اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار
خلال لحظات.. الحوثيون يستهدفون مطار بن غوريون بصاروخ بالستي ثان الجيش السوداني يبدأ مرحلة جديدة من الحرب الأهلية بهجوم جوي على كردفان المقابر الجماعية في الصالحة.. جريمة صامتة تكشف فصولاً مرعبة من النزاع السوداني 7 معلومات عن منفذ حادث المتحف اليهودي في واشنطن ..تعرف عليها معركة المياه.. تصعيد هندي باكستاني جديد يهدد بتفجير أزمة إقليمية «سي آي إيه»: الصين تهديد وجودي والريادة التكنولوجية باتت معركة أمن قومي بعد تفكيك USAID.. هل يستطيع مكتب اللاجئين قيادة الاستجابة الإنسانية الأمريكية؟ إلياس رودريجيز.. من نضال الأقليات إلى رصاص العنف السياسي نار التهجير وهدم الوجود.. تصعيد ممنهج لسياسات الإبادة والاقتلاع في فلسطين إسرائيل تشتعل غضباً.. المعارضة: نتنياهو يقودنا لنصبح دولة منبوذة بين نسور السماء وآفاق التنمية.. قراءة تحليلية في دلالات زيارة الرئيس الصيني المرتقبة إلى مصر من الخطاب إلى الرصاص.. وزير إسرائيلي يتهم المعارضة بتأجيج معاداة السامية بعد هجوم واشنطن

التحرر الأوروبي من قبضة الطاقة الروسية.. استراتيجية جديدة أم مراهنة جيوسياسية محفوفة بالمخاطر؟

الطاقة
الطاقة

في خطوة تمثل تحولاً استراتيجياً في سياسات الطاقة الأوروبية، اقترح الاتحاد الأوروبي حظر توقيع أي عقود جديدة لاستيراد الغاز الروسي بحلول نهاية 2025، مع إنهاء العقود القائمة بحلول عام 2027. هذا المقترح يُعد تتويجاً لخارطة طريق أوروبية تهدف إلى الفطام الكامل عن الوقود الأحفوري الروسي، والذي لطالما شكّل عنصراً أساسياً في معادلة الأمن الطاقي الأوروبي، قبل أن يتحوّل إلى ورقة ضغط جيوسياسية بيد موسكو.


التحرك الأوروبي لا يخرج عن سياق الرد السياسي والاقتصادي المستمر على الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022، لكنه في الوقت ذاته يُعبّر عن قطيعة بنيوية مع نظام طاقة استمر لعقود. فالهجوم على أوكرانيا كشف، كما قالت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، عن "مخاطر الابتزاز الطاقي"، وبالتالي أعاد تشكيل الوعي الأوروبي تجاه الأمن القومي من بوابة الطاقة.


من الهدف الطوعي إلى التشريع الإلزامي


خارطة الطريق الجديدة التي كشفت عنها المفوضية تتجاوز الطابع الرمزي، إذ تسعى إلى تحويل الهدف الطوعي السابق – التخلص من واردات الطاقة الروسية بحلول 2027 – إلى التزام قانوني. يتضمن ذلك حظراً تشريعياً لواردات الغاز الطبيعي والغاز المسال بموجب العقود الجارية. وستُطرح هذه التعديلات في يونيو المقبل لتأخذ مسارها نحو التشريع بعد أن تُناقش في البرلمان الأوروبي وبين الدول الأعضاء.
غير أن هذا التحول من الطموح إلى الإلزام يصطدم بواقع سياسي معقد. فبينما تتصدر دول مثل ألمانيا وفرنسا خط المواجهة مع موسكو، تعارض دول أخرى، أبرزها المجر وسلوفاكيا، هذه الخطوات خشية تبعاتها الاقتصادية والاجتماعية. إذ تعتمد هذه الدول بشكل كبير على الغاز الروسي عبر خطوط الأنابيب، ما يجعلها أكثر حساسية لأي اضطراب في الإمدادات.


REPowerEU.. مشروع سياسي بلباس طاقي


برنامج REPowerEU لا يقتصر على تنويع مصادر الطاقة، بل يُعد في جوهره مشروعاً سيادياً لأوروبا الجديدة. فبعد أن كانت موسكو تتحكم بأكثر من 40% من واردات الغاز الأوروبية في 2021، تراجعت هذه النسبة إلى أقل من 19% في 2024. هذا التحول تحقق بفضل سياسات تقشف استهلاكي، وتسريع وتيرة التحول إلى مصادر متجددة، وارتفاع وتيرة استيراد الغاز المسال، لا سيما من الولايات المتحدة التي باتت في 2024 واحدة من أبرز موردي الغاز لأوروبا.
لكن هذه النجاحات التقنية تخفي خلفها أسئلة استراتيجية مفتوحة: هل سيكون هذا الاستقلال الطاقي مستداماً في ظل تقلبات السوق؟ وهل يمكن للاتحاد الأوروبي أن يتحمل تكلفة هذا الانفصال الطاقي في ظل تراجع النمو وارتفاع الأسعار؟
روسيا والالتفاف عبر "أسطول الظل"
رغم العقوبات الغربية المشددة، لا تزال موسكو تبحث عن ثغرات في جدار الحصار عبر "أسطول الظل" – شبكة من السفن التي يُشتبه في ارتباطها بالكرملين تُستخدم لتصدير الغاز المسال بشكل غير مباشر. وهذا يُظهر أن المعركة بين موسكو وبروكسل ليست فقط معركة لوائح وتشريعات، بل هي حرب إمداد وطلب، وسباق بين الفاعلين لكسب الوقت والحفاظ على الموارد.


الضغط الأميركي والانقسام الأوروبي


الإدارة الأميركية، سواء الحالية أو في حال عودة دونالد ترمب، تدفع باتجاه خفض الاعتماد الأوروبي على موسكو، وترى في زيادة صادرات الغاز الأميركي إلى أوروبا فرصة اقتصادية وجيوسياسية. غير أن التحدي الأكبر يكمن في قدرة أوروبا على الحفاظ على جبهة موحدة، خصوصاً مع تباين مصالح الدول الأعضاء وارتفاع الأصوات المتحفظة على العقوبات من داخل التكتل.
وفي حين يرى خبراء مثل جيديون روز أن الأوروبيين "قد لا يلتزمون تماماً بوعودهم"، إلا أن المؤشرات على الأرض – من تراجع واردات الغاز الروسي، إلى تسارع التشريعات الخاصة بالطاقة المتجددة – تُظهر أن أوروبا بدأت فعلاً السير على طريق لا رجعة فيه نحو الاستقلال الطاقي.
المعضلة الكبرى: بين الحاجة إلى الطاقة والحسابات الأمنية:
العقوبات على الغاز، رغم رمزيتها، تظل أكثر تعقيداً من غيرها، لأنها ترتبط مباشرة بمعيشة المواطنين والصناعة الأوروبية. ففرض حظر شامل على الغاز الروسي يتطلب إجماعاً بين الدول الـ27، وهو ما لم يتحقق بعد، ما يُعقّد تحويل المقترح إلى قرار ملزم. علاوة على ذلك، تخشى بعض الحكومات الأوروبية أن تؤدي هذه الإجراءات إلى تضخم إضافي، وزيادة فاتورة الطاقة، وربما اضطرابات اجتماعية.

سيناريوهات المستقبل


تشريع ملزم وتحول هيكلي: في حال استطاع الاتحاد الأوروبي تجاوز الانقسامات الداخلية وتمرير المقترح، فإن ذلك سيؤسس لمرحلة جديدة من الاستقلال الطاقي الأوروبي، وسيُسهم في إعادة صياغة موازين القوى في سوق الطاقة العالمي.


تسوية سياسية جزئية: إذا أفضت الضغوط الأميركية أو المبادرات الدبلوماسية إلى اتفاق سلام جزئي في أوكرانيا، فقد يعود الحديث عن تخفيف العقوبات، لا سيما إذا رافق ذلك ضمانات أمنية.


تراجع إرادي تحت ضغط الواقع: إذا تسببت الإجراءات في اضطرابات اقتصادية أو اجتماعية كبرى، قد تضطر بعض الحكومات إلى التراجع عن المواقف المتشددة، ما يُضعف الموقف التفاوضي الأوروبي أمام روسيا.

موضوعات متعلقة