أوكرانيا ترفض هدنة يوم النصر.. زيلينسكي يشترط وقفاً دائماً للنار ويُحذر ضيوف موسكو

في تصعيد جديد على جبهة الحرب الروسية الأوكرانية، رفضت كييف عرضاً روسيا بوقف مؤقت لإطلاق النار بين 9 و11 مايو الجاري، بالتزامن مع احتفالات موسكو بـ"يوم النصر". ورغم أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أبدى استعداداً لوقف طويل لإطلاق النار لمدة لا تقل عن 30 يوماً، إلا أنه شدد على أن "العروض القصيرة الأجل" لا تُسهم في تحقيق سلام مستدام، واعتبر الهدنة الروسية مجرد "عرض مسرحي" هدفه تحسين صورة الرئيس فلاديمير بوتين أمام ضيوف الاحتفال، لا إنهاء الحرب.
شكوك أوكرانية تجاه نوايا موسكو
هذا الموقف يعكس بوضوح حجم الشكوك الأوكرانية تجاه نوايا موسكو، ويعيد التأكيد على مطلب كييف المتكرر: لا سلام دون ضغط اقتصادي على روسيا، خصوصاً عبر عقوبات تطال قطاع الطاقة والبنوك. ورغم أن أوكرانيا قبلت في وقت سابق عرضاً أميركياً لهدنة لمدة شهر، إلا أن أي مقترحات روسية تُقابل بمزيد من التوجس.
القصف الروسي الذي استهدف العاصمة كييف في الليلة نفسها التي صدر فيها عرض الهدنة، عزز من موقف زيلينسكي، حيث أدى القصف بطائرات مسيرة إلى أضرار في مبانٍ سكنية واشتعال حرائق في أنحاء متفرقة من المدينة. هذا التصعيد الميداني يتناقض بشكل صارخ مع خطاب الهدنة، ويُضعف الثقة في مصداقية الطرح الروسي.
تحولات في الموقف الأميركي
في الخلفية، تلعب التحولات في الموقف الأميركي دوراً محورياً. فبعد فتور العلاقات بين إدارة زيلينسكي والرئيس الأميركي السابق والمحتمل القادم دونالد ترمب، عادت الاتصالات مؤخراً إلى مسار إيجابي، خصوصاً بعد لقاء بينهما في الفاتيكان، وصفه زيلينسكي بأنه "أفضل محادثة" مع الزعيم الأميركي حتى الآن. لكن رغم هذه الانفراجة، لوّحت واشنطن، وكذلك الاتحاد الأوروبي، بعدم الاستمرار في لعب دور الوسيط إذا استمر الجمود التفاوضي، ما يضع ضغوطاً إضافية على كييف لتقديم رؤية واقعية للسلام.
التصريحات المتبادلة، من كييف وموسكو وواشنطن، تُظهر أن مشهد الصراع لا يزال بعيداً عن نهايته. وبينما تدفع أوكرانيا باتجاه هدنة طويلة تتبعها مفاوضات جدية، تُراهن روسيا على المبادرات الرمزية لتهدئة المخاوف مؤقتاً، دون التزامات واضحة. أما الغرب، الذي دعم كييف بقوة منذ بداية الحرب، فيبدو أقرب الآن إلى إعادة تقييم جدوى الاستمرار في لعب دور الوسيط، ما قد يضعف موقع أوكرانيا في أي مفاوضات مقبلة.
قلق أوكراني
القلق الأوكراني من انسحاب داعميها الغربيين من مفاوضات السلام ليس بلا أساس، خاصة في ظل تغير أولويات بعض العواصم الغربية مع تصاعد ملفات داخلية أو أزمات أخرى على الساحة الدولية. وهو ما عبّر عنه زيلينسكي حين قال بمرارة: "هناك إشارات إلى أن بعض الدول سترغب في تركنا بمفردنا مع الروس".
إجمالاً، تتجه الأزمة الأوكرانية الروسية إلى مفترق حساس: فإما هدنة حقيقية تُبنى عليها تسوية طويلة الأمد، أو استمرار الحرب في ظل عزلة تفاوضية محتملة، وصعود متجدد للمواجهة الميدانية.