اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار
غزة بين الموت البطيء والحصار الخانق.. انهيار النظام الصحي وانعدام الإنسانية الدبلوماسية السعودية المصرية: ركيزة الاستقرار الإقليمي ونموذج التعاون الاستراتيجي رسوم ترامب الجمركية تُنعش شراكة أوروبية آسيوية بديلة التوتر بين المكسيك والولايات المتحدة.. السيادة الوطنية مقابل التعاون في مكافحة الجريمة المنظمة غزة تحت وطأة الفوضى.. بين تحديات مقاومة الاحتلال وصراع العصابات الرئيس الروسي يحذر من استخدام الأسلحة النووية في أوكرانيا أستراليا في مهب التوترات الأميركية-الصينية.. حكومة ”العمال” تواجه ”الظلال القاتمة” للتجارة العالمية رومانيا بين صناديق الاقتراع وشبح التطرف.. انتخابات رئاسية تُعيد رسم المشهد السياسي وسط ضغوط داخلية وخارجية زيارة الرئيس الصيني إلى روسيا في يوم النصر.. دعم استراتيجي أم خروج دبلوماسي من العزلة؟ «المعركة تصل الشرق».. هجوم بالطائرات المسيّرة على بورتسودان وتفاقم الوضع في دارفور إسرائيل تُصعّد في غزة.. سيناريوهات مفتوحة بين إملاءات الحرب ونداءات المجاعة صراع نووي تحت الرماد.. تصعيد متجدد بين نيودلهي وإسلام آباد يُنذر بالخطر

صراع نووي تحت الرماد.. تصعيد متجدد بين نيودلهي وإسلام آباد يُنذر بالخطر

الهند وباكستان
الهند وباكستان

في خطوة اعتبرها كثيرون رسالة استراتيجية مشفّرة إلى الجارة اللدود، أطلقت باكستان صاروخاً باليستياً من طراز "عبدلي" (Abdali) أمس السبت، وسط أجواء إقليمية مشحونة بعد هجوم مميت على سياح هنود في كشمير الشهر الماضي، وهي المنطقة المتنازع عليها بين البلدين منذ عقود. وتأتي التجربة الصاروخية في وقت حساس، إذ يتصاعد الخطاب العدائي، وتُجدد المواجهات المسلحة على الحدود، في مشهد يُعيد للأذهان لحظات ما قبل الانفجار في أزمات سابقة بين الدولتين النوويتين.

الصاروخ الذي يصل مداه إلى 450 كيلومتراً، أُطلق بحسب الجيش الباكستاني "لضمان الجاهزية العملياتية والتحقق من نظام الملاحة والتوجيه والمناورة"، وهو ما يُفسره محللون بأنه عرض للقوة في توقيت بالغ الحساسية. فالهجوم الذي أودى بحياة 26 سائحاً في منتجع "باهالجام" في كشمير في 22 أبريل/نيسان، كان بمثابة شرارة جديدة في صراع طويل ومزمن، ألقت الهند مسؤوليته على باكستان، وهو ما تنفيه الأخيرة بشدة.

ومع أن إطلاق الصواريخ الباكستانية لا يستهدف مباشرة الأراضي الهندية، بل يتم غالباً في مناطق صحراوية أو فوق بحر العرب، إلا أن رمزية التوقيت والمناخ السياسي تزيد من تعقيد الرسالة وتأجيج القلق.

الرد الهندي.. عسكري ودبلوماسي وتجاري


رد الهند لم يكن أقل وضوحاً، وإن لم يكن عبر قنوات رسمية خطابية. فقد أعلنت البحرية الهندية قبل أيام قليلة عن نجاح عمليات إطلاق صواريخ مضادة للسفن، "لإثبات جاهزية القوات والأنظمة لهجوم بعيد المدى"، ما يُعزز الانطباع بأن كلا البلدين يُجريان استعراضاً مدروساً للقوة في العلن.

وعلى الأرض، اشتعلت الحدود من جديد. الجيش الهندي أعلن أن القوات الباكستانية فتحت النار على مواقعه لتسع ليالٍ متتالية، وردت القوات الهندية "بسرعة وبشكل متناسب"، بحسب بيان رسمي. وإلى جانب التصعيد العسكري، تبادلت الدولتان إجراءات عقابية: منع السفن من دخول الموانئ، طرد دبلوماسيين، إغلاق المجال الجوي، وتعليق التبادل التجاري الجوي والبري، بل وفرض حظر فوري على استيراد السلع بين البلدين.

تحولات داخلية وضغوط خارجية


تتزامن هذه التطورات مع تصاعد في النبرة القومية في الهند، وضغوط سياسية داخلية تدفع باتجاه "رد حاسم". وكما يقول أشوك مالك، المستشار السابق في وزارة الخارجية الهندية، فإن "لا أحد في الهند يريد حرباً شاملة"، لكن هناك مساحة دبلوماسية -ورغبة شعبية- لتحرك عسكري محدود.

من جانبه، يرى المحلل الأمني المقيم في إسلام آباد، سيد محمد علي، أن اختبار "عبدلي" يحمل رسائل مباشرة للهند، خصوصاً في ضوء تهديدات نيودلهي الأخيرة بتعليق معاهدة تقاسم المياه بين البلدين، وهي من أبرز ركائز الاستقرار الهش في العلاقة الثنائية.

أزمة كشمير قلب الصراع الأبدي


تبقى كشمير بؤرة الاشتعال المركزية. المنطقة التي تقسمها "خطوط تماس" أكثر مما توحدها أي تسوية، خاضت فيها الهند وباكستان حربين مباشرتين، إلى جانب مئات الاشتباكات التي لم تتوقف منذ التقسيم عام 1947. السكان المحليون اعتادوا الترقب والقلق، لكن الهجوم الأخير على السياح شكّل منعطفاً خطيراً، إذ طال المدنيين في منطقة تعد وجهة سلام وطبيعة.

الهجوم أعاد إشعال أصابع الاتهام، حيث تمسكت الهند باتهام باكستان بدعم جماعات مسلحة، بينما ردت إسلام آباد بتقديم "معلومات استخباراتية موثوقة" تشير إلى نية هندية لعمل عسكري وشيك، ما يعكس حالة من عدم الثقة العميقة المتجذرة بين الجانبين.

احتمالات المستقبل.. لعبة الردع.. أم حافة الهاوية؟


يُجمع الخبراء على أن التصعيد الحالي يعكس نموذجاً كلاسيكياً لـ"الردع المتبادل"، حيث يُرسل كل طرف إشارات عسكرية ليمنع الآخر من التفكير في مغامرة هجومية. ومع ذلك، يُخشى من أن تتحول هذه الإشارات، في ظل التوتر الشعبي والضغط السياسي، إلى أفعال قد تُخرج الوضع عن السيطرة.

الدولتان تمتلكان أسلحة نووية، وتاريخهما مليء بلحظات كاد فيها سوء التقدير أو حادث حدودي بسيط أن يتحول إلى كارثة. ومع تصاعد الخطاب والتحركات العسكرية والتجاذبات السياسية، يبقى السؤال الملح: هل ما نشهده مجرد عرض للقوة. أم خطوات حقيقية نحو مواجهة جديدة قد لا يتحملها أحد؟

موضوعات متعلقة