المفاوضات النووية بين إيران والغرب.. تصعيد أميركي ودور أوروبي متراجع

تشهد الساحة الدولية جولة جديدة من التوترات المرتبطة بالملف النووي الإيراني، في ظل تباين حاد في المواقف بين طهران وواشنطن، وتراجع الدور الفاعل لدول الترويكا الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا). ومع اقتراب جولة المفاوضات الرابعة غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، والمقررة في العاصمة الإيطالية روما، يطفو إلى السطح من جديد واقع هش ومضطرب يُلقي بظلاله على فرص التوصل إلى أي انفراجة دبلوماسية قريبة.
الخطوط العامة للأزمة
عقوبات أميركية جديدة.. رسائل سلبية في توقيت حساس: فرضت وزارة الخزانة الأميركية، في 22 أبريل، حزمة عقوبات جديدة استهدفت ما وصفته بقطب الغاز الإيراني "سيد إمام جمعة" وشبكة تجارية على صلة بالحرس الثوري. كما اتسعت دائرة العقوبات لتشمل شبكة إيرانية-صينية يُزعم تورطها في شراء مكونات تستخدم في صناعة وقود الصواريخ الباليستية. هذه الخطوات، وإن كانت تبدو جزءاً من الضغوط القصوى المعتادة، إلا أن توقيتها أثناء المفاوضات يطرح تساؤلات حول جدية واشنطن في التوصل إلى تفاهم، بحسب ما عبّر عنه وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الذي وصف العقوبات بـ"الإجراءات الاستفزازية" التي تبعث برسائل سلبية وتشوش على مسار الحوار.
الدور الأوروبي المتراجع.. وتحذيرات من انزلاق
أبدى عراقجي امتعاضه من أداء دول الترويكا الأوروبية، مشيراً إلى أنها باتت "أقل فاعلية" في العملية التفاوضية، بسبب ما وصفه بـ"السياسات الخاطئة". ويبدو أن طهران تسعى إلى إعادة تفعيل الدور الأوروبي عبر اجتماعات تمهيدية ستُعقد في روما قبل يوم من بدء المفاوضات مع واشنطن، لكن ضعف الموقف الأوروبي، مقارنة بالنفوذ الأميركي، يعكس هشاشة الدور الأوروبي كوسيط بين الطرفين.
مفاوضات غير مباشرة بوساطة عمانية
الجولة المقبلة ستكون الرابعة في سلسلة محادثات غير مباشرة بين إيران وواشنطن، وتتم عبر وساطة سلطنة عمان. الجولة الثالثة، التي عقدت في مسقط، استمرت نحو ست ساعات، ووُصفت بأنها "بناءة"، لكنها لم تفضِ إلى أي تقدم حقيقي. الإصرار على استمرار الحوار يدل على وجود مساحة للتحرك، رغم التحديات، لكن استمرار فرض العقوبات يزيد من حالة عدم الثقة المتبادلة.
خلفية الاتفاق النووي
تعود الأزمة إلى الانسحاب الأميركي الأحادي من الاتفاق النووي في 2018 خلال ولاية الرئيس دونالد ترمب، وإعادة فرض العقوبات على إيران، ما دفع الأخيرة إلى تجاوز قيود الاتفاق بشكل متسارع. رغم نفي طهران الدائم لسعيها إلى امتلاك سلاح نووي، تشير تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى تخصيبها لليورانيوم بنسبة تصل إلى 60%، وهو ما يقترب من العتبة التقنية اللازمة لصناعة السلاح النووي (90%).
المشهد التفاوضي يبدو معقداً ومشحوناً بالتناقضات: من جهة، هناك رغبة متبادلة –وإن كانت مشروطة– في استمرار الحوار؛ ومن جهة أخرى، تُلقي الإجراءات الأميركية أحادية الجانب بظلال من الشك على فرص النجاح. أما الأوروبيون، فهم عالقون بين رغبتهم في إنقاذ الاتفاق وافتقادهم للقدرة على التأثير الحقيقي. وإذا لم يتم احتواء التوتر عبر خطوات بناء ثقة حقيقية، فإن المفاوضات في روما قد تتحول من فرصة دبلوماسية إلى حلقة جديدة من مسلسل التصعيد والانهيار.