جدل في سوريا بعد ظهور راية بيضاء خلف رئيس الحكومة الانتقالية.. هل هي رسالة سياسية أم خطأ بروتوكولي؟
أثار ظهور راية بيضاء تحمل عبارة "لا إله إلا الله محمد رسول الله" خلف رئيس الحكومة الانتقالية السورية، محمد البشير، أثناء لقاء حكومي في دمشق، حالة من الجدل السياسي والشكوك في الأوساط السورية. وذلك بسبب تشابه هذه الراية مع علم إمارة أفغانستان الذي استخدمته حركة طالبان بعد سيطرتها على البلاد، مما دفع إلى تساؤلات حول الرسائل السياسية التي قد تحملها في هذه الفترة الحساسة من تاريخ سوريا.
وخلال اللقاء الذي تناول ترتيب انتقال ملفات الدولة، ظهر البشير على رأس طاولة الاجتماعات، وكان خلفه علم "الاستقلال" الذي يختلف عن العلم السوري المعتمد، إلى جانب الراية البيضاء التي أثارت النقاشات. وكانت الراية تحمل الشهادتين الإسلامية "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، وهو ما أشعل الجدل، خصوصًا وأنها تذكر بعلم إمارة أفغانستان الذي رفعته طالبان بعد استيلائها على السلطة.
وقد تصاعدت ردود الفعل على هذا الموقف، حيث أبدى العديد من الناشطين والمعارضين قلقهم من هذه الإشارة الرمزية. وعلق الحساب الموثق باسم خالد أبو صلاح عبر موقع "إكس"، قائلاً: "رفع أي راية غير علم الثورة في هذه اللحظة المصيرية يبعث برسائل مقلقة تهدد وحدة الصف وتثير القلق في وقت نحن بأمس الحاجة للتكاتف". وأضاف: "علم الثورة هو الرمز الوحيد الذي يجمعنا ويمثل سوريا الحرة، سوريا الثورة وسوريا الدولة والمؤسسات".
من جانبه، انتقد المعارض السوري أيمن عبد النور هذه الخطوة، وكتب على "إكس" قائلاً: "تيار المستقبل السوري يدين رفع علم حزبي بموازاة علم سوريا الوطني في دمشق بتاريخ 2024/12/10". وأرفق مع تغريدته بيانًا شدد فيه على "تحذير من استيلاء جهة واحدة على القرار السيادي الوطني، واستغلال النصر للهيمنة الفردية بدل تكريس الانتقال الكامل للشعب السوري".
وفي السياق ذاته، كتب الحساب الموثق باسم محمد العبيد على "إكس": "الشعب السوري دفع ثمناً كبيراً من أجل رفع العلم السوري الحر فقط وليس من أجل استبدال راية البعث براية هيئة تحرير الشام". وأضاف: "الحديث عن رفع راية غير علم الثورة يبعث برسائل تفكك الصفوف ويزيد من حالة التشكيك لدى الشعب السوري".
في المقابل، دافعت بعض الحسابات عن رفع الراية البيضاء، معتبرة أنها "راية التوحيد وليست علم النصرة". مؤكدين أن الراية تمثل جزءاً من الهوية الإسلامية ولا ترتبط بأية أيديولوجيا حزبية أو تنظيمية.
هذه الحادثة تأتي في وقت حساس بالنسبة لسوريا، حيث تتسارع الأحداث السياسية والعسكرية بعد سقوط العاصمة دمشق بيد الفصائل المسلحة. وفي ظل هذه المتغيرات، تزداد التساؤلات حول الاتجاهات المستقبلية للسلطة في البلاد، خاصة في ظل الحديث عن حكومة انتقالية ومعارضة شديدة من بعض الأطراف لاحتكار أي طرف للقرار السياسي.
النقاشات التي أثارها ظهور هذه الراية تكشف حجم التوتر السياسي والانقسامات التي تواجهها سوريا في مرحلة ما بعد النزاع، وتطرح تساؤلات عن مستقبل وحدة الصف السوري في هذه الفترة الانتقالية.