الوجود التركي والإسرائيلي في سوريا «صراع ناعم» قائم على المصالح المتبادلة
وصف خبراء في العلاقات الدولية الوجود التركي والإسرائيلي في سوريا بـ"الصراع الناعم"، مشيرين إلى أنه صراع قائم على تبادل المصالح وإبرام الصفقات التي تُجرى على المكاسب داخل سوريا عبر وسطاء ووكلاء يعملون لصالح كل من أنقرة وتل أبيب. وأكدوا أن هاتين القوتين تتحكمان حاليًا في مناطق جغرافية واسعة في سوريا، التي تمر بمرحلة انتقالية هامة.
وفي حديث صحفي، أوضح الخبراء أن وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السلطة قد يؤدي إلى إعادة رسم خريطة المصالح في سوريا، حيث من المتوقع أن يتجدد التنافس على "الكعكة" السورية، مع التركيز على ترتيب المصالح الأمريكية في المنطقة، بالإضافة إلى مصالح تركيا وإسرائيل.
رسائل تركية لإسرائيل
وفي وقت سابق، أفادت القناة الـ12 الإسرائيلية بأن المسؤولين الأتراك نقلوا رسائل إلى إسرائيل، طالبين فيها إنشاء آلية تنسيق مع الجيش الإسرائيلي في سوريا على غرار الآلية التي كانت بين الروس وإسرائيل، وهو ما يعكس تزايد التنسيق بين أنقرة وتل أبيب في هذا الملف.
"صراع ناعم"
من جانبه، أكد أستاذ العلاقات الدولية الدكتور عبد المسيح الشامي أن هناك تنسيقًا إقليميًا بين إسرائيل وتركيا في الساحة السورية، أساسه تحقيق مصالح مشتركة، مثل إسقاط نظام الأسد وإنهاء النفوذ الإيراني في سوريا، ما يخدم أهداف التوسع الإسرائيلي ويقوي وجود تركيا الإقليمي الذي تهددته إيران. وأضاف الشامي أن هذا التنسيق لم يشهد صدامًا حقيقيًا، بل هو عبارة عن "صراع ناعم" يركز على تبادل المصالح وإبرام صفقات داخل الأراضي السورية من خلال وسطاء يعملون لصالح الجانبين.
وأشار الشامي إلى أن هذا الصراع الناعم يتعاظم مع التغيرات المستمرة في الساحة السورية، وأنه قد يتحول إلى صدام إذا امتدت مواجهات المصالح بين الطرفين إلى احتلال مباشر أو اقتطاع أجزاء من الأراضي السورية.
تقاسم المصالح
من جهتها، ترى الباحثة في العلاقات الدولية رضوى سلامة أن الصراع بين أنقرة وتل أبيب قائم على جوانب متعددة، حيث سيكون هناك خريطة جديدة للتعامل على "الكعكة" السورية بعد استلام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مقاليد السلطة. وأوضحت سلامة أن هذا الصراع لا يقتصر على التنافس بين تركيا وإسرائيل، بل يشمل أيضًا المصالح الأمريكية في شمال شرق سوريا، خاصة تلك المتعلقة بآبار النفط والغاز، بالإضافة إلى الأمن الإسرائيلي ومكاسب اقتصادية أخرى.
وأكدت سلامة أن سوريا أصبحت ساحة لتقاسم المصالح بين أنقرة وتل أبيب، مشيرة إلى أن إسرائيل تعمل على التواصل مع الأكراد في شمال شرق سوريا لتدعيم مصالحها وقطع الطريق على أي وجود إيراني في تلك المنطقة. في المقابل، تسعى تركيا إلى القضاء على الوجود الكردي في سوريا، وذلك ليس فقط لتقليل التهديدات الأمنية على حدودها، ولكن أيضًا للسيطرة على مصادر النفط والغاز في مناطق مثل دير الزور والحسكة والقامشلي.
كما أكدت سلامة أن من أبرز مصالح إسرائيل في هذه المنطقة تأمين المياه العذبة في الجنوب والسيطرة على أراض إضافية بجانب الجولان، بينما تعمل تركيا على الحصول على حصة أكبر من آبار النفط في الشمال الشرقي، فضلاً عن سعيها للاستحواذ على مدينة حلب، التي تعد مركزًا صناعيًا هامًا وتتمتع بموقع استراتيجي في الاقتصاد السوري.
وأوضحت أن تركيا تسعى أيضًا للاستفادة من المكافآت الاقتصادية عبر الاستحواذ على مناطق في شمال سوريا، خاصة حلب التي تُعتبر عاصمة سوريا الاقتصادية.