اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارون رئيس التحرير محمود نفادي

شيخ الأزهر يفسر معني كلمة ”اللطيف” في أسماء الله الحسنى

شيخ الأزهر
شيخ الأزهر

كشف فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، في حديثه السادس من برنامجه الرمضاني "الإمام الطيب"، عن إحدى أسماء الله الحسنى التي تحمل في طياتها العديد من المعاني العميقة والغامضة، وهي "اللطيف".

قال فضيلة الشيخ ان هذا الاسم ينبض بين الخفاء والدقة، ويتناول الأمور الظاهرة والمستترة في عالمنا، سواء كانت مادية أم غير مادية، مثل الأفكار والشعور والحب والكره، فاللطيف هو الوجود الخفي الذي لا تراه الأعين، والكيان الدقيق الذي يتجلى في أدق التفاصيل.

جسّد الإمام الأكبر مفهوم اللطف من منظور إلهي وفلسفي، وركز على الاختلاف بين الفلسفة الإلهية والفلسفة المادية الحسية، واستعرض الأثر السلبي للتوجه الحسي والفلسفة التجريبية العلمية التي تسيطر على تفكير العلماء والأدباء، وتدفعهم إلى الإلحاد.

وأكد أن اللطف ليس مجرد مفهوم مادي، بل يشمل أيضًا العوالم غير المادية والأبعاد الروحية، حيث يؤكد وجود قوى خفية تتداخل مع عوالمنا وتؤثر فيها.

ركز تحليل الإمام الأكبر على اللطف كصفة لله العليم، وكذلك كصفة لأفعاله، يقول إن اللطيف يكون صفة ذات عندما يعود للذات الإلهية، فهو موجود ومعلوم منذ الأزل، أما عندما يحدث اللطف في عالمنا المادي، فيكون تجليًا لقدرة الله وفعله، هذا التفصيل يعطي للتفاعل بين الخالق والمخلوق بُعدًا روحيًا وفلسفيًا.

ويؤكد الإمام الأكبر على أهمية أن نأخذ المسؤولية عن أفعالنا وأن نلتزم بتعاليم الله، وعلى الرغم من أن الأسباب والنتائج تعود لله، إلا أننا مطالبون بالعمل والجهد والحكمة، ويشير إلى أن النتائج قد تتعارض مع توقعاتنا وحساباتنا الدقيقة، مما يعكس وجود قوة خفية وراء الأحداث، ويدل على وجود اللطف الإلهي الذي يتلاشى في الظروف الصعبة والمحن.

وأضاف شيخ الأزهر على أن أفعالنا مطلوبة من حيث أمرنا الله تعالى بها، وأن الأسباب والنتائج من الله، لكن علينا أن نأخذ بها، لأننا أمرنا بذلك، مع اعتقادنا أنه لا ينتج بالضرورة المسبب، فالذي يحدث ذلك هو الله سبحانه وتعالى.

وضرب شيخ الأزهر مثال: كالذي يحدث بين النار والاحتراق، حيث أن الذي يحدث الإحراق بعد ملاقاة النار هو الله سبحانه وتعالى وليس النار، بدليل أن سيدنا إبراهيم عليه السلام لم يُحرق، ثم إن العلماء قالوا إن النار هي جماد ليس لها إرادة، ولو اعتقدنا بأن النار هي التي تحرق، فكأننا تعترف بفاعل مؤثر غير الله سبحانه وتعالى، موضحا أن الإنسان وكثيرا ما يقوم بعمل حسابات واحتياطات دقيقة جدا، وتأتي النتائج عكسية تماما، في حين قد تأتي النتائج بأكبر مما فكر وقدر، وهذا يدل على أن هناك فاعلا خفيا، سبحانه وتعالى، قائلاً "هذا هو الإيمان الذي يسخر منه الماديون"، مضيفا انه للأسف الشديد كثير من شبابنا، بدأت تتفلت منه هذه الأنظار الدقيقة، وهذه الأنظار هي التي جعلت المسلمين الأوائل يؤمنون بالله ويثقون في قدرته، قال تعالى " إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين" ثم "ألف يغلبوا ألفين"، فكيف يغلب الألف ألفين؟ بالحساب لا يمكن، لكنهم كانوا يغلبون، لأنهم مسلحون بقوة خفية جدا.