اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

تباطؤ الاقتصاد الروسي بعد 3 سنوات من الأداء الجيد.. تعرف على الأسباب

البنك المركزي الروسي
البنك المركزي الروسي

وفقاً لمؤشر أعدته شركة «جولدمان ساكس»، نهاية العام الماضي، فقد انخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي لروسيا من نحو 5% إلى نحو الصفر.

ويلاحظ بنك التنمية الروسي اتجاهات مماثلة في تقديراته للنمو الشهري، كما انخفض مؤشر حجم الأعمال الذي أعدّه «سبير بنك»، أكبر بنك مُقرض في روسيا.

وعلى الرغم من حرص الحكومة فإنها تُقر بوجود شيء ما، ففي أوائل أبريل أشار البنك المركزي الروسي إلى أن «عدداً من القطاعات سجل أخيراً انخفاضاً في الإنتاج بسبب انخفاض حاد في الطلب».

تفوّق الأداء على التوقعات

وتأتي مخاوف روسيا بعد ثلاث سنوات تفوق فيها أداء اقتصادها على جميع التوقعات تقريباً، بسبب الإنفاق المالي الكبير، وارتفاع أسعار السلع الأساسية، وعسكرة الاقتصاد.

وبعد الحرب على أوكرانيا في عام 2022، توقع اقتصاديون انكماشاً في الناتج المحلي الإجمالي السنوي لروسيا يصل إلى 15%.

وفي الواقع انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.4% في ذلك العام، قبل أن يتوسع بنسبة 4.1% في عام 2023 و4.3% في عام 2024، واقتربت ثقة المستهلك من مستويات قياسية.

وبينما بدا أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، قد يمنح نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، ما يريده لإنهاء حربه على أوكرانيا، توقع البعض أن يتسارع الاقتصاد الروسي بشكل أكبر في عام 2025.

التحول الهيكلي

هناك ثلاثة أسباب محتملة، الأول يتعلق بما يسميه البنك المركزي الروسي «التحول الهيكلي» للاقتصاد، فبعد أن كان الاقتصاد الروسي في السابق منفتحاً على الغرب، أصبح منذ عام 2022 اقتصاداً حربياً يميل إلى الشرق.

وقد تطلب هذا التحول استثمارات ضخمة، ليس في مصانع الأسلحة فقط، بل أيضاً في سلاسل التوريد الجديدة التي تتيح المزيد من التجارة مع الصين والهند.

وبحلول منتصف عام 2024، كان الإنفاق الحقيقي على رأس المال الثابت أعلى بنسبة 23% مما كان عليه في أواخر عام 2021.

ويقول البنك المركزي إن هذا التعديل قد اكتمل الآن، ويتبع الإنفاق العسكري نمطاً مشابهاً، ويقدر جوليان كوبر، من معهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام، وهو مركز أبحاث، أن الإنفاق العسكري هذا العام سينمو بنسبة 3.4% فقط بالقيمة الحقيقية، وهو تباطؤ حاد، مقارنة بالزيادة التي بلغت 53% في العام الماضي.

إن ضعف الإنفاق على «التحول الهيكلي» يعني تباطؤ النمو، لكن لا ينبغي أن يقلق الكرملين إذا وجه الاستثمار للاستخدامات الإنتاجية.

وكان بوتين، قال في ديسمبر الماضي: «بالنظر إلى الحقائق الاقتصادية الكلية، لسنا بحاجة إلى مثل هذا النمو بعد».

السياسة النقدية

السبب الثاني هو السياسة النقدية، فقد تجاوز التضخم الروسي هدف البنك المركزي البالغ 4% على أساس سنوي لأشهر عدة، بل تجاوز 10% في فبراير ومارس الماضيين.

كما يعد الإنفاق العسكري المتحمس أحد الأسباب، لكن هناك أيضاً نقص في العمالة بسبب التجنيد الإجباري، وهجرة العمال المهرة.

وارتفعت الأجور العام الماضي بنسبة 18%، ما أجبر الشركات على رفع أسعارها.

واستجابة لذلك، شدّد البنك المركزي الروسي الخناق، ففي 25 أبريل قرر إبقاء سعر الفائدة المرجعي عند 21%، وهو أعلى مستوى له منذ أوائل العقد الأول من القرن الـ21.

وربما يؤتي هذا الموقف المتشدد ثماره أخيراً، فقد شجعت أسعار الفائدة المرتفعة رؤوس الأموال على التدفق، والعملة القوية تجعل الواردات أرخص.

كما أن توقعات الروس للتضخم خلال الأشهر الـ12 المقبلة آخذة في التراجع، من ذروة بلغت نحو 14% إلى نحو 13%.

وتشير البيانات إلى أن التضخم آخذ في الانخفاض. أما الجانب الآخر فهو تباطؤ النمو، فبدلاً من الإنفاق، يلجأ الروس إلى وضع أموالهم في حسابات التوفير، كما أن ارتفاع أسعار الفائدة يؤثر سلباً في الاستثمار الرأسمالي.

أسعار النفط

ويتسبب انخفاض أسعار النفط في مشكلات مختلفة لروسيا. وقد أثّر ذلك في سوق الأسهم، حيث تمثل شركات النفط ربع رأس المال. وانخفض مؤشر «مويكس» الذي يتتبع أسعار أسهم أكبر 50 شركة مدرجة، بمقدار العُشر عن ذروته الأخيرة.

ومع انخفاض عائدات التصدير، يؤثر انخفاض أسعار النفط بشكل مباشر في الاقتصاد الحقيقي أيضاً.

وقد بدأت خزائن الحكومة الروسية تشعر بالضائقة المالية بالفعل، ففي مارس انخفضت عائدات ضرائب النفط والغاز بنحو 17% على أساس سنوي. وفي 30 أبريل، رفعت وزارة المالية تقديرات عجز الموازنة لهذا العام إلى 1.7% من الناتج المحلي الإجمالي من 0.5%، بعد خفض توقعاتها لإيرادات الطاقة بنسبة 24%.

وقد يكون ترامب متعاطفاً مع بوتين، لكن إدارة الأول سددت للأخير لكمة في الوجه، في خضم حرب واشنطن التجارية.

موضوعات متعلقة