ما هو سر الاهتمام الإسرائيلي بطائفة الدروز في سوريا؟

تحظى الطائفة الدرزية بمكانة خاصة داخل إسرائيل، حيث يُعدّ الدروز المواطنون العرب الوحيدون الذين يخدمون بشكل إلزامي في الجيش الإسرائيلي، ويشغلون مناصب أمنية ومدنية حساسة.
ويقول إن المجتمع الإسرائيلي ينظر إليهم على أنهم شركاء في الأمن والدولة، ما يعزز من التزام إسرائيل السياسي تجاههم، سواء داخل حدودها أو في الجوار الإقليمي.
إضافة إلى البعد السياسي المرتبط بعلاقة إسرائيل مع الطائفة الدرزية، فإن دعم إسرائيل لدروز سوريا يخدم أهدافاً استراتيجية متعددة.
فمعظم البلدات الدرزية تقع في مناطق جنوب سوريا القريبة من الجولان المحتل، وهي مناطق تعتبرها إسرائيل ذات أهمية أمنية بالغة.
ويُعد وجود جماعات موالية لإيران أو قوات النظام السوري قرب هذه المناطق تهديداً مباشراً لأمن إسرائيل ، لذلك فإن دعم دروز سوريا يُستخدم كوسيلة لخلق "حزام أمني اجتماعي" في تلك المناطق من خلال دعم مجتمعات محلية معارضة للنظام أو محايدة تجاه إسرائيل.
هذا وتلعب إسرائيل على التوازنات الطائفية في سوريا، حيث يمثل دعمها للدروز رسالة إلى بقية الأقليات بأن إسرائيل قد تكون حليفاً محتملاً في حال تحوّلت الصراعات الطائفية أو السياسية إلى تهديد وجودي لهم.
ويساعد هذا الدعم في تعزيز ولاء الدروز داخل إسرائيل، وإظهار الدولة على أنها تحمي أبناء الطائفة أينما كانوا، ما يعزز من تماسك الجبهة الداخلية.
يسكن الدروز مناطق حدودية مع لبنان وسوريا فضلاً عن إتقانهم اللغة العربية ما يسمح لهم للعمل في مناصب استخباراتية حساسة.
على الرغم من ذلك، يوجد عدد من دروز الجولان المحتل ما زالوا يرفضون الخدمة العسكرية الاسرائيلية ويعتبرون أنفسهم جزءاً من دروز سوريا.
يؤكد أفيتار ألون، المستشار الأمني السابق لدى وزارة الدفاع الإسرائيلية، أن اهتمام إسرائيل بالدروز في سوريا ليس موقفاً عابراً بل امتداد لعلاقة تاريخية واستراتيجية راسخة، موضحاً أن هذه الطائفة تشكل جزءاً من النسيج الإقليمي الذي تربطه بإسرائيل "روابط اجتماعية وأمنية وثيقة".
وأشار ألون إلى أن مناشدات عديدة تصدر من داخل الطائفة الدرزية في إسرائيل تطالب الحكومة بالتدخل لحماية دروز سوريا، خاصة في مناطق التوتر مثل الجنوب السوري، ما يفرض على إسرائيل مسؤولية "أخلاقية وسياسية"، على حد وصفه.
ويضيف أن إسرائيل تسعى من خلال تدخلها أيضاً إلى توجيه رسالة إقليمية، مفادها أنها تملك نفوذاً لا يمكن تجاهله، خصوصاً مع تنامي النفوذ التركي وسعي أنقرة لبسط تأثيرها على الأقليات في سوريا.
وفي رده على الانتقادات التي تطال موقف إسرائيل من الأزمة، يوضح ألون أنها تستخدم قنوات علنية وسرية لإيصال رسائلها إلى الأطراف المعنية، وأن عدم ظهور رد فعل مباشر من النظام السوري لا يعني أن الرسائل لم تصل.
ويشير إلى أن هناك تنسيقاً وثيقاً مع الولايات المتحدة بشأن ملف الدروز، ما يعكس أن السياسة الإسرائيلية في هذا الصدد "ليست ارتجالية، بل مبنية على رؤية استراتيجية طويلة المدى".
من جانبه، يقول مئير مصري، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية بالقدس، إن اهتمام إسرائيل بالدروز ينبع أيضاً من القلق المتزايد إزاء تنامي الجماعات الجهادية على حدودها، في ظل تراجع الدور الروسي وانهيار نفوذ النظام السوري في بعض المناطق.
ويضيف أن التحالف بين إسرائيل والدروز يعود إلى بدايات القرن العشرين وتعمق بعد استقلال الدولة العبرية، مشيراً إلى أن هذا الارتباط يُعرف بـ"بريت داميم" أو "تحالف الدم"، في إشارة إلى مشاركة الدروز في صفوف الجيش الإسرائيلي.
خبير قانون دولي: لا سند قانونياً لتدخل إسرائيل في سوريا بذريعة حماية الدروز
يؤكد بروفيسور القانون الدولي محمد القضاة أن "إسرائيل لا تمتلك أي سند قانوني دولي يخولها التدخل العسكري في سوريا تحت ذريعة حماية الأقلية الدرزية"، مشدداً على أن مثل هذا التدخل يمثل "انتهاكاً صارخاً لسيادة دولة عضو في الأمم المتحدة ويعدّ عدواناً بموجب ميثاق المنظمة الدولية".
ويوضح القضاة أن القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة لا يجيزان استعمال القوة أو التهديد بها إلا في حالتين: الدفاع عن النفس ضد هجوم مسلح، أو بقرار صادر عن مجلس الأمن الدولي استناداً إلى الفصل السابع، وفق تعبيره.
ويضيف: "إسرائيل لا يمكنها تبرير تدخلها في سوريا كدفاع عن النفس، لأنها هي الطرف المعتدي، بينما سوريا لم تبادر باستخدام القوة ضد إسرائيل منذ أيام حكم الرئيس المعزول بشار الأسد".
وحول الخيارات القانونية المتاحة أمام الحكومة السورية، يشير القضاة إلى أن من حق أي دولة تتعرض للعدوان اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي، والمنظمات الدولية، وعلى رأسها جامعة الدول العربية، مؤكداً أن تلك الخطوات القانونية هي المسار الشرعي للرد على أي خرق لسيادة الدولة.
وفيما يتعلق بالادعاء الإسرائيلي بحماية الطائفة الدرزية، يشدد القضاة على أن الشعب السوري وحده يملك حق تقرير مصيره الداخلي، ولا يجوز لأي دولة أجنبية التدخل في شؤونه، مضيفاً أن الجهة الوحيدة المخولة قانونياً بالتحرك في مثل هذه الحالات هي الأمم المتحدة عبر مجلس الأمن، بموجب المادتين 41 و42 من ميثاقها.
ويختم القضاة بالقول: "إن كانت إسرائيل ترى أن هناك تهديداً للطائفة الدرزية في سوريا، فعليها التوجه إلى الأمم المتحدة، وليس التصرف بشكل أحادي يفاقم الأوضاع الإقليمية ويقوّض السلم الدولي".