استهداف النازحين والمنشآت المدنية.. التصعيد الإسرائيلي في غزة يُفاقم الكارثة الإنسانية

تشهد الساحة الغزّية تصعيداً عسكرياً إسرائيلياً متواصلاً يضاعف حجم المأساة الإنسانية، ويعيد تسليط الضوء على الكلفة البشرية الثقيلة للحرب المستمرة منذ السابع من أكتوبر 2023. وفي أحدث فصول هذا التصعيد، قُتل عدد من المدنيين الفلسطينيين وأصيب آخرون، جرّاء غارات مكثفة استهدفت مناطق متفرقة شمالاً وجنوباً، في جباليا وخان يونس، وشملت مدارس ونقاطاً طبية وخيام نازحين.
استهداف مباشر للمدنيين ومرافق الإغاثة
القصف الإسرائيلي طال نقطة طبية مجاورة لمدرسة حلاوة في جباليا، وأدى إلى مقتل ثلاثة مدنيين على الأقل، وإصابة آخرين. واستهداف النقاط الطبية يُعدّ خرقاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، إذ تُصنّف هذه المرافق على أنها "أعيان محمية" لا يجوز مهاجمتها. كما شن الطيران الحربي غارات على خيام تأوي نازحين في منطقة العطّار بمواصي خان يونس، مما أسفر عن مقتل شخص وإصابة عدد من المدنيين الذين فرّوا سابقاً من مناطق القتال.
تكرار استهداف المدارس ومراكز الإيواء
في استمرار لنمط استهداف المدارس، قصف الجيش الإسرائيلي مدرستين تؤويان نازحين –إحداهما في جباليا والأخرى في مدينة غزة– مساء الأحد، مما أدى إلى مقتل ثمانية أشخاص على الأقل وإصابة العشرات. كما قُصفت مدرسة الحرية في حي الزيتون، وأخرى قرب دوار حلاوة في جباليا، ما خلّف قتلى وجرحى، بينهم أطفال.
مشهد متكرر من المجازر والدمار
المشهد الفلسطيني بات مألوفاً: فلسطينيون يشيّعون ذويهم وسط الركام، ومشاهد دامية لجثث الأطفال والأسر المنكوبة تتكرّر يومياً. في وسط القطاع، قُتل شخص آخر أثناء انتظاره المساعدات الغذائية، ما يسلط الضوء على تعقيد الأزمة حيث لا تقتصر المعاناة على الغارات، بل تمتد إلى صعوبة الوصول للمساعدات الأساسية.
الحصيلة المروعة: أرقام تصرخ بالصمت الدولي
وفقاً لآخر الإحصاءات الصادرة عن وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، بلغت حصيلة الضحايا منذ بدء الحرب نحو 56,500 قتيل –غالبيتهم من الأطفال والنساء– وأكثر من 133,000 جريح. أعداد الضحايا تواصل الارتفاع في ظل عجز طواقم الإسعاف عن الوصول إلى كثير من المواقع بسبب استمرار القصف وتدمير البنية التحتية.
انعكاسات سياسية وإنسانية خطيرة
الاستهداف المنهجي للمدنيين والبنية التحتية المدنية في غزة يُثير مخاوف من تعمق أزمة الثقة الدولية في المعايير الإنسانية التي يُفترض احترامها حتى في النزاعات المسلحة. كما أن تزايد عدد القتلى والمشردين يهدد بخلق جيل جديد من الغضب والانفجار في المنطقة، لا سيما في ظل غياب أي أفق سياسي للحل.
التصعيد الإسرائيلي الأخير في قطاع غزة يتجاوز حدود المعركة العسكرية إلى ما يُشبه حرب إبادة صامتة ضد المدنيين، حيث يتم استهداف المدارس، والمستشفيات، وخيام النازحين، وحتى مراكز توزيع المساعدات. في ظل هذا الواقع، تتحوّل غزة إلى ما يشبه منطقة منكوبة لا يمكن لأحد تجاهل معاناتها، رغم الصمت الدولي المتكرر.