اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

100 يوم في البيت الأبيض.. ما الذي تحقق من وعود ترامب وتعهداته الانتخابية؟

السيناتور الديمقراطي رافايل وارنوك مع زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك
السيناتور الديمقراطي رافايل وارنوك مع زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك


تضع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مقاييس للأداء منذ توليه المنصب في يناير الماضي، منها "الوعود التي قطعها وتلك التي أوفى بها" منذ حملته الانتخابية، على رغم أنه لم يف بعد بعدد منها.

في أول 100 يوم من ولاية ترامب الثانية، أبطأت المحاكم الاتحادية الأمريكية بعضاً من أجرأ تحركاته أو أوقفتها، كما أنه لم يتمكن من إنهاء حربي أوكرانيا وغزة، أو يبرم اتفاقات تتعلق بتبادل الأراضي، أو يجبر مجلس الاحتياط الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) على الانصياع له.

وفي ما يأتي موقف بعض وعود ترامب الرئيسة:

الاقتصاد والتضخم

أشار الجمهوري ترامب، الذي انتخب على أساس تعهده بخفض أسعار المستهلكين ودعم الاقتصاد، إلى أول انخفاض صريح للتضخم الشهري منذ ما يقرب من خمس سنوات في مارس ، باعتباره دليلاً على أن سياساته بدأت تحدث تأثيراً.

لكن من المتوقع ارتفاع أسعار عدد من السلع، إذ هزت الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها سوق الأسهم الأمريكية وأججت المخاوف من حدوث ركود اقتصادي. وتشعر الشركات، التي تعتمد على الاستيراد، بالقلق، وتتراجع ثقة المستهلكين.

وأظهر تقرير لوزارة التجارة صدر أمس الأربعاء أن الاقتصاد الأمريكي انكمش في أول ثلاثة أشهر من العام لأسباب على رأسها تدفق الواردات لتجنب الرسوم الجمركية، والعبء الذي تركه عجز الميزان التجاري على الاقتصاد كان الأكبر على الإطلاق منذ أربعينيات القرن الـ20.

وقال البيت الأبيض إنه سيبرم اتفاقات تجارية مع عشرات الدول، من بينها الصين، على أمل أن يسهم ذلك في استقرار السوق العالمية. ولم تبرم واشنطن أي اتفاقات حتى الآن على رغم أن وزير التجارة هوارد لوتنيك قال الثلاثاء إن الولايات المتحدة توصلت إلى اتفاق تجاري مع إحدى الدول، وتنتظر موافقتها قبل إعلانه.

وطالب ترامب مجلس الاحتياط الاتحادي بخفض أسعار الفائدة لدعم الاقتصاد، لكن البنك المركزي الأمريكي أرجأ مثل هذا الخفض بسبب مخاوف التضخم.

ويضغط ترامب على الكونجرس كي يقر تشريعاً يجعل تخفيضاته الضريبية لعام 2017 دائمة ويسن أخرى، مثل إعفاء الإكراميات وأجور العاملين في قطاع الخدمات نظير العمل لفترات إضافية من الضرائب، ويعبر دعاة الانضباط المالي وخبراء الموازنة عن قلقهم من أن هذه التخفيضات ستزيد من عجز الموازنة الاتحادية الكبير أصلاً.

الهجرة

لم تتسم سياسات ترامب بالقوة والجرأة في مجال أكثر من الهجرة، إذ سارع بإرسال قوات إلى الحدود الأمريكية – المكسيكية، ووسع دائرة المهاجرين الذين يمكن اعتقالهم.

وأتى ذلك بنتائج سريعة، إذ انخفض عدد المهاجرين الذين ألقي القبض عليهم وهم يعبرون الحدود الجنوبية من دون سند من القانون في فبراير الماضي إلى أدنى مستوى شهري له منذ بدء التتبع قبل 25 عاماً، ثم انخفض أكثر في مارس التالي، وتجاوزت أعداد المهاجرين غير الشرعيين الذين ألقي القبض عليهم في الولايات المتحدة خلال أول ثلاثة أشهر في عهده إجمالي من اعتقلوا العام الماضي.

لكن الترحيل، الذي أعطاه ترامب أولوية قصوى، جاء أقل مما قامت به إدارة سلفه جو بايدن العام الماضي عندما كانت مستويات الهجرة غير الشرعية مرتفعة مما تطلب ترحيل مزيد من الأشخاص سريعاً.

واستدعى ترامب قانوناً نادراً من زمن الحرب لعام 1798، يعرف باسم "قانون الأعداء الأجانب"، لترحيل من يقال إنهم أعضاء عصابات فنزويلية سريعاً، قبل الطعن على هذا الإجراء، وشكلت لهجة الإدارة الأمريكية العدائية تجاه القضاء تحدياً للضوابط والتوازنات التقليدية بين الجهات الحكومية.

وسعت الحكومة إلى ترحيل الطلاب الذين احتجوا على الدور الأمريكي في حرب غزة على رغم عدم توجيه أي اتهامات لهم، وألغت الحكومة الوضع القانوني لآلاف الطلاب الأجانب قبل أن تتراجع عن هذه الخطوة الأسبوع الماضي. كما حاول ترامب إلغاء حق حصول كل من يولد في الولايات المتحدة على الجنسية، لكن القضاة الاتحاديين عرقلوا مساعيه، وقد تصل القضية إلى المحكمة العليا الأمريكية للبت فيها.

إنهاء حربي غزة وأوكرانيا

تعهد ترامب بحل الصراعين في غزة وأوكرانيا سريعاً، وقال إنه قادر على إبرام اتفاق سلام ينهي الحرب في أوكرانيا منذ أول يوم له في المنصب. لكن الحربين لا تزالان مستمرتين، كما شن حملة ضربات جوية واسعة النطاق على الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن.

وحاول دفع كييف نحو قبول موقف يلبي مطالب روسيا بالتنازل لها عن شبه جزيرة القرم الأوكرانية وغيرها، بينما لم يزد الضغط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإنهاء القتال إلا في الأسابيع القليلة الماضية فقط.

وفي غزة، تمكنت الإدارة الأمريكية من التفاوض على وقف إطلاق النار، لكنه انهار وتظل الولايات المتحدة داعماً قوياً لإسرائيل في حربها على مسلحي حركة "حماس".

ودخل ترامب في هذه الأثناء في مفاوضات مع إيران في شأن برنامجها النووي، في محاولة لمنع ضربة عسكرية أمريكية من شأنها أن تزيد من زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط.

مسألة الطاقة

تولى ترامب منصبه بعدما تعهد بخفض تكاليف الطاقة في الولايات المتحدة، وانخفضت أسعار البنزين 15 في المئة تقريباً عن العام الماضي عندما كان بايدن لا يزال في البيت الأبيض، لكن مجموعة "إيه.إيه.إيه" لخدمات السفر أشارت إلى أنها ظلت مستقرة إلى حد بعيد منذ تولي ترامب منصبه.

ويجد ترامب صعوبات كبيرة أمام تنفيذ تعهده بزيادة إنتاج الولايات المتحدة من النفط، لأن حروبه التجارية أدت إلى انخفاض أسعار الخام العالمية والمحلية، مما دفع شركات الإنتاج إلى معاودة النظر في استراتيجياتها الخاصة بالتنقيب.

وتنتج الولايات المتحدة كميات غير مسبوقة من النفط الخام، ووصلت إلى مستويات قياسية مرتفعة قاربت 13.4 مليون برميل يومياً العام الماضي قبل تولي ترامب منصبه. وتوقع حلفاء الرئيس احتمال إضافة 3 ملايين برميل يومياً أخرى، وهي كمية اعتبرها معظم العاملين في القطاع مستحيلة بسبب ضعف نمو الطلب العالمي.

واتخذ ترامب خطوات عدة، لا سيما على صعيد الإجراءات التنظيمية، لزيادة الإنتاج من خلال تسهيل التنقيب في الأراضي الاتحادية، لكن القطاع يعتمد في زيادة الإنتاج على الأسعار، التي لا تناسب المنتجين.

وألغى ترامب مثلما وعد قرارات بايدن في شأن السيارات الكهربائية، وجعل الولايات المتحدة تنسحب من اتفاق باريس للمناخ لعام 2015 للمرة الثانية.

وفي أول يوم له بالمنصب، استأنف ترامب الموافقات على تصدير الغاز الطبيعي المسال بعد أن أوقفه بايدن، وأعلن عدد من الشركات استثمارات فيه خلال الأشهر القليلة الماضية.

إصلاح الحكومة

شابت الفوضى جهود ترامب للحد من مستوى البيروقراطية في الحكومة الاتحادية بحجة خفض التكاليف، وعين الملياردير إيلون ماسك مسؤولاً عن إدارة الكفاءة الحكومية التي قام من خلالها بعمليات فصل جماعي لموظفين في جهات حكومية.

وتمكن مساعدو ماسك من الوصول إلى كميات هائلة من البيانات الشخصية للأمريكيين، مما أثار قلق المدافعين عن الخصوصية، ورفعت عشرات الدعاوى القضائية بسبب فصل موظفين.

وأعيد بعض الخبراء في مجالات، مثل سلامة الغذاء والأسلحة النووية، إلى عملهم بعد فصلهم عن طريق الخطأ. وعاد موظفون آخرون لأعمالهم بعد نجاح الطعون التي قدموها على قرارات فصلهم أمام المحاكم، فيما لا يزال آلاف العاملين المهمشين يتقاضون رواتبهم الحكومية بعد مطالبتهم بالبقاء في منازلهم.

وتقول الوكالات، التي جرى تقليص عدد العاملين فيها، إن مستوى الكفاءة لديها تراجع ولم يتحسن لأنها جردت من موظفين رئيسين، مما أدى إلى أزمات داخلية وتأخر اتخاذ القرار وانتظار الجمهور لفترات أطول.

وتراجع ماسك عن مستهدف التوفير، فبعد أن تعهد بتوفير تريليوني دولار في الموازنة الاتحادية، أشار منذئذ إلى أن إدارة الكفاءة الحكومية لن تحقق هذا الهدف ولو من بعيد. وينشر موقع الإدارة على الإنترنت تحديثات منتظمة عما يدعي أنها مبالغ وفرها على دافعي الضرائب الأمريكيين، يقول إنها بلغت نحو 160 مليار دولار حتى الآن، لكن الموقع يعج بالأخطاء والتصحيحات.

برامج التنوع والاندماج

تناول عدد من أوامر ترامب التنفيذية المبكرة، تخليص الحكومة الاتحادية من مبادرات التنوع والمساواة والاندماج. ووسع نطاق هذه الحملة لتشمل القطاع الخاص، ووافقت شركات مثل "سيتي غروب" و"بيبسيكو" على تعديل نهجها في مراعاة التنوع في التوظيف والتدريب. وهدد أيضاً المعاهد العليا والجامعات وشركات المحاماة باتخاذ إجراءات عقابية، إذا لم تتخلص من ممارسات التنوع والمساواة والاندماج.

ومضى ترامب قدماً في جهوده الرامية إلى إغلاق وزارة التعليم أو تقليصها بشدة، متهماً إياها ببث أفكار ليبرالية في المدارس الأمريكية، وأعاقت المحاكم الجهود الرامية إلى مطالبة المدارس العامة بالتخلي عن برامج التنوع والمساواة والاندماج وإلا فقدت التمويل.

الانتقام من الخصوم السياسيين

نفذ ترامب تهديده القائم منذ فترة طويلة بالانتقام ممن يعتقد أنهم ظلموه، وسحب تصاريح أمنية من 50 مسؤولاً سابقاً في الأمن القومي وجميع الديمقراطيين الثلاثة الذين ترشحوا ضده في المنافسات الرئاسية.

وفصلت وزارة العدل أو قلصت رواتب عشرات المسؤولين والمدعين العامين وضباط مكتب التحقيقات الاتحادي (إف.بي.آي)، ومن بينهم موظفون صغار عملوا في التحقيقات المتعلقة بترامب، والهجوم الذي شنه حشد من أنصاره على مبنى الكونجرس في السادس من يناير 2021.

وشن حرباً على شركات محاماة خاصة لعبت أدواراً في التحقيق بعلاقات روسية مزعومة بحملته الانتخابية لعام 2016 أو ساعدت خصومه الديمقراطيين، مما دفع تسعة منها إلى التوصل إلى تسويات وافقت فيها على أداء عمل قانوني مجاني لصالح أولويات الإدارة.

ووجه ترامب وزارة العدل أن تجري تحقيقاً مع موقع "آكت بلو" الرائد لجمع التبرعات للمرشحين الديمقراطيين، وهي خطوة وصفتها المنظمة بأنها محاولة للقضاء على المعارضة.

مواجهة شركات التكنولوجيا الكبرى

وتعهد ترامب مراراً أثناء حملته الانتخابية بكبح جماح نفوذ شركات التكنولوجيا الكبيرة، وهناك دلائل على أن إدارته تقوم بذلك، وعززت إدارته الجهود التي تبذلها منذ فترة طويلة لتفكيك شركتي "غوغل" و"ميتا" العملاقتين. وتواجه "أمازون" و"أبل" قريباً محاكمات في مكافحة الاحتكار، لكن لم يتضح بعد إذا كان هدف ترامب في نهاية المطاف هو إضعاف تلك الشركات، وتعرض لضغوط كبيرة من رؤسائها التنفيذيين.

المشاركون في احتجاجات السادس من يناير

أثناء الحملة الانتخابية، قال ترامب إنه قد لا يفرج عن المدانين بارتكاب جرائم عنف في الهجوم على مقر الكونجرس في عام 2021، لكن انتهى به المطاف إلى منح العفو لجميع الذين كانوا في السجن أو يواجهون المحاكمة. وكان من بين هؤلاء شخصيات مثل إنريكي تاريو، زعيم جماعة "براود بويز" والعقل المدبر لعملية اقتحام الكونجرس، وآخرون ممن هاجموا أفراد الشرطة، ومنح ترامب العفو لنحو 1500 شخص إجمالاً.

المتحولون جنسياً

أوفى ترامب إلى حد بعيد بوعوده في شأن الأمريكيين المتحولين جنسياً، ومنعهم من الخدمة في الجيش، وقيد الحصول على الرعاية الطبية للتحول الجنسي للأشخاص تحت سن 19 سنة، واستهدف الرياضيين المتحولين جنسياً الذين يتنافسون في الرياضات الجماعية.

وجعلت إدارته من سياسة الحكومة أن هناك جنسين فقط، وهددت بقطع التمويل الاتحادي عن المعاهد العليا والجامعات التي تروج "لفكر الجنس الاجتماعي".

موضوعات متعلقة