اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

كشمير مجددًا على شفير الحرب.. تصعيد عسكري بين الهند وباكستان يستنفر المجتمع الدولي

الحرب بين الهند وباكستان
الحرب بين الهند وباكستان

تعود شبه القارة الهندية لتتصدر المشهد الدولي، بعد تصاعد خطير في التوترات العسكرية بين الهند وباكستان، على خلفية شنّ القوات الهندية هجمات على مناطق تابعة للشطر الباكستاني من إقليم كشمير المتنازع عليه. هذه التطورات أعادت إلى الأذهان خطر اندلاع مواجهة مباشرة بين اثنتين من الدول النووية في آسيا، ما أثار قلقًا عالميًا واسعًا ودعوات متكررة لضبط النفس.


كشمير نار تحت الرماد


الصراع حول كشمير ليس وليد اللحظة، بل هو امتداد لنزاع تاريخي منذ استقلال الهند وباكستان عن بريطانيا في عام 1947، حين نشبت أولى الحروب الثلاث بين الجانبين بسبب هذا الإقليم الجبلي. ومنذ ذلك الحين، بقي كشمير مصدرًا دائمًا للتوتر، وتحديدًا "خط المراقبة" الذي يقسم الإقليم فعليًا بين الهند وباكستان.


وفي أحدث فصول التصعيد، أعلنت وزارة الدفاع الهندية شنّ هجمات على تسعة أهداف داخل الأراضي الخاضعة لسيطرة باكستان في كشمير، ما دفع إسلام آباد إلى الرد بإطلاق قصف مدفعي على طول خط المراقبة. ورغم محدودية الهجمات من حيث الحجم، إلا أن رمزيتها السياسية والعسكرية كبيرة، وتشير إلى مرحلة جديدة من التصعيد غير المسبوق منذ سنوات.


دعوات إلى التهدئة وتحذيرات من الانزلاق


سارعت القوى الدولية الكبرى إلى التعبير عن قلقها، إذ دعت الصين، التي ترتبط بتحالف استراتيجي مع باكستان في إطار "الحزام والطريق"، الطرفين إلى الحفاظ على الاستقرار، محذرة من تعقيد الموقف الإقليمي، خاصة في ظل توتر العلاقات بين بكين ونيودلهي بسبب النزاعات الحدودية في الهيمالايا.


الولايات المتحدة، التي تربطها مصالح استراتيجية وعلاقات دفاعية مع الهند، اكتفت بموقف عام، أعرب فيه الرئيس السابق دونالد ترمب عن أمله في "احتواء الأزمة بسرعة"، بينما أكد وزير الخارجية ماركو روبيو أن الوضع يخضع للمراقبة الدقيقة.

أما روسيا، الحليف التقليدي للهند، فقد اتخذت موقفًا أقرب للوسيط الحذر، داعية الطرفين إلى "ضبط النفس وتجنب التصعيد"، وهو الخط ذاته الذي تبنته الأمم المتحدة، إذ شدد أمينها العام أنطونيو غوتيريش على أن العالم "لا يستطيع تحمل صراع عسكري بين قوتين نوويتين".


بريطانيا ومصر تدخلان على خط الوساطة


برزت بريطانيا في هذه الأزمة كمحاور نشط، حيث أعربت عن استعدادها للعب دور في تهدئة التصعيد، داعية إلى "الحوار وخفض التوتر". كما حذّرت رعاياها من السفر إلى مناطق التوتر، خصوصًا الحدود القريبة من كشمير وبلوشستان، وهي خطوة تعكس مدى قلق لندن من الانزلاق إلى نزاع واسع.
كذلك أعربت مصر عن بالغ قلقها من تطورات الأحداث، ودعت في بيان رسمي إلى ضبط النفس وتفعيل المساعي السلمية، ما يؤكد بُعد الأزمة واهتمام أطراف إقليمية ودولية متعددة بتداعياتها المحتملة.


التوتر المتصاعد خطر نووي غير مباشر


ما يضفي خطورة مضاعفة على هذه المواجهة هو الطبيعة النووية للطرفين؛ فالهند وباكستان تمتلكان أسلحة نووية منذ أكثر من عقدين، وكانت هناك لحظات اقتربتا فيها من استخدام تلك الأسلحة، أبرزها في أزمة كارجيل عام 1999. التصعيد الأخير، وإن لم يصل بعد إلى مستوى التعبئة الشاملة، إلا أنه يثير مخاوف من "حرب غير تقليدية"، خصوصًا مع عدم وجود قنوات حوار مفتوحة بفعالية بين البلدين.

دبلوماسية استباقية


الوضع في جنوب آسيا يُمثّل اختبارًا حقيقيًا لفعالية الدبلوماسية الدولية في إدارة الأزمات النووية المحتملة. في ظل تصاعد الخطاب العسكري وتبادل القصف، يبقى الخطر الأكبر هو سوء التقدير أو الخطأ الاستراتيجي الذي قد يجر المنطقة إلى نزاع لا تُحمد عقباه. كما أن تباين المواقف الدولية - بين الحذر، والانحياز الضمني، والدعوات العامة - يُضعف الضغط الفعلي على الطرفين.
وفي الوقت الذي تُركّز فيه أنظار العالم على أوكرانيا والشرق الأوسط، فإن التصعيد بين الهند وباكستان يُعيد التذكير بأن الصراعات الإقليمية المزمنة لا يمكن تجاهلها، خصوصًا إذا ما اقترنت بعوامل قومية، دينية، ونووية. فهل تنجح جهود الوساطة في كبح الانفجار القادم؟ أم أن كشمير ستعود لتكون شرارة لحرب جديدة في قلب آسيا؟.

موضوعات متعلقة