خامنئي: أميركا عاجزة وإسرائيل تحت الحصار.. وفرنسا تدخل ميدان المواجهة بصمت

اندلعت شرارة المواجهة المباشرة وغير المسبوقة بين إيران وإسرائيل في 13 يونيو، لتفتح فصلًا جديدًا في صراع ظل لعقود مستترًا عبر الوكلاء والهجمات السيبرانية والاغتيالات. هذه المرة، انتقلت المعركة إلى المواجهة الصريحة: صواريخ باليستية، طائرات مسيرة، وضربات دقيقة ضد البنية التحتية النووية والعسكرية.
رواية النصر وتحدي الهيمنة الأميركية
في سلسلة خطابات، كان آخرها يوم الخميس، رسم المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي صورة "انتصار استراتيجي" لإيران، لا على إسرائيل وحدها بل على الولايات المتحدة نفسها، التي قال إنها لم تحقق "أي إنجاز يُذكر" رغم تدخلها العلني. واعتبر خامنئي أن دخول واشنطن على خط الصراع لم يكن سوى محاولة لإنقاذ تل أبيب من "الإبادة"، مؤكدًا أن القوات الإيرانية تمكنت من اختراق الدفاعات الإسرائيلية المتقدمة وضرب مناطق حيوية.
يحمل الخطاب الإيراني دلالات استراتيجية، فهو يسعى لترسيخ رواية انتصار رمزي على قوى تفوقها تقنيًا وعسكريًا، متكئًا على صمود الداخل الإيراني ووحدة الشعب، في مقابل تصوير الولايات المتحدة كقوة عاجزة تتعثر في تحقيق أهدافها، رغم الضربات الجوية التي استهدفت منشآت نووية إيرانية.
المشهد الأوروبي.. المشاركة من دون قيادة
اللافت كان انخراط فرنسا عسكريًا، حيث أكد وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان لوكورنو أن بلاده اعترضت طائرات مسيرة إيرانية كانت في طريقها إلى إسرائيل. هذه الخطوة، رغم محدوديتها، تعكس انحيازًا استراتيجيًا غربيًا، وتعزز الفرضية بأن الصراع لم يعد محصورًا بين طهران وتل أبيب، بل أصبح ساحة اختبار لمواقف القوى العالمية.
في الوقت نفسه، بدا الدور الأوروبي الدبلوماسي مشوشًا، إذ أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن إجراء تقييم مستقل للأضرار في المنشآت النووية الإيرانية، بالتنسيق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بينما بدت قدرة أوروبا على التأثير في مسار الأحداث تتآكل تدريجيًا.
خسائر فادحة ومعادلات مضطربة
الجانب الإيراني: أعلنت طهران عن مقتل 610 أشخاص وإصابة نحو 5000 في عموم البلاد نتيجة الضربات الإسرائيلية، بينهم عدد من كبار القادة العسكريين والعلماء النوويين. رغم ضخامة الخسائر، ركزت الرواية الرسمية على صمود الدفاعات وفعالية الرد الإيراني.
الجانب الإسرائيلي: أفادت التقارير بمقتل ما لا يقل عن 28 شخصًا وإصابة المئات، إلى جانب أضرار واسعة في البنية التحتية. وتُقدّر الضربات الإيرانية بحوالي 400 صاروخ باليستي و1000 طائرة مسيرة، في تصعيد غير مسبوق من حيث الكثافة والقدرة على تجاوز الدفاعات.
من استعراض القوة إلى مأزق الاستراتيجية
أكد خامنئي أن الولايات المتحدة، وعلى رأسها الرئيس دونالد ترامب، كانت تسعى من خلال ضرباتها إلى "استعراض القوة"، لا لتحقيق نصر حاسم. وقد أقر ترامب بأن حجم التدمير كان كبيرًا، لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أن المعلومات الاستخباراتية غير حاسمة، ما يعكس غموضًا استراتيجيًا وترددًا في اتخاذ خطوات تصعيدية إضافية.
من وقف النار إلى اختبار الإرادات
دخل وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ بعد 12 يومًا دامية، لكن هذا الهدوء هش، تحفه عدة عوامل تفجيرية:
انتقام محتمل من إيران حال تجدد الضربات
تزايد الانخراط الدولي المباشر
اقتراب مهلة الأمم المتحدة لإعادة فرض العقوبات
تصاعد أزمة الثقة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن سلامة البرنامج النووي