اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

اتفاق الشراكة الأوروبية الإسرائيلية تحت المجهر.. تصاعد الدعوات لمراجعة العلاقة بعد جرائم غزة

الاتحاد الأوروبي
الاتحاد الأوروبي

في تطور لافت يعكس تصاعد القلق الأوروبي من السلوك الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، برزت خلال الأيام الماضية دعوات رسمية من داخل الاتحاد الأوروبي تطالب بمراجعة شاملة لاتفاقية الشراكة بين الاتحاد وإسرائيل، والتي تم توقيعها في العام 2000. تأتي هذه الدعوات على خلفية ما يُوصف بجرائم حرب وخرق ممنهج لحقوق الإنسان في قطاع غزة، والانتهاكات المستمرة في الضفة الغربية.


وزير الخارجية الإيرلندي، سيمون هاريس، كان من أبرز الأصوات الأوروبية التي سلطت الضوء على الإشكالية القانونية والأخلاقية التي تطرحها الاتفاقية. ففي منشور له على منصة "إكس"، أشار هاريس إلى أن الاتفاقية ليست مجرد شراكة تجارية، بل إنها تتضمن بنودًا واضحة تنص على ضرورة احترام حقوق الإنسان كشرط أساسي لاستمرار العلاقات الثنائية. وأضاف: "يجب أن يكون لهذه الكلمات معنى"، في إشارة إلى أن الالتزامات النظرية لم تعد كافية في ظل الواقع الميداني. ودعا هاريس إلى مراجعة الاتفاقية، مؤكدًا أن المجتمع الدولي لا يبذل الجهد الكافي للوقوف أمام الانتهاكات الجارية.


بالتوازي، صرّح وزير الخارجية الهولندي كاسبر فالدكامب بأن بلاده لم تعد قادرة على غض الطرف عن ممارسات الجيش الإسرائيلي، لا سيما في غزة وسوريا، بالإضافة إلى العنف المتصاعد من قبل المستوطنين في الضفة الغربية. وأشار إلى أن هولندا بدأت بالفعل بتطبيق قيود صارمة على تصدير المنتجات ذات الاستخدام المزدوج إلى إسرائيل، في خطوة تعكس تصعيدًا سياسيًا ملموسًا.


انتهاكات إسرائيلية

في رسالة رسمية بعث بها إلى كايا كالاس، الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي، أعرب فالدكامب عن شكوكه في مدى التزام إسرائيل بتوزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة بطريقة حيادية ومستقلة، وفقًا للمعايير الدولية. كما طالب بمراجعة دقيقة للبند الثاني من اتفاقية الشراكة، الذي يُلزم الطرفين باحترام القانون الدولي وحقوق الإنسان.


الأهمية الرمزية والسياسية لهذه التصريحات تكمن في أنها تصدر من دولتين أوروبيتين ذات ثقل نسبي داخل الاتحاد، وتضع الاتفاقية الأوروبية الإسرائيلية أمام اختبار أخلاقي وسياسي حرج. كما أنها تعكس تنامي الحرج الأوروبي من استمرار الشراكة مع دولة تواجه اتهامات متكررة بارتكاب انتهاكات جسيمة بحق المدنيين في مناطق النزاع.


ومن شأن هذه الدعوات، إن تطورت إلى موقف أوروبي موحد، أن تعيد رسم طبيعة العلاقة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، وتفتح الباب أمام فرض مشروطيات أكثر صرامة فيما يخص حقوق الإنسان، بل وربما تعليق أو تجميد بعض أوجه التعاون في حال ثبوت انتهاكات ممنهجة.

عوائق سياسية

لكن في المقابل، تظل هناك عوائق سياسية داخل الاتحاد تحول دون اتخاذ موقف موحد، في ظل انقسام الدول الأعضاء بين تيارات داعمة لإسرائيل وأخرى ناقدة لسلوكها العسكري.

الدعوات الإيرلندية والهولندية لمراجعة اتفاق الشراكة مع إسرائيل تمثل مؤشرًا على تحول في المزاج السياسي الأوروبي، وهي تسلط الضوء على المعضلة الأخلاقية التي تواجه الاتحاد الأوروبي في توازنه بين المصالح الاستراتيجية والمبادئ الإنسانية. والسؤال الآن: هل تشكّل هذه المواقف بداية لتغيير فعلي في سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه إسرائيل؟ أم ستظل مجرد مواقف رمزية بلا تأثير عملي؟.

موضوعات متعلقة