بعد المواجهة مع إيران.. مجازر إسرائيل تتواصل في غزة عبر مصائد المساعدات

في تصعيد جديد يكشف الوجه المظلم للحرب على قطاع غزة، تجاوز عدد الشهداء الفلسطينيين ممن كانوا يسعون للحصول على مساعدات غذائية حاجز الـ500، بينما يستمر الاحتلال الإسرائيلي في استخدام ما بات يُعرف بـ"مصائد الموت" لاستدراج المدنيين الجوعى إلى مواقع توزيع المساعدات، ثم استهدافهم بنيران مباشرة.
آخر هذه الجرائم وقعت في ساعات الصباح الأولى من يوم الأربعاء، حين فتحت قوات الاحتلال النار على مجموعة من المدنيين قرب منطقة نتساريم وسط القطاع، بينما كانوا ينتظرون مساعدات من "مركز أمريكي-إسرائيلي" لتوزيع الغذاء، ما أسفر عن استشهاد تسعة فلسطينيين على الأقل، ووقوع إصابات عديدة. ووفق بيانات المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، فقد ارتفعت حصيلة ضحايا نقاط توزيع المساعدات منذ 27 مايو إلى 516 شهيدًا وقرابة 3800 جريح.
هندسة الموت تحت غطاء الإغاثة
ما يجري ليس مجرد انتهاك لقوانين الحرب، بل هو تحويل منهجي للمساعدات الإنسانية إلى فخاخ قاتلة. فالمدنيون الفلسطينيون، المرهقون من الحصار والقصف والجوع، يجدون أنفسهم مضطرين للتوجه إلى نقاط توزيع مساعدات لا تشرف عليها أي جهة دولية مستقلة، بل تتحكم بها إسرائيل بالتعاون مع إدارة أمريكية عبر "مؤسسة غزة الإنسانية"، كيان أُنشئ خارج مظلة الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية التقليدية مثل الأونروا.
ردود فعل غائبة وصمت مريب
وصفت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ما حدث بأنه "مجزرة جديدة"، معتبرة أن الاحتلال يستدرج المدنيين إلى "كمائن موت" عبر استخدام سلاح التجويع، ثم يصفيهم بدم بارد، في ما وصفته بأنه من "أبشع جرائم العصر الحديث".
وحمّلت الحركة المجتمع الدولي مسؤولية هذا الصمت، معتبرة أن غياب المواقف الصارمة يشكل "فضيحة أخلاقية وإنسانية"، داعية الأمم المتحدة إلى التحرك الفوري لمحاسبة قادة الاحتلال وتفعيل أدوات القانون الدولي.
إخراج الأمم المتحدة من المعادلة
الأزمة الإنسانية أخذت أبعادًا خطيرة منذ قررت الولايات المتحدة وإسرائيل تجاوز الآليات الأممية المعتمدة، بإنشاء كيان توزيع خاص لا يخضع للرقابة الدولية. وقد رفضت الأمم المتحدة الاعتراف بشرعية أو فاعلية هذا الكيان، معتبرة أن تجاهل المؤسسات الدولية يقوّض مبدأ الحياد ويعرض المدنيين للخطر.
إسرائيل بدورها برّرت استبعاد الأونروا بزعم أنها "تتعاون مع حماس"، بينما تسوق وجود عناصر مسلحة بين المدنيين كمبرر لاستهداف طوابير المنتظرين. لكن هذا الادعاء لا يصمد أمام عشرات الفيديوهات والشهادات التي توثق قصفًا مباشرًا لأشخاص عزّل، كثير منهم من النساء والأطفال.
استخدام الجوع كسلاح
منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023، يعيش قطاع غزة في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في تاريخه. تشير التقديرات إلى أن أكثر من مليوني شخص مهددون بالموت جوعًا أو بالقصف أو بسبب الأوبئة. ومع انعدام الأمن الغذائي بشكل شبه كامل، يصبح الطعام نفسه ساحة حرب، ويُستخدم كوسيلة للابتزاز السياسي والإبادة البطيئة.
الأزمة إذًا ليست طارئة، بل ناتجة عن استراتيجية منهجية تستخدم التجويع كأداة حرب، وهو ما يمثل خرقًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف التي تحظر تعمد تجويع السكان المدنيين كأسلوب قتال.