكة CBS، أكد جروسي أن إيران لا تزال تملك القدرات الفنية لإنتاج يورانيوم مخصب "في غضون أشهر، أو أقل"، محذراً من أنه لا يمكن الادعاء أن البرنامج النووي الإيراني قد تم تدميره بالكامل.
هذا التصريح يعزز القلق الغربي من أن الضربات لم تحقق هدفها الاستراتيجي، بل ربما دفعت إيران إلى تسريع برنامجها النووي خارج الأطر الرقابية.