الأزهر للفتوى يحتفي بركن الإسلام وإمام الحرمين «أبو المعالي الجويني»
احتفى مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية بالإمام أبو المعالي الجويني، وذلك ضمن مشروع قدوة الذي دشنه الأزهر للفتوى لتعريف الأجيال الحالية بمشايخ الإسلام
مولده
ولد الإمام الجُوَيْني عام 419هـ بالجوين وإليها يُنسب، وهي قرية تقع في الجزء الغربي من قارة آسيا.
ولد في بلدة جوين من نواحي نيسابور ببلاد خراسان في 18 محرم 419 هـ الموافق 12 فبراير 1028 م، وينتمي إلى بيت عرف بالعلم والتدين؛ فأبوه عبد الله بن يوسف الجويني كان واحدا من علماء وفقهاء نيسابور المعروفين وله مؤلفات كثيرة في التفسير والفقه والعقائد والعبادات، وقد حرص على تنشئة ابنه عبد الملك تنشئة إسلامية صحيحة فعلمه بنفسه العربية وعلومها، واجتهد في تعليمه الفقه الخلاف والأصول. واستطاع عبد الملك أن يحفظ القرآن الكريم في سن مبكرة.
نشأته
ظهر نبوغ الإمام الجويني في صغره؛ وكنّي بأبي المعالي لهمته العالية في طلب العلم؛ فأتم حفظ القرآن الكريم مبكرًا، وأتقن علوم اللغة، والشريعة، والكلام، فكان عالمًا موسوعيًا في فنون العلم المختلفة.
فكان يميل إلى البحث والنقد والاستقصاء؛ فلا يقبل ما يأباه عقله، ويرفض ما بدا له فيه أدنى شبهة أو ريبة، وظل الجويني ينهل من العلم والمعرفة حتى صار من أئمة عصره المعروفين وهو لم يتجاوز العشرين من عمره، فلما توفي أبوه جلس مكانه للتدريس وهو في تلك السن المبكرة؛ فكان يدرس المذهب الشافعي، ويدافع عن العقيدة الأشعرية، ولكن ذلك لم يمنعه من الاستمرار في البحث ومواصلة التحصيل والاطلاع؛ فكان تلميذا وأستاذا في آن واحد. ومع أن والده كان هو المعلم الأول في حياته، فإن ذلك لم يمنعه من التلقي على مشاهير علماء عصره؛ فأخذ علوم الفقه عن «أبي القاسم الإسفراييني»، كما تلقى علوم القرآن الكريم على يد «أبي عبد الله محمد بن علي النيسابوري الجنازي» الذي عرف بشيخ القراء، وغيرهم.
تدريس وإفتاء
جلس الإمام للتدريس في سن مبكرة، ورحل إلى بغداد والتف حوله طلاب العلم، وانتقل إلى مكة وأقام بها أربع سنين يدرّس ويُفتي ويؤم الناس؛ حتى لقَّبوه بإمام الحرمين، ثم عاد إلى نيسابور وأقام له الوزير النظام مدرسة للتدريس وكان يحضر دروسه كبار العلماء، وإليه انتهت رئاسة المذهب الشافعي في عصره، وإمامة المتكلمين في زمانه.
وعظ وتربية
تلقى الشيخ التصوف وعلم السلوك إلى الله عن آبائه في بيت علم وزهد، ولازم الخلْوة، والمجاهَدَة النفسية، وترقى في الحال حتى كان من كبار الزهاد العباد، وتصدر للوعظ والتربية وتلقى الناس مواعظه بالقبول وتاب على يديه خلق كثير، وشهد له الناس بالعلم والصلاح.
فعرف التصوف الحق طريقه إلى قلب الجويني؛ فكانت مجالسه الصوفية رياضة روحية وسياحة نفسية يحلق بها في آفاق إيمانية رحبة، يبكي فيبكي الحاضرون لبكائه، ويجد فيها مجاهدة لنفسه ومراجعة لها.وقد أثر كثيرا في تلميذه حجة الإسلام الغزالي.
مؤلفاته
ترك الإمام عدة مؤلفات تعتبر أمهات ومراجع للعلوم في أبوابها: ففي الفقه (نهاية المطلب في دراية المذهب الشافعي)، وفي علم الكلام (الشامل في أصول الدين)، وفي الأصول (الورقات، والبرهان) وفي الجدال (العمد)، وفي السياسة الشرعية (غياث الأمم )، وغيرها الكثير.
تلاميذه
من أبرز من تتلمذ على الجويني: حجة الإسلام الإمام أبو حامد الغزالي، والإمام القُشيري.
وفاته
تُوفي الإمام الجويني رحمه الله عام 478 هـ بـ«بشتنقان»إحدى قرى نيسابور عن تسعة وخمسين عامًا؛ فجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.