مقترح ويتكوف ومأزق غزة.. حماس تبدي مرونة.. وإسرائيل تواصل التصعيد

في خضم التصعيد المستمر في قطاع غزة، برز تطور جديد في مسار الجهود الدبلوماسية لوقف الحرب، حيث أكد خليل الحية، القيادي البارز في حركة "حماس"، أن الحركة لم ترفض مقترح وقف إطلاق النار الذي تقدم به ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بل طالبت بتعديلات تضمن إنهاءً دائماً للحرب، وليس مجرد هدنة مؤقتة.
وفي كلمة مسجلة، أوضح الحية أن "حماس" مستعدة للانخراط في جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل، عبر الوسطاء الإقليميين والدوليين، مشيراً إلى استمرار المحادثات مع وسطاء مثل مصر وقطر. ولفت إلى أن الحركة وافقت مبدئياً على الشروع في صفقة شاملة، تتضمن إطلاق سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين الأحياء مقابل عدد يُتّفق عليه من الأسرى الفلسطينيين، بالإضافة إلى تسليم جثامين 18 إسرائيلياً.
رغم هذه المؤشرات على المرونة، فإن الفجوة بين الطرفين لا تزال قائمة. فقد اشترطت "حماس" في ردها ضمان وقف دائم لإطلاق النار، وانسحاباً شاملاً للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة، وهي مطالب ترفضها الحكومة الإسرائيلية حتى اللحظة، معتبرة أن "حماس" تماطل وترفض مقترحات الحل. إلا أن الحركة أكدت أن موقفها يأتي استجابةً لمعاناة الشعب الفلسطيني، وبعد مشاورات وطنية داخلية، وفي إطار المسؤولية الوطنية والأخلاقية تجاه الأزمة الإنسانية الكارثية التي يعيشها سكان القطاع.
من جهتها، نفت "حماس" المزاعم الإسرائيلية التي ادعت رفض الحركة للمبادرة الأميركية، مشددة على أن تعديلاتها تهدف إلى إرساء حل دائم وليس مرحلي، يمنع تكرار دورات العنف المدمرة التي أنهكت المدنيين، خصوصاً مع استمرار الحصار، والعمليات العسكرية التي خلفت دماراً واسعاً وآلاف الضحايا.
الحركة أعربت عن ترحيبها المتواصل بالجهود القطرية والمصرية، مؤكدة استعدادها للدخول في مفاوضات فورية بهدف التوصل إلى حل عملي ودائم، يضمن تدفق المساعدات الإنسانية ورفع الحصار عن القطاع المحاصر منذ أكثر من 17 عاماً.
في المقابل، تستمر إسرائيل في تصعيد عملياتها البرية والجوية، وتتبنى خطاباً متشدداً يرفض الانسحاب الكامل من القطاع، ما يعكس تمسك حكومة نتنياهو بأهدافها الاستراتيجية التي تتجاوز مجرد تحرير الرهائن، إلى محاولة "تفكيك بنية حماس العسكرية"، بحسب ما تدعيه.
تحليل المشهد العام
ما بين روايتين متضادتين، تتبدى ملامح أزمة سياسية وعسكرية وإنسانية مركبة. من جهة، تسعى "حماس" إلى انتزاع ضمانات دولية تضع حداً دائماً للصراع، بعد ما يقارب 19 شهراً من الحرب، في ظل ظروف إنسانية خانقة. ومن جهة أخرى، ترفض إسرائيل تقديم أي تنازلات تُفسَّر على أنها "انتصار" للفصائل الفلسطينية، وسط ضغط داخلي ورفض من قبل بعض أطراف اليمين الإسرائيلي لأي اتفاق لا يتضمن "القضاء على حماس".
وتبقى الوساطة الإقليمية والدولية العنصر الحاسم، حيث تركز الجهود على ردم الهوة بين المطلب الفلسطيني بوقف شامل ونهائي للحرب، والموقف الإسرائيلي الذي لا يزال يرى في استمرار العمليات العسكرية وسيلة لتحقيق أهداف سياسية وأمنية أوسع.
بين المبادرة الأميركية والرد الفلسطيني، يبقى مصير المدنيين في قطاع غزة معلقاً على قدرة الوسطاء في تحويل "المرونة المشروطة" إلى اتفاق قابل للتنفيذ، يضع حداً للمأساة الإنسانية المتواصلة، ويفتح نافذة لاستقرار هش طال انتظاره.