اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

أزمة يوم النصر.. الكرملين: أوكرانيا حاولت إفساد أعياد روسيا

يوم النصر
يوم النصر

تشهد العلاقات الروسية الأوكرانية تصعيدًا جديدًا في خضم احتفالات روسيا بالذكرى الثمانين ليوم النصر على النازية، حيث وجَّهت موسكو اتهامات مباشرة للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بإطلاق تصريحات وصفتها بـ"الاستفزازية"، واعتبرها الكرملين شكلًا من أشكال "إرهاب الدولة". هذه التصريحات، التي جاءت عشية الاحتفالات، أعادت التوتر إلى الواجهة في لحظة رمزية بالنسبة لروسيا، التي تستثمر كثيرًا في الاحتفاء بنصرها التاريخي خلال الحرب العالمية الثانية كعنصر من عناصر هويتها الوطنية.


التصعيد جاء إثر تصريح منسوب إلى زيلينسكي حذر فيه من عدم ضمان سلامة المشاركين في احتفالات التاسع من مايو في موسكو. وزارة الخارجية الروسية ردّت بوصف هذه التصريحات بأنها "تهديد مباشر"، واعتبرته محاولة متعمدة من قبل "النظام الأوكراني" لإفساد المناسبة، الأمر الذي يعكس عمق الأزمة النفسية والسياسية بين البلدين، ويظهر كيف أصبحت المناسبات الوطنية ساحات إضافية للمواجهة الرمزية والدعائية، إلى جانب الصراع العسكري المستمر منذ فبراير 2022.


وفي خضم هذا التوتر، أطلق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مبادرة غير متوقعة نسبيًا، تمثلت في اقتراح إجراء محادثات مباشرة مع الجانب الأوكراني في 15 مايو الجاري بمدينة إسطنبول التركية، تحت شعار السعي نحو "سلام دائم طويل الأمد". المفارقة هنا أن هذه المبادرة جاءت في وقت يتهم فيه الكرملين كييف بالتصعيد، ما يثير تساؤلات حول توقيت الدعوة وأهدافها الفعلية، خاصة في ظل أن بوتين نفسه لم يُظهر، منذ اندلاع الحرب، مرونة كبيرة تجاه تقديم تنازلات جوهرية.

دعم أمريكي


المبادرة لقيت دعمًا من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وهو ما يعكس أبعادًا دولية للحراك الروسي الأخير، قد تكون محاولة لكسب شرعية سياسية خارجية أو لخلق توازن دعائي في مواجهة الاتهامات الغربية لروسيا.


من المهم الإشارة إلى أن الحرب الروسية الأوكرانية، التي اندلعت في 24 فبراير 2022، أسفرت عن مئات الآلاف من القتلى والجرحى، وتسببت في أكبر أزمة جيوسياسية بين روسيا والغرب منذ الحرب الباردة، لا سيما أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962. وبالتالي، فإن أي حديث عن مفاوضات سلام لا بد أن يُقرأ في ضوء هذه الخلفية المتوترة والمعقدة، مع الأخذ في الاعتبار أن روسيا تطالب، كما قال بوتين، بإزالة "الأسباب الجذرية" للنزاع، وهي أسباب تختلف جذريًا في تعريفها وتصورها بين موسكو وكييف.

الأزمة الأخيرة تعكس أحد أوجه الحرب الحديثة، حيث تلتقي الرمزية التاريخية بالتصعيد السياسي والعسكري. وبينما تسعى موسكو لاستثمار المناسبة الوطنية لتأكيد شرعية خطابها، تحاول كييف التأثير على هذا السياق من خلال رسائل تعكس قدرتها على زعزعة الرمزية الروسية. وفي المقابل، تطرح روسيا مبادرة سلام تبدو، في ظاهرها، متقدمة لكنها تفتقر حتى الآن إلى مؤشرات حقيقية على المرونة أو التغيير في نهجها السياسي والعسكري.

موضوعات متعلقة