اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

كيف أعادت حرب إيران وإسرائيل الحياة إلى مشروع ”قوة سيبيريا 2” الروسي-الصيني

مشروع قوة سيبيريا 2
مشروع قوة سيبيريا 2

أعاد النزاع العسكري بين إيران وإسرائيل تشكيل حسابات الطاقة لدى بكين، وفتح الباب أمام إحياء مشروع طالما ظل معلقاً بسبب خلافات استراتيجية: خط أنابيب الغاز الروسي "باور أوف سيبيريا 2". ووفقاً لمصادر مطلعة نقلتها وول ستريت جورنال، فإن التهديدات المحتملة التي طالت تدفق الطاقة عبر مضيق هرمز – شريان صادرات الغاز والنفط من الخليج – دفعت صناع القرار الصينيين إلى إعادة تقييم أولوياتهم في تأمين مصادر الطاقة.
خلفية التردد الصيني
ظل مشروع "باور أوف سيبيريا 2" مجمّداً لأعوام نتيجة ثلاثة عوامل رئيسية:
خلافات حول التسعير وهيكل الملكية.


تخوف صيني من الاعتماد الزائد على روسيا كمصدر وحيد للطاقة.


استراتيجية صينية تضع سقفاً لاستيراد الطاقة من أي دولة بنسبة لا تتجاوز 20%.


ومع أن المشروع يحظى بأهمية استراتيجية لموسكو، التي فقدت معظم أسواقها الأوروبية بعد غزو أوكرانيا، فإن بكين لم تُبدِ الحماسة ذاتها، بسبب تنوع خياراتها واستمرار حصولها على الغاز الطبيعي المسال من الخليج وآسيا الوسطى.
تأثير الحرب في الشرق الأوسط
ألقى التصعيد بين إسرائيل وإيران – رغم اتفاق وقف إطلاق النار لاحقاً – بظلاله الكثيفة على أمن الطاقة في آسيا. إذ تعتمد الصين على الغاز المسال بنسبة 30% من وارداتها، يأتي معظمها من الخليج عبر مضيق هرمز. كما أن "المصافي المستقلة" الصينية أصبحت مرتبطة بشكل متزايد بالنفط الإيراني، الذي يُباع بكميات ضخمة رغم العقوبات الأميركية، إذ تشير التقديرات إلى أن 90% من صادرات النفط الإيراني تتجه إلى الصين.
في هذا السياق، تتزايد في بكين القناعة بأن بدائل آمنة عبر البر – كأنابيب روسية – تتيح هامش مناورة أكبر، لا سيما في ظل تقلبات المنطقة وتعدد اللاعبين فيها.
تصريحات ترمب وموقف واشنطن
جاء تصريح الرئيس الأميركي دونالد ترمب ليعكس تبايناً في الموقف الأميركي: فقد لمح عبر منصة "تروث سوشيال" إلى أن الصين يمكنها مواصلة شراء النفط الإيراني، معبّراً عن أمله في أن تشتري المزيد من الولايات المتحدة. غير أن البيت الأبيض أوضح لاحقاً أن ما قصده ترمب هو أن وقف إطلاق النار ساهم في استمرار تدفق الطاقة عبر هرمز، وأن دعوته ما زالت قائمة لوقف الاعتماد على النفط الإيراني.
روسيا المستفيدة الأكبر؟
تشير تحليلات إلى أن موسكو تسعى للاستفادة القصوى من الوضع. إذ ترى أن أمن الطاقة الصيني مهدد، وهي تروّج لخط أنابيب جديد أكثر استقراراً جيوسياسياً. وربطت وسائل الإعلام الروسية الرسمية – مثل موقع Prime – بين اضطرابات الشرق الأوسط وتحوّل بكين إلى دعم مشروع "باور أوف سيبيريا 2"، الذي قد يكون ضمن جدول أعمال زيارة فلاديمير بوتين إلى الصين في سبتمبر المقبل.
المشروع من منظور جيواستراتيجي
من منظور استراتيجي، فإن "باور أوف سيبيريا 2" لا يمثل مجرد مشروع طاقة، بل هو تجسيد لتقاطع المصالح الروسية-الصينية في عالم يشهد تراجع الهيمنة الغربية. فروسيا، التي تسعى لتصدير فائضها من الغاز بعد انغلاق الأسواق الأوروبية، ترى في بكين الشريك الأمثل. أما الصين، فرغم شكوكها القديمة، باتت ترى في الخط فرصة للحد من تعرضها للاضطرابات الإقليمية في الخليج.
تحديات التنفيذ
لكن رغم إعادة إحياء النقاش، لا تزال العقبات قائمة:
يتطلب المشروع ما لا يقل عن خمس سنوات للبناء، نظراً لطوله (1800 ميل).


الخلافات حول الملكية والتسعير لم تُحسم بعد، إذ تصر بكين على حصة ملكية، بينما ترفض موسكو.


الاستثمار الضخم المطلوب يجعل من المشروع مخاطرة اقتصادية، في ظل الشكوك الجيوسياسية.