«حماس» تعلن تكثيف الاتصالات مع الوسطاء في شأن التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب

* استشهاد 20 فلسطينياً بنيران جيش الاحتلال الإسرائيلي بينهم 6 كانوا ينتظرون مساعدات وسقوط 7 جنود في جنوب القطاع
أكد مسؤول في "حماس" الأربعاء أن الاتصالات بين الوسطاء والحركة تكثفت بشأن التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب وتبادل الأسرى والرهائن، متهماً إسرائيل بـ "مواصلة التلكؤ".
وقال المستشار الإعلامي لرئيس حركة "حماس" طاهر النونو لوكالة الصحافة الفرنسية إن "اتصالاتنا مع الإخوة الوسطاء في مصر وقطر لم تتوقف وتكثفت في الساعات الأخيرة. حماس ترحب بأي جهود صادقة لوقف الحرب والتوصل إلى اتفاق. الاحتلال ما زال يواصل التلكؤ"، مشدداً على أن الحركة تريد اتفاقاً "على قاعدة صفقة شاملة تحقق وقفاً دائماً للحرب والانسحاب العسكري الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة وإدخال المساعدات وصفقة تبادل أسرى".
شهداء المساعدات
ميدانياً أعلن الدفاع المدني في غزة استشهاد 20 فلسطينياً بنيران جيش الاحتلال الإسرائيلي، بينهم ستة كانوا ينتظرون المساعدات في وسط القطاع المدمر، بينما أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي صباح الأربعاء أن سبعة من عسكرييه قُتلوا في حادثة واحدة في جنوب قطاع غزة.
وقال الناطق باسم الدفاع المدني محمود بصل لوكالة الصحافة الفرنسية، إن ستة أشخاص في الأقل قُتلوا وأصيب 30 جراء استهداف القوات الإسرائيلية بالرصاص الحي وقذائف الدبابات لآلاف المواطنين من منتظري المساعدات، الذين تجمعوا فجر الأربعاء على طريق صلاح الدين قرب جسر وادي غزة بوسط القطاع.
وأكد مستشفى العودة في مخيم النصيرات وصول القتلى والمصابين إليها، وأوضح في بيان أن من بين المصابين "عدد من الحالات الخطرة والحرجة".
ورداً على استفسار لوكالة الصحافة الفرنسية، لم يعلق جيش الاحتلال الإسرائيلي على الفور.
وتعد حادثة الأربعاء امتداداً لسلسلة من الحوادث المميتة اليومية في محيط مراكز توزيع المساعدات في قطاع غزة، حيث قُتل مئات الفلسطينيين من منتظري المساعدات خلال الأيام الماضية، إذ يتجمعون قرب هذه المراكز وهم يحاولون للحصول على بعض المواد الغذائية.
ويواجه قطاع غزة البالغ عدد سكانه 2.4 مليون نسمة، أوضاعاً إنسانية قاسية، في ظل تفشي المجاعة بعدما منعت إسرائيل كل الإمدادات الغذائية والدوائية من مارس (آذار) الماضي، لكن الجيش الإسرائيلي سمح منذ أسابيع بإدخال كميات محدودة من المساعدات.
من جهة ثانية، قال بصل إن طواقمه ومسعفين نقلوا إلى مستشفى محلي "6 شهداء بينهم طفلة و20 مصاباً حال بعضهم خطرة جراء استهداف غارة جوية منزلاً في مخيم النصيرات".
وأوضح أنه نقل أيضاً 3 شهداء وعدد من المصابين في غارة إسرائيلية على منزل في حي الشجاعية شرق مدينة غزة.
كما استشهد 5 أشخاص وأصيب عدد آخر في غارة جوية إسرائيلية فجر الأربعاء، استهدفت منزلاً في دير البلح وسط قطاع غزة، وفق بصل الذي أشار إلى أن القتلى والمصابين نقلوا إلى مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح.
وغالباً ما تمنع القيود الإسرائيلية المفروضة على وسائل الإعلام وخطورة التنقل في القطاع، التحقق بشكل مستقل من الأعداد والتفاصيل التي يقدمها الدفاع المدني.
وبحسب أحدث حصيلة صادرة الثلاثاء، عن وزارة الصحة في غزة التابعة لـ"حماس"، استشهد ما لا يقل عن 516 شخصاً وأصيب نحو 3800 آخرين بنيران إسرائيلية أثناء سعيهم للحصول على مساعدات غذائية منذ أواخر مايو (أيار).
مقتل 7 جنود إسرائيليين
وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي صباح الأربعاء أن سبعة من عسكرييه قُتلوا في حادثة واحدة في جنوب قطاع غزة. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن العسكريين السبعة كانوا في مدينة خان يونس عندما انفجرت عبوة ناسفة زُرعت في مركبتهم، مما أدى إلى اندلاع النيران فيها.
وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي في بيان إن العسكريين الذين تتراوح أعمارهم بين 19 و21 عاماً ينتمون إلى كتيبة الهندسة القتالية 605 المسؤولة خصوصاً عن تدمير الأنفاق والبنى التحتية العسكرية الأخرى لحركة "حماس" في القطاع الفلسطيني، وإزالة الألغام، وفتح الطرق للمشاة والمركبات المدرعة أثناء القتال. وأضاف الجيش في بيان أن جندياً آخر أصيب بجروح بالغة، أمس الثلاثاء، في حادثة منفصلة بجنوب القطاع. وبذلك يكون قد قُتل أكثر من 430 عسكرياً إسرائيلياً منذ بدء الحرب في قطاع غزة.
تمويل أمريكي
من جهة أخرى، ستقدم الولايات المتحدة 30 مليون دولار لـ"مؤسسة غزة الإنسانية" المثيرة للجدل التي تقدم مساعدات في القطاع الذي مزقته الحرب، وذلك على رغم من قلق بعض المسؤولين الأمريكيين من العملية المستمرة منذ شهر ومقتل فلسطينيين قرب مواقع توزيع الغذاء، وفق ما نقلته وكالة "رويترز" عن أربعة مصادر ووثيقة اطلعت عليها.
وتدعم واشنطن منذ فترة طويلة "مؤسسة غزة الإنسانية" دبلوماسياً، لكن هذا هو أول إسهام مالي معروف من الحكومة الأمريكية التي تستفيد من شركات عسكرية ولوجيستية أمريكية خاصة لنقل المساعدات إلى القطاع الفلسطيني لتوزيعها في ما تسمى بالمواقع الآمنة.
وأظهرت الوثيقة أن منحة الوكالة الأمريكية للتنمية البالغة 30 مليون دولار لـ"مؤسسة غزة الإنسانية" أُقرت الجمعة الماضي، بموجب "توجيه ذي أولوية" من البيت الأبيض ووزارة الخارجية. وأظهرت الوثيقة صرف دفعة أولية قدرها 7 ملايين دولار.
وقال مصدران طلبا عدم الكشف عن هويتهما، إن الولايات المتحدة قد توافق على منح شهرية إضافية قيمتها 30 مليون دولار للمؤسسة.
وأحال البيت الأبيض الأسئلة المتعلقة بالموضوع إلى وزارة الخارجية. ولم ترد وزارة الخارجية على طلب للتعليق بعد. وأحجمت المؤسسة عن التعليق على التمويل الأمريكي أو على مخاوف بعض المسؤولين الأمريكيين بشأن العملية.
ولم ترد السفارة الإسرائيلية بعد على طلب للتعليق على المنحة الأمريكية البالغة 30 مليون دولار.
وأضافت المصادر أن وزارة الخارجية، بموافقتها على التمويل الأمريكي لـ"مؤسسة غزة الإنسانية"، أعفت المؤسسة التي لم تعلن عن مواردها المالية من التدقيق الذي يُطلب عادة من المنظمات التي تتلقى منحاً من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية لأول مرة.
وقال مصدر، وهو مسؤول أمريكي كبير سابق، إن مثل هذا التدقيق "يستغرق عادة أسابيع طويلة، إن لم يكن عدة أشهر". وقالت المصادر، إن المؤسسة استثنيت أيضاً من التدقيق الإضافي المطلوب للمنظمات التي تقدم المساعدات إلى غزة للتأكد من عدم وجود أي صلات لها بالتطرف.
وتعمل "مؤسسة غزة الإنسانية" في القطاع مع شركة لوجيستية هادفة للربح تدعى "سيف ريتش سوليوشنز" يرأسها ضابط سابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي أي) وشركة خدمات أمنية تابعة لها تدعى "يو جي سوليوشنز"، التي توظف جنوداً أمريكيين سابقين.
مخاوف بشأن العنف
ذكرت "رويترز" هذا الشهر أن إسرائيل طلبت من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منح 500 مليون دولار لـ"مؤسسة غزة الإنسانية". وأفادت مصادر بأن الأموال ستأتي من الوكالة الأمريكية للتنمية التي يجري دمجها مع وزارة الخارجية.
ووفقاً للمصادر الأربعة، عارض مسؤولون أمريكيون منح أي أموال للمؤسسة بسبب مخاوف بشأن العنف بالقرب من مواقع توزيع المساعدات وقلة خبرة المؤسسة وضلوع شركات لوجيستية وعسكرية أمريكية خاصة وهادفة للربح.
ومنذ أن أنهت إسرائيل حصاراً على دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة استمر 11 أسبوعاً في 19 مايو، مما سمح باستئناف وصول شحنات محدودة من الأمم المتحدة، تقول المنظمة الدولية إن أكثر من 400 فلسطيني قتلوا وهم يسعون للحصول على مساعدات من المنظمة و"مؤسسة غزة الإنسانية".
وقال جوناثان ويتال، رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، الأحد الماضي، "معظم الضحايا قُتلوا بالرصاص أو القصف في أثناء محاولتهم الوصول إلى مواقع التوزيع الأمريكية الإسرائيلية المقامة عمداً في مناطق عسكرية".
وأضاف، "قتل آخرون عندما أطلقت القوات الإسرائيلية النار على حشود فلسطينية تنتظر الطعام على الطرق... وقتل أو جرح بعض الأشخاص على يد عصابات مسلحة".
ورداً على ذلك، قالت "مؤسسة غزة الإنسانية"، أمس الثلاثاء، إنها وزعت حتى الآن 40 مليون وجبة في غزة، وذلك بينما تواجه الأمم المتحدة ومنظمات أخرى صعوبة في توزيع المساعدات بسبب نهب شاحناتها ومستودعاتها.
وأكد متحدث باسم المؤسسة عدم تعرض أي من شاحناتها للنهب. وقال "مساعداتنا تصل بأمان. وبدلاً من المشاحنات وتبادل الإهانات من بعيد، نرحب بانضمام الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الأخرى إلينا لإطعام سكان غزة. نحن مستعدون للتعاون معهم ومساعدتهم في إيصال مساعداتهم إلى المحتاجين".
وفي وقت سابق من الشهر الجاري أوقفت المؤسسة عمليات تسليم المساعدات ليوم واحد، مطالبة إسرائيل بتعزيز سلامة المدنيين بالقرب من مواقع توزيعها بعد مقتل العشرات من الفلسطينيين الراغبين في تلقي المساعدات. وأكدت المؤسسة عدم وقوع أي حوادث جديدة في مواقعها.
وتواجه الأمم المتحدة صعوبة في توزيع المساعدات في غزة بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية والقيود التي تفرضها إسرائيل على الوصول إلى غزة وفي جميع أنحائها وأعمال النهب التي تقوم بها العصابات المسلحة. وأكدت الأمم المتحدة أنه عندما يعلم الناس بوجود تدفق مستمر للمساعدات، تهدأ أعمال النهب.
دفن إسرائيلي قتل في هجوم 7 أكتوبر
شارك مئات الإسرائيليين، يتقدمهم الرئيس إسحق هرتسوغ، في تل أبيب، أمس الثلاثاء، في جنازة شاب قتل في الهجوم الذي شنته حركة "حماس" على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 واحتجز جثمانه في قطاع غزة إلى أن أعلن الجيش الإسرائيلي، الإثنين الماضي، استعادته مع رفات رهينتين أخريين.
وخلال جنازة يوناتان سامرانو الذي قتل عن 21 سنة، خاطبته والدته آيليت بالقول "جثتك هنا لكن روحك معنا إلى الأبد".
وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي أعلن، الإثنين، أنه استعاد رفات ثلاث من الرهائن الذين قُتلوا قبل 625 يوماً على أيدي حركة "حماس" التي اختطفت جثامينهم واحتجزتها في قطاع غزة.
وخلال الجنازة، قدم الرئيس هرتسوج اعتذاره للراحل بسبب "عدم تمكننا من حمايتك أو إعادتك في وقت أبكر".
وغطي النعش بالعلم الإسرائيلي وسار خلفه أصدقاء يوناتان وأفراد عائلته. وشارك في الجنازة كثير من أقارب الأسرى الذين لا يزالون محتجزين في قطاع غزة وكذلك أسرى محررون.
وجرت الجنازة بعيد ساعات من بدء سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران. وأكد الرئيس الإسرائيلي في كلمته أنه لن يكون هناك "انتصار كامل ما لم يعد جميع الأسرى، الأحياء منهم والأموات".
ومن أصل 251 شخصاً خطفوا في السابع من أكتوبر 2023، لا يزال 49 محتجزين في قطاع غزة بينهم 27 تقول السلطات الإسرائيلية إنهم فارقوا الحياة.