الولايات المتحدة وسوريا.. التحديات الاستراتيجية والمصالح المتشابكة في صراع الشرق الأوسط
ذكر موقع "بلومبيرج" أن الولايات المتحدة لا يمكنها ولا ينبغي لها أن "تتولى القيادة" بشكل كامل في سوريا، لكن يمكنها عقد اللقاءات حول هذا الموضوع، ويجب عليها أن تستفيد من هذه القدرة. وفي هذا السياق، نقل الموقع تصريحات الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، التي قال فيها إن سوريا ليست صديقة لأمريكا، ولا هي التي تقاتلها، ولكنها في الوقت نفسه تمثل معركة حيوية لأصدقاء أمريكا. وأكد ترامب أن ما يحدث في سوريا سيكون له تأثير هائل على المسار المستقبلي للشرق الأوسط، وعلى المصالح الأمريكية فيه.
وأوضح الموقع أن ترامب، مثل سابقيه من الرؤساء الأمريكيين، سواء كان جو بايدن أو باراك أوباما، كان محقًا في عدم التورط المباشر في الصراع السوري. لذلك، اقتصر التدخل الأمريكي على منع تنظيم "داعش" من السيطرة على مزيد من الأراضي في سوريا. وبناء على ذلك، فإن القوات الأمريكية المتبقية في سوريا، والبالغ عددها نحو 900 جندي، من المتوقع أن تنسحب في المستقبل القريب. ومع ذلك، يرى الموقع أن هذا الاستثمار المحدود في المنطقة سيظل ضروريًا أكثر من أي وقت مضى لضمان أمرين هامين: الأول هو عدم عودة تنظيم "داعش" إلى الساحة في سوريا وسط الفوضى، والثاني هو منع إيران ووكلائها من تحويل طريق بغداد-دمشق إلى ممر لإعادة إمداد حزب الله وزعزعة استقرار المنطقة.
وذكر الموقع أنه فيما يخص المصالح الأمريكية، فإن الولايات المتحدة لا تستطيع تجاهل المصالح الحيوية لحلفائها في المنطقة، بما في ذلك تركيا. كما أن عمليات إسرائيل في سوريا، التي تركز على ضمان أمنها، قد لا تكون كافية لتحقيق الاستقرار الطويل الأمد في سوريا. لذلك، من الضروري أن تدعم قوى أخرى جهود إسرائيل من أجل ملء الفراغ الأمني الذي قد يحدث في حال سقوط الأسد، ولضمان عدم تسلل قوى معادية إلى المنطقة.
وتناول الموقع أيضًا تأثير الوضع في سوريا على الدول المجاورة، مشيرًا إلى أن هذه الدول، مثل لبنان والأردن، تحتاج إلى ضمانات من أجل منع إيران من استغلال الفوضى والانقسامات في سوريا لإعادة تنشيط مصالحها هناك. كما أشار الموقع إلى أهمية دور أوروبا في إعادة الإعمار، حيث يتطلب هذا العملية تمويلًا ضخمًا، ما يتطلب مشاركتها لضمان عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، وهو ما سيؤثر إيجابيًا في تقليل تدفق اللاجئين إلى الدول الأوروبية.
وفي ختام التقرير، أكد الموقع أن الطريق إلى النجاح في سوريا ضيق، ولكنه بالتأكيد يستحق المحاولة. ورغم أن سوريا تعاني من انقسامات عرقية وطائفية عميقة، إلا أنها قد تصبح ساحة معركة مفتوحة للقوى الخارجية، بل وربما مركزًا لانطلاق الجهاد العالمي. لذا، يرى الموقع أن عدم استخدام نافذة الفرص الأمريكية في سوريا سيكون خطأ استراتيجيًا.