نقل 70 ألف طفل إلى المستشفيات بسبب سوء التغذية الحاد في قطاع غزة

مع استمرار إغلاق إسرائيل للمعابر لأكثر من شهرين متتاليين، أعلنت السلطات الصحية في غزة عن وصول سبعين ألف طفل إلى المستشفيات بسبب سوء التغذية الحاد، نتيجة منع إدخال حليب الأطفال والمكملات الغذائية وكافة أشكال المساعدات الإنسانية، محذرة من خطر وفاة أكثر من ثلاثة آلاف وخمسمئة طفل بسبب الجوع ونقص الغذاء.
من جهتها، أفادت وزارة الصحة في غزة بأن الجيش الإسرائيلي يمنع المؤسسات الدولية والأممية من الوصول إلى أماكن تخزين الوقود المخصص للمستشفيات، بحجة أنها تقع في مناطق "حمراء".
كما دعت وكالة الأونروا إلى ضرورة إدخال لقاحات الأطفال التي يُمنع دخولها منذ فرض إسرائيل الحصار الشامل على غزة قبل تسعة أسابيع.
أوضاع إنسانية تزداد صعوبة في ظل استمرار الأعمال القتالية، حيث استقبلت المستشفيات خلال الساعات الماضية عشرات الضحايا والجرحى، من بينهم خمسة عشر فلسطينيا قتلوا في غارة استهدفت منزلا سكنيا شرق مدينة غزة، ولا يزال عدد من المفقودين تحت الأنقاض.
مطابخ غزة تحذر من نفاد الطعام خلال أيام بعد شهرين من الحصار الإسرائيلي
لاشك في أنه بات من العسير حصول سكان قطاع غزة بشكل عام على وجبة ساخنة، لكن الجائعين في الجنوب يوشك ألا تصل إليهم وجبة طعام إلا على ظهر دابة أو فوق عربة يجرها حمار.
يقول سامي مطر، قائد فريق أنيرا وهي منظمة إنسانية مقرّها الولايات المتحدة: "يعتمد الناس على وجباتنا؛ فليس لديهم مصدر دخل لشراء ما تبقى في الأسواق المحلية، والعديد من الأطعمة غير متوافر".
وقارن بين الوضع السابق والحالي قائلاً: "في الماضي، كنا نطهو الأرز مع أي نوع من البروتين، والآن، وبسبب إغلاق المعابر، لا يوجد أي نوع من اللحوم، ولا الخضراوات الطازجة".
ويُحذّر مطر من أن عشرات المطابخ المتبقية على وشك الإغلاق خلال أيام، بعد شهرين من قطع إسرائيل جميع الإمدادات عن غزة.
وقال وهو يتجول في مستودع فارغ جنوب غزة: "ستكون الأيام القادمة حاسمة. نتوقع ألا يكون لدينا ما يكفي من المؤن سوى لأسبوعين، وربما أقل".
في الثاني من مارس الماضي، أغلقت إسرائيل جميع المعابر المؤدية إلى غزة، مانعةً دخول جميع البضائع، وعلى رأسها الغذاء والوقود والأدوية. وبعد أسبوعين، استأنفت هجومها العسكري، منهيةً بذلك هدنة استمرت لشهرين مع حماس، قائلة إن هذه الخطوات تهدف إلى الضغط على الحركة الفلسطينية لإطلاق سراح الرهائن الذين لا تزال تحتجزهم.
ومؤخراً، أعلن كلٌّ من برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، ووكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) استنفاد جميع مخزوناتهما من المساعدات الغذائية.
ومن ناحية أخرى، هناك ضغوط دولية متزايدة على إسرائيل لرفع حصارها، مع تحذيرات من مجاعة جماعية وشيكة، ومن أن تجويع المدنيين عمداً يُعد جريمة حرب.
وحذر توم فليتشر، منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، يوم الخميس، قائلاً: "لا ينبغي أبداً أن تكون المساعدات، وأرواح المدنيين التي تنقذها، ورقة مساومة".
وأضاف أن منع المساعدات "يُجوّع المدنيين، ويحرمهم من أبسط الدعم الطبي الأساسي، ويسلبهم كرامتهم وأملهم، ويفرض عليهم عقاباً جماعياً قاسياً. إن منع المساعدات يُفضي إلى القتل".
وأضاف مطر أنه إذا لم ترفع إسرائيل حصارها على غزة - وهو الأطول على الإطلاق - فإن المطابخ التي تعد طوق النجاة الأخير للكثيرين من سكان القطاع المنكوب، لن تجد ما توزعه قريباً؛ فقد نفدت تقريباً جميع المواد الغذائية المخزنة خلال وقف إطلاق النار في بداية هذا العام.
وقال مطر: "كنا نستقبل أكثر من 100 شاحنة أسبوعياً، شاحنات محملة بالمواد الغذائية ومستلزمات النظافة. أما الآن، فلا شيء لدينا".
وأوضح قائلاً "إننا نكافح لتوفير مواد غذائية كالأرز والعدس والمعكرونة وزيت الطهي والملح لمطابخنا. وشراء كيلوجرام واحد من الخشب مُكلف للغاية، ونحن بحاجة إلى أكثر من 700 كيلوجرام يومياً للطهي".
تتهم إسرائيل حماس بسرقة المساعدات الإنسانية وتخزينها، لتقديمها لمقاتليها أو بيعها لجني الأموال.
وتنفي الأمم المتحدة وهيئات أخرى تحويل مسار المساعدات، مؤكدةً أن لديها آليات مراقبة صارمة.