ترامب يلوّح بصفقات جديدة.. مفاوضات تجارية مشحونة مع الصين وسط تصعيد الرسوم الجمركية

في تطور لافت على صعيد التوترات الاقتصادية بين واشنطن وبكين، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الأحد، أن إدارته تُجري اجتماعات مع عدد من الدول، بما فيها الصين، لمناقشة اتفاقيات تجارية محتملة، مؤكدًا أن أولويته في التعامل مع بكين تتركز على التوصل إلى "اتفاق تجاري عادل" يُنهي حالة الاحتكاك التجاري بين أكبر اقتصادين في العالم.
بين التصعيد والمناورة.. قراءة في تصريحات ترامب
خلال تصريحاته للصحفيين على متن طائرة الرئاسة "إير فورس وان"، أوضح ترامب أنه لا يخطط للحديث مباشرة مع الرئيس الصيني شي جين بينغ هذا الأسبوع، إلا أن الاتصالات مستمرة على مستوى المسؤولين في البلدين. وعند سؤاله عمّا إذا كان هناك إعلان وشيك لاتفاق تجاري، أجاب بأنه "من الممكن حدوث ذلك"، لكنه لم يقدم تفاصيل، ما يعكس استراتيجية الضغط والتكتم في التفاوض التي يعتمدها ترامب.
وفي مقابلة لاحقة مع شبكة NBC، أقر ترامب بأنه كان "صارمًا للغاية" مع الصين، وهو ما أدى فعليًا إلى شبه شلل في التبادلات التجارية بين البلدين، لكنه أشار إلى أن "الصين الآن تريد بشدة إبرام اتفاق"، وهو ما فسره مراقبون بأنه محاولة لتأطير الصين كطرف خاسر يسعى للتسوية، في مقابل تعزيز صورته الداخلية كقائد حاسم.
الرسوم الجمركية كسلاح تفاوضي
منذ أبريل الماضي، صعّد ترامب من وتيرة التوتر الاقتصادي عبر فرض رسوم جمركية شاملة:
10% على معظم الدول،
25% على الصلب والألومنيوم والسيارات،
وفرض رسوم تصل إلى 145% على السلع الصينية.
في الوقت ذاته، تُجري واشنطن مفاوضات مع أكثر من 15 دولة لتوقيع اتفاقيات تجارية تتيح تجنب هذه الرسوم، وهو ما يُشير إلى رغبة في إعادة هندسة النظام التجاري العالمي بما يخدم مبدأ "أمريكا أولًا".
ورقة ضغط جديدة
كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن الصين تدرس الرد على مخاوف أمريكية تتعلق بتورطها المفترض في تجارة الفنتانيل، وهي مادة مخدرة صناعية تسبب أزمة صحية داخل الولايات المتحدة. هذا البُعد غير الاقتصادي في المفاوضات يُظهِر كيف تتداخل القضايا الأمنية والصحية مع السياسات التجارية، ما يعقّد مسار الوصول إلى تسوية شاملة.
تصريحات ترامب، وإن بدت تصالحية في ظاهرها، إلا أنها جزء من استراتيجية تفاوضية هجومية:
تصعيد الضغط الاقتصادي عبر الرسوم،
ثم الانفتاح على اتفاق مشروط بعد إذعان الطرف الآخر، مع تصوير أي تنازل من الخصم كـ"انتصار دبلوماسي".
المشهد العام
تخوض الولايات المتحدة معركة تجارية مع الصين تتجاوز الأرقام الجمركية لتلامس مستقبل النفوذ الاقتصادي العالمي، حيث يسعى ترامب إلى كبح صعود الصين عبر أدوات الاقتصاد، مستغلًا مخاوف الأمن القومي وتغير توازنات التجارة العالمية.
تصريحات ترامب تشير إلى تحركات تكتيكية مدروسة لإعادة صياغة النظام التجاري بما يتماشى مع الرؤية الترامبية، لكن نجاح هذه المقاربة يعتمد على قدرة الصين على المناورة، وعلى استعداد الدول الأخرى لمجاراة أو مقاومة الضغوط الأمريكية.