اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

المعارضة الإسرائيلية تطالب بإغلاق ملف غزة بعد الاتفاق مع إيران: ”الرهائن أولاً”

غزة
غزة

في تحول لافت بالمشهد السياسي والأمني في الشرق الأوسط، دعت شخصيات بارزة في المعارضة الإسرائيلية، وعلى رأسها يائير لابيد ويائير جولان، إلى إنهاء الحرب على قطاع غزة، بعد ساعات من إعلان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، وهو الاتفاق الذي وصفه البعض بـ"الهدنة المتوترة" لاختلاف أطراف الصراع في تقييم نتائجه ومآلاته.

دعوات داخلية لإنهاء الحرب.. رهائن غزة في صدارة الخطاب
كتب زعيم المعارضة يائير لابيد على منصة "إكس" (تويتر سابقاً): "والآن غزة، حان الوقت لإغلاق ملفها أيضاً. أعيدوا المخطوفين، وأنهوا الحرب"، في إشارة مباشرة إلى الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في القطاع. دعوة لابيد جاءت في توقيت حساس يعكس إدراكاً متنامياً بأن الرأي العام الإسرائيلي بات يبحث عن نهاية ملموسة لمعاناة الأسرى وعائلاتهم، بعد شهور من النزاع.

أما يائير جولان، الجنرال السابق ونائب رئيس الأركان، فقد شدد على ضرورة تقييم اتفاق وقف إطلاق النار مع إيران من حيث جدواه الاستراتيجية، متسائلاً عن آلياته لردع طهران ومنعها من التقدم في برنامجها النووي، ومطالباً بفرض عقوبات صارمة حال خرق الاتفاق. لكنه عاد ليضع ملف غزة في صلب الأولويات، معتبراً أن الوقت قد حان لـ"إتمام المهمة" عبر استعادة الرهائن ووقف الحرب، محذراً من الانقلاب الداخلي الذي يهدد وحدة إسرائيل واستقرارها.

اتفاق هش.. وظلال من الصواريخ
تأتي هذه التصريحات بعد إعلان إسرائيل موافقتها على وقف إطلاق النار مع إيران، وفقاً لبيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، رافقه تحذير من أن أي خرق للاتفاق "سيُقابل برد قوي". الإعلان جاء بعد تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فجر الثلاثاء، والتي أكد فيها التوصل إلى اتفاق تهدئة وصفه بـ"الشامل والكامل"، داعياً الجانبين إلى الالتزام به.

لكن مشهد الساعات التي سبقت الاتفاق كان دموياً، إذ سقط 11 صاروخاً إيرانياً على مناطق متفرقة داخل إسرائيل خلال ساعتين فقط، ما أسفر عن مقتل 4 إسرائيليين وإصابة 22 آخرين، بحسب وسائل إعلام عبرية، مما يبرز هشاشة التفاهمات وإمكانية انهيارها في أي لحظة.

جذور التصعيد: حرب مزدوجة على جبهتين
منذ 13 يونيو، دخلت إسرائيل في مواجهة مباشرة مع إيران، استهدفت خلالها بدعم أمريكي منشآت نووية وقواعد صاروخية وعلماء كباراً، فيما ردّت طهران بضرب مواقع عسكرية واستخباراتية إسرائيلية باستخدام صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة. هذه الحرب غير المعلنة خلفت خسائر بشرية ومادية على الجانبين، وزادت من منسوب التوتر في المنطقة.

بالتوازي، تواصل إسرائيل حربها على قطاع غزة، والتي بدأت في 7 أكتوبر 2023، وأوقعت أكثر من 187 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، وفقاً لإحصاءات من مصادر فلسطينية وإسرائيلية. كما خلفت الحملة أكثر من 11 ألف مفقود، ومئات آلاف النازحين في ظروف إنسانية مأساوية.

في المقابل، تشير تقديرات إسرائيلية إلى أن حركة "حماس" لا تزال تحتجز 54 أسيراً إسرائيلياً في غزة، بينهم 20 على قيد الحياة، بينما يقبع في السجون الإسرائيلية أكثر من 10,400 أسير فلسطيني، وسط تقارير حقوقية تؤكد تعرضهم للتعذيب والإهمال الطبي الممنهج.

نقلة سياسية أم مناورة تكتيكية؟
تبدو دعوات المعارضة الإسرائيلية لوقف الحرب بغزة وتحقيق صفقة تبادل رهائن كتحول في الرؤية السياسية، لكنها في جوهرها تحمل دلالة تكتيكية أكثر منها استراتيجية، إذ تستثمر المعارضة إعلان وقف إطلاق النار مع إيران للضغط على الحكومة، التي تواجه انتقادات داخلية متزايدة حول طريقة إدارتها للملف الأمني والسياسي، سواء في غزة أو إيران.

كما أن تزامن هذه الدعوات مع تهدئة جزئية على الجبهة الإيرانية قد يشير إلى إدراك نخب سياسية إسرائيلية بأن الانشغال بجبهتين قد يستنزف قدرات الجيش الإسرائيلي، خصوصاً في ظل غياب حسم واضح بأي منهما.

تهدئة مؤقتة.. ومسار غامض
رغم نبرة التفاؤل الظاهرة في بعض التصريحات، فإن مسار الأحداث يشير إلى أن التهدئة مع إيران لم تُنهِ حالة الحرب الشاملة التي تعيشها إسرائيل منذ أكتوبر 2023، بل ربما تنقل ثقل المعركة إلى غزة، حيث لا يزال مصير الرهائن والمفاوضات مجهولاً، وسط واقع إنساني مأساوي وانقسام داخلي عميق.

وبينما تطالب المعارضة بإغلاق ملف غزة، يبدو أن القرار الحقيقي لا يزال رهناً بتوازنات إقليمية معقدة، وبتفاهمات دولية غير مكتملة، ما يجعل من هذه "الفرصة" نقطة اختبار حاسمة لما تبقى من قدرة إسرائيل على حسم ملفاتها أو على الأقل إدارة أزماتها بشكل لا يُفضي إلى مزيد من الانهيار.