تصعيد مالي.. إسرائيل تصنّف البنك المركزي الإيراني ”منظمة إرهابية”

في خطوة تصعيدية تعكس تنامي التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، وقّع وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أمرًا رسميًا بتصنيف البنك المركزي الإيراني، وعدد من الكيانات المصرفية والاقتصادية التابعة لطهران، كـ"منظمات إرهابية". هذا الإجراء، الذي تم الإعلان عنه عبر وزارة الدفاع الإسرائيلية ونقلته شبكة "سي إن إن" الأمريكية، يأتي ضمن سلسلة تحركات متسارعة تهدف إلى خنق الشرايين المالية للنظام الإيراني، لا سيما تلك المرتبطة بالحرس الثوري وفيلق القدس، الذراع الخارجي للنشاطات العسكرية الإيرانية.
منظمات مصرفية في مرمى إسرائيل
بحسب بيان الوزارة، لم يقتصر التصنيف على البنك المركزي وحده، بل شمل أيضًا بنكي "شهر" و"ملت"، وهما من أبرز المؤسسات المصرفية الإيرانية، بالإضافة إلى شركة "سبهر إينرجي جهان"، التابعة لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية. كما طالت العقوبات ثلاثة من كبار المسؤولين الإيرانيين الذين لم يُكشف عن أسمائهم، ووُصفوا بأنهم عملاء إرهابيون فاعلون ضمن شبكة تمويل ودعم حلفاء إيران في الإقليم.
الخطاب الإسرائيلي الذي رافق القرار يركّز على البُعد الأمني والتمويلي، معتبرًا أن هذه المؤسسات تُشكّل "خط أنابيب مالي رئيسي" لتمويل حركات مسلحة مثل حزب الله في لبنان، والميليشيات الموالية لإيران في سوريا والعراق واليمن. وبهذا التصنيف، تحاول إسرائيل تعزيز استراتيجيتها التي تقوم على تجفيف المنابع الاقتصادية لخصومها في "حرب الظل" المتواصلة مع طهران.
تجميد أصول منتظر
من الناحية القانونية، يفتح هذا التصنيف المجال أمام إسرائيل لتجميد أصول هذه الكيانات - إن وُجدت - في الأراضي الخاضعة لسيطرتها، كما يتيح لها تفعيل أدوات تعاون أمني مع شركاء دوليين قد يتأثرون من تعاملات اقتصادية مع هذه الجهات. غير أن الأثر العملي لهذا القرار على الاقتصاد الإيراني يبقى رمزيًا إلى حد كبير، خصوصًا أن البنك المركزي الإيراني، وعددًا من هذه الكيانات، يخضع أصلًا لعقوبات أمريكية صارمة منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي عام 2018.
لكن من وجهة نظر سياسية، يعكس هذا الإجراء تحولًا لافتًا في نهج الحكومة الإسرائيلية، التي باتت تعتمد على أدوات "القانون المالي" كسلاح استراتيجي موازٍ للعمليات العسكرية أو الهجمات السيبرانية. ويأتي هذا التصعيد في ظل سياق إقليمي شديد الاضطراب، يتسم بتصاعد المواجهات بين إسرائيل وحلفاء إيران في لبنان وسوريا وغزة، ما يعزز الفرضية بأننا أمام مرحلة جديدة من الاشتباك غير المباشر، تتجاوز الجغرافيا والسلاح لتطال البُنية التحتية الاقتصادية لطهران.
في المقابل، قد ترى طهران في هذا التصنيف ذريعة إضافية لتعزيز دعايتها حول "الحصار الاقتصادي" الذي تتعرض له، وقد تستخدمه كوقود تعبوي لردود فعل محسوبة أو غير متوقعة على جبهات مختلفة.