تصعيد مقلق في بورتسودان.. الطائرات المسيّرة تفتح جبهة جديدة في الحرب السودانية

في تطور خطير وغير مسبوق ضمن الحرب المستمرة في السودان منذ أبريل 2023، تعرضت مدينة بورتسودان، الثلاثاء، لهجمات بطائرات مسيّرة استهدفت منشآت استراتيجية ومدنية، أبرزها الميناء البحري، المطار الدولي، مخازن للوقود، وفندق كورال الشهير. هذا التصعيد النوعي يُعد الأول من نوعه في المدينة، التي ظلت طوال النزاع الحالي ملاذاً آمناً نسبياً، ومقراً للحكومة السودانية ومركزاً للعمليات الإنسانية والدبلوماسية.
تفاصيل الهجوم وتداعياته
بحسب مصادر محلية، تصاعدت ألسنة اللهب والدخان في محيط الميناء الجنوبي نتيجة الهجمات، فيما استهدفت ضربات أخرى مطار بورتسودان الدولي — وهو المنفذ الجوي الوحيد الذي لا يزال يعمل في البلاد — ما أدى إلى تعليق حركة الطيران وإجلاء الركاب والموظفين. كما طالت الهجمات مخزناً للمشتقات النفطية ومنشآت أخرى حيوية، مما يهدد إمدادات الوقود والمواد الأساسية.
اللافت أن هذه ثاني مرة في أقل من أسبوع تُستهدف فيها المدينة، حيث سبق أن هوجم مطار بورتسودان وقاعدة عثمان دقنة الجوية، وأسفرت الهجمات عن أضرار مادية دون تسجيل إصابات بشرية، بحسب تصريحات الناطق الرسمي باسم الجيش السوداني.
دلالات التصعيد
الهجوم على بورتسودان يحمل أبعاداً استراتيجية خطيرة:
نقل المعركة إلى الشرق: يمثل استهداف بورتسودان انتقال الحرب من مركزها في الخرطوم ودارفور إلى الشرق، ما يفتح جبهة جديدة في الصراع.
شل الحركة اللوجستية: كون المدينة تضم الميناء البحري الرئيسي للبلاد ومرافق لتخزين النفط ومطاراً دولياً، فإن ضربها يعطل شريان الحياة الاقتصادي والإنساني للسودان.
استخدام مكثف للمسيّرات: يبرز تطور نوعي في تكتيكات قوات الدعم السريع، حيث انتقلت من الاشتباك البري إلى حرب مسيرات تستهدف العمق العسكري والاقتصادي لمناطق سيطرة الجيش.
مواقف إقليمية
أدانت مصر الهجمات بشدة، ووصفتها بـ"الاستهداف المكثف غير المقبول للبنية التحتية المدنية"، محذّرة من أثرها السلبي على جهود وقف إطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية، كما أكدت ضرورة احترام القانون الدولي الإنساني ورفض استهداف المدنيين.
الخلفية والسياق الأوسع
الصراع السوداني الممتد منذ أبريل 2023، نشأ من خلاف عسكري حاد بين الجيش وقوات الدعم السريع، في سياق انتقال هش إلى الحكم المدني بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير. تطورت المواجهات إلى حرب شاملة، خلفت كارثة إنسانية مروعة، حيث نزح أكثر من 12 مليون شخص، ويعيش نصف السكان تقريباً في حالة جوع حاد.
ورغم تراجع الدعم السريع من مناطق مركزية في البلاد، فإن الجماعة المسلحة تبنّت تكتيك الاستنزاف عبر المسيّرات، في محاولة للضغط على الجيش وإرباك بنيته اللوجستية، خاصة في مناطق مثل بورتسودان، التي تُعد حيوية على مستوى التمويل والإمداد والاستيراد.
الهجمات على بورتسودان قد تشكّل منعطفاً حرجاً في الحرب السودانية، إذ تُهدد بخنق ما تبقى من ممرات الإغاثة والنشاط الدبلوماسي. كما تثير المخاوف من اتساع رقعة الصراع إلى الشرق، مما ينذر بمزيد من المعاناة للشعب السوداني، ويزيد من تعقيد جهود الوساطة ووقف إطلاق النار.