تخفيضات ترامب العسكرية تهدد تفوق البحرية الأمريكية

أثار ترشيح جون فيلان لمنصب وزير البحرية في إدارة الرئيس دونالد ترامب جدلاً واسعًا في مجلس الشيوخ، حيث خضع لاستجواب مكثف بشأن تأثير التخفيضات المقترحة في ميزانية وزارة الدفاع على جاهزية البحرية الأمريكية. يأتي ذلك في وقت تتزايد فيه المنافسة البحرية مع الصين وروسيا، مما يفرض تحديات استراتيجية على الولايات المتحدة.
تركزت الأسئلة حول قدرة البحرية الأمريكية على توسيع أسطول الغواصات النووية، وزيادة الإنتاج الدفاعي، وتعزيز التعاون العسكري مع الحلفاء. رغم دفاع فيلان عن خطط التحديث، أعرب أعضاء مجلس الشيوخ عن مخاوفهم من أن تخفيض الميزانية بنسبة 8%، بما يعادل 50 مليار دولار، قد يضعف القدرات البحرية الأمريكية، خاصة مع استمرار الصين في تعزيز قوتها البحرية.
ورغم استثناء بعض المشاريع المهمة، مثل غواصات "فرجينيا"، إلا أن الغموض يحيط بتمويل برامج أخرى حيوية، أبرزها برنامج "كولومبيا" للغواصات الباليستية، الذي يعد ركيزة أساسية في منظومة الردع النووي الأمريكية. وفي هذا السياق، شدد السيناتور توم كوتون على ضرورة إعطاء الأولوية لهذا البرنامج، مؤكدًا أنه يمثل العمود الفقري للثالوث النووي الأمريكي.
من جانبه، أقر فيلان بأن قطاع بناء السفن يواجه تحديات كبيرة، أبرزها تأخير الإنتاج بسبب ضعف القاعدة الصناعية. وأوضح أن الإدارة ستسعى إلى تنشيط القطاع من خلال إعادة هيكلة العقود مع الشركات الخاصة، بهدف تحقيق توازن بين الأرباح والمخاطر. كما أكد على أهمية تسريع الإنتاج البحري لتجنب منح الصين ميزة استراتيجية في التوسع البحري.
لم تقتصر المخاوف على البرامج العسكرية، بل امتدت إلى التأثيرات المحتملة على القاعدة الصناعية الدفاعية. حذرت السيناتور جين شاهين من أن التخفيضات قد تؤثر سلبًا على عمليات الصيانة والإنتاج، مشيرة إلى أن حوض بناء السفن في بورتسموث يحتاج إلى 550 عاملاً سنويًا للحفاظ على استمرارية إصلاح الغواصات النووية.
في ظل هذه التحديات، تعهد فيلان بمراجعة شاملة لضمان الاحتفاظ بالموارد البشرية والمالية اللازمة، مؤكدًا أن الأولوية ستكون لتحويل التمويل من الأنشطة غير القتالية إلى المشاريع القتالية الرئيسية، مثل بناء الغواصات والسفن. كما أشار إلى أهمية زيادة إنتاج الذخائر عبر توسيع القاعدة الصناعية العسكرية.
من جهة أخرى، شدد عدد من أعضاء مجلس الشيوخ على ضرورة تسريع مبيعات الأسلحة للحلفاء، معتبرين أن تخفيف القيود البيروقراطية سيعزز قدرة الحلفاء على الدفاع عن أنفسهم، وهو ما أيده فيلان، مشيرًا إلى تعاون مستمر مع وزارة الخارجية لتحقيق ذلك.
مع تصاعد المنافسة الدولية، تبقى قدرة البحرية الأمريكية على الحفاظ على تفوقها الاستراتيجي موضع تساؤل، خاصة في ظل تخفيضات الميزانية التي قد تؤثر على برامج التحديث والإنتاج الدفاعي.
وفي هذا السياق، يبقى التحدي الرئيسي أمام فيلان هو الموازنة بين تحديث القدرات البحرية والتعامل مع الضغوط المالية، لضمان استمرار الولايات المتحدة في فرض هيمنتها البحرية عالميًا.