خان يونس تحت النار.. استشهاد 34 فلسطينيا وانهيار المنظومة الصحية في ظل التصعيد الإسرائيلي المتواصل

شهد قطاع غزة، وتحديداً جنوبه، تصعيداً عسكرياً إسرائيلياً جديداً منذ فجر السبت، أسفر عن استشهاد 34 فلسطينياً، في سلسلة غارات وعمليات قصف طالت المناطق السكنية ومراكز إيواء النازحين، وسط تفاقم غير مسبوق في الأزمة الإنسانية والصحية.
استهداف مباشر للنازحين:
بحسب ما أوردته وسائل إعلام فلسطينية، نفذ الطيران الحربي الإسرائيلي غارات متتالية استهدفت خيام النازحين في غرب خان يونس، مما أدى إلى استشهاد 5 نازحين وإصابة 10 آخرين، في مشهد يتكرر منذ أسابيع ويعكس تهديداً ممنهجاً للفئات الأضعف، لاسيما من اضطروا للنزوح من بيوتهم بحثاً عن مأوى آمن.
وفي غرب رفح، تكرر المشهد الدموي، حيث أطلق جيش الاحتلال النار على فلسطينيين كانوا بالقرب من مركز توزيع مساعدات، مما أدى إلى استشهاد 5 مواطنين وإصابة آخرين، وهو ما يعكس تعمّد استهداف نقاط التجمع الإنساني، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني.
تصعيد عسكري مكثف:
اتسعت رقعة القصف لتشمل أحياء سكنية في مدينة خان يونس، حيث تعرض حي الأمل لقصف مدفعي عنيف، تزامناً مع غارات شنتها طائرات حربية ومسيرات إسرائيلية استهدفت خيام النازحين خلف نقطة الهلال الأحمر، في تصعيد ينذر بكارثة إنسانية، ويجرد المناطق الجنوبية من أي مظهر للأمان.
كما طالت الغارات الجوية مناطق في شمال غرب رفح، إضافة إلى محيط شارع المواصي، ووسط مدينة خان يونس، ما يوسع دائرة التدمير لتشمل المناطق السكنية ذات الكثافة العالية، ويقوّض قدرة السكان على التنقل أو الإخلاء.
المنظومة الصحية على حافة الانهيار:
في خضم هذا التصعيد العسكري، أطلقت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة تحذيراً بالغ الخطورة بشأن الوضع الطبي في خان يونس، مؤكدة أن خروج مجمع ناصر الطبي عن الخدمة سيؤدي إلى كارثة إنسانية لا يمكن التنبؤ بعواقبها، نظراً لكونه المستشفى الوحيد المتبقي في المحافظة بعد توقف المستشفى الأوروبي وصعوبة الوصول إلى مستشفى الأمل المحاصر في منطقة الإخلاء.
ووصفت الوزارة استهداف المناطق المحيطة بالمستشفيات بأنه "نهج واضح ضمن خطة ممنهجة للاحتلال تهدف لتدمير المنظومة الصحية"، مشيرة إلى أن الضغط المستمر على هذه المؤسسات في ظل نقص الإمدادات الطبية، والتهديد المباشر للمرضى والكادر الطبي، قد يفضي إلى انهيار كامل للرعاية الصحية جنوب القطاع.
نداءات استغاثة ومناشدات عاجلة:
جددت الوزارة مناشدتها للمنظمات الدولية والجهات المعنية بسرعة التدخل، من أجل حماية ما تبقى من مؤسسات طبية، وضمان إدخال الأدوية والمستلزمات الطارئة، لتفادي ما وصفته بـ"الانهيار الكامل في تقديم الرعاية الصحية الطارئة".
ما يجري في خان يونس ورَفَح لا يمكن اعتباره مجرد تصعيد عسكري عابر، بل هو نهج شامل يستهدف الإنسان الفلسطيني في وجوده الأساسي، سواء في مسكنه أو مأواه المؤقت أو في حقه بالحصول على الرعاية الصحية. استهداف النازحين والمستشفيات والمناطق السكنية بشكل متزامن، يُعد مؤشراً واضحاً على تحلل الخطاب العسكري الإسرائيلي من أي التزامات إنسانية، ويدفع الجنوب الغزي إلى حافة الهاوية الصحية والاجتماعية.
المجتمع الدولي مدعو اليوم، لا إلى مجرد الإدانة، بل إلى تحرك فاعل وملزم لوقف الانتهاكات وضمان حماية المدنيين والمنشآت الصحية، باعتبار ذلك ليس فقط التزاماً قانونياً، بل واجباً إنسانياً عاجلاً.