اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

بين تعقيد الاستعادة ووعود التسوية.. هل بدأت واشنطن وموسكو في كسر جليد القطيعة؟

بوتين وترامب
بوتين وترامب

تشير التصريحات الأخيرة الصادرة عن المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، إلى أن العلاقات الروسية-الأمريكية تشهد محاولات بطيئة لاستعادة الاتصال بعد فترة من القطيعة شبه التامة، وصفتها بأنها "حالة انقطاع تام". وبينما تُبذل جهود لإحياء الحوار عبر مسارات متعددة، يبقى المشهد معقّداً ومحفوفاً بالتحديات، لا سيما في ظل استمرار تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، والتباعد السياسي العميق بين موسكو وواشنطن.

زاخاروفا، التي تحدثت لوكالة "تاس" الرسمية، لم تُفصح عن طبيعة هذه المسارات أو تفاصيل القنوات التي يُعاد تفعيلها، لكنها ألمحت إلى أن استعادة العلاقات لن تكون "أمراً هيناً"، بما يوحي بأن العقبات لا تزال كبيرة. ومع ذلك، فإن مجرّد الحديث عن إعادة التواصل يعكس تغيراً تكتيكياً في السياسة الخارجية الروسية، ربما نتيجة لمتغيرات ميدانية أو ضغوط داخلية وخارجية.

مرونى روسية

في المقابل، جاءت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتضيف بعداً جديداً ومثيراً للجدل في هذا السياق. فقد وصف ترامب وقف روسيا لتقدمها العسكري نحو السيطرة الكاملة على أوكرانيا بـ"تنازل رائع"، وهو تعبير يحمل في طيّاته رسائل مزدوجة: من جهة يُفسَّر على أنه محاولة للإشادة بمرونة موسكو، ومن جهة أخرى يُثير مخاوف من تطبيع أمريكي محتمل مع المكاسب الجيوسياسية التي حققتها روسيا في أوكرانيا.

ترامب، الذي أبدى خلال لقائه برئيس وزراء النرويج تفاؤلاً غير مسبوق بإمكانية التوصل إلى اتفاق سلام، لم يكتفِ بالإشارة إلى تجاوب روسيا، بل تحدث أيضاً عن استعداد كييف والاتحاد الأوروبي للموافقة على تسوية. هذا التفاؤل، وإن كان يعكس رغبة في إنهاء النزاع، إلا أنه يصطدم بواقع ميداني وسياسي معقّد، تتداخل فيه المصالح الأوروبية، والمواقف الأوكرانية الرافضة للتفريط في الأراضي، والعقوبات الغربية المفروضة على موسكو.

مرحلة جديدة

وفي أكثر التصريحات إثارة للجدل، أشار ترامب إلى أن شبه جزيرة القرم "سُلّمت إلى روسيا دون إطلاق رصاصة واحدة"، في ما يبدو وكأنه اعتراف بالأمر الواقع الذي فرضته روسيا عام 2014. هذا الطرح يُعد تحوّلاً مقلقاً، خصوصاً إذا قورن بالمواقف الرسمية للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، التي تعتبر ضم القرم غير شرعي. ويُخشى أن يُضعف هذا التوجه الموقف الأوكراني التفاوضي، ويفتح الباب أمام مزيد من التنازلات المفروضة بقوة الأمر الواقع.

تبدو العلاقات الروسية-الأمريكية على عتبة مرحلة جديدة من التقييم وإعادة التموضع. فبين مبادرات خجولة لإعادة فتح قنوات الاتصال، وتصريحات أمريكية قد تُفهم على أنها تخفيف لهجة أو تهيئة لتسوية مشروطة، يبقى مستقبل الأزمة الأوكرانية ورقة ضغط أساسية في حسابات موسكو وواشنطن. أما السؤال الأكثر إلحاحاً، فهو: هل يمكن أن تؤدي هذه المؤشرات إلى سلام عادل، أم إلى "تسوية مؤقتة" تُكرس واقعاً جديداً فرضته القوة لا القانون؟.

موضوعات متعلقة