زيارة الرئيس جوزيف عون إلى أبوظبي.. انفتاح لبناني على الدعم الإماراتي في ظل أزمة متعددة الأوجه

في سياق الأزمة السياسية والاقتصادية المعقدة التي تعصف بلبنان، تأتي زيارة الرئيس اللبناني جوزيف عون إلى العاصمة الإماراتية أبوظبي كمحاولة لإعادة فتح نوافذ الدعم الإقليمي والدولي، عبر بوابة العلاقات الثنائية مع دولة الإمارات العربية المتحدة. الزيارة التي تمتد ليومين، تمثل خطوة دبلوماسية لافتة في توقيتها ومضامينها، خاصة أنها تأتي وسط انسداد سياسي داخلي وتأزم اقتصادي مستمر منذ أعوام.

مضامين البيان اللبناني - الإماراتي المشترك:

البيان الذي صدر بالتزامن مع الزيارة، أكد على عدة محاور استراتيجية أبرزها:

1. تأكيد الدعم السياسي

الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، جدّد التزام بلاده بدعم أمن واستقرار وسيادة لبنان، وهو تصريح يعكس استمرار الاهتمام الإماراتي بالملف اللبناني رغم تراجع الزخم العربي العام تجاهه في السنوات الأخيرة.

2. تعزيز العلاقات الثنائية
أبدى الرئيس جوزيف عون حرصه على توطيد العلاقات الثنائية، مشيدًا بالدعم الذي قدمته الإمارات للبنان، سواء من خلال المساعدات الإنسانية أو التعاون الإنمائي.

3. التنقل والتمثيل الدبلوماسي

أحد البنود اللافتة في البيان تمثّل في التأكيد على "السماح بسفر المواطنين بعد اتخاذ الإجراءات اللازمة"، وهي إشارة إلى انفتاح في حركة التنقل قد تكون له أبعاد اقتصادية واجتماعية، إضافة إلى التطلع إلى رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي، ما قد يفسَّر كمؤشر على نية سياسية للارتقاء بمستوى التعاون الرسمي.

4. التعاون الاقتصادي والإنمائي
تم الاتفاق على إنشاء مجلس أعمال مشترك بين البلدين، وهو إطار مؤسسي للتنسيق الاستثماري والتجاري، إضافة إلى إرسال وفد من "صندوق أبوظبي للتنمية" إلى لبنان لتقييم مشروعات التعاون المحتملة، ما يوحي بانفتاح على شراكات اقتصادية مشروطة بالجدوى والشفافية.

السياق السياسي والاقتصادي للزيارة

تأتي هذه الزيارة في وقت يعاني فيه لبنان من فراغ رئاسي طويل، وتراجع في قيمة العملة، وانهيار في الخدمات الأساسية، إضافة إلى انسداد داخلي حاد يمنع إقرار إصلاحات هيكلية ضرورية للحصول على دعم دولي. في هذا السياق، يُنظر إلى تحركات جوزيف عون، الذي يُطرح اسمه في بعض الأوساط كمرشح توافقي محتمل للرئاسة، على أنها تحمل أبعاداً أبعد من كونها بروتوكولية فقط، بل قد تعكس طموحاً سياسياً مدعوماً بحراك دبلوماسي خارجي.

تمثل زيارة الرئيس اللبناني إلى الإمارات وإصدار بيان مشترك خطوة دبلوماسية تهدف إلى إعادة تموضع لبنان إقليمياً، في ظل البحث عن دعم سياسي ومالي يُمكن أن يسهم في تخفيف أعباء الأزمة. غير أن تحقيق الأهداف المعلنة يظل مرهوناً بقدرة السلطة اللبنانية على إحداث تغيير داخلي حقيقي، خاصة على صعيد الحوكمة والشفافية.