نائبة إسبانية تفضح ازدواجية المعايير الأوروبية: التهديد النووي من تل أبيب لا طهران

في مشهد سياسي حاد ومثير للجدل داخل أروقة البرلمان الأوروبي، أطلقت النائبة الإسبانية إيرين مونتيرو هجومًا لاذعًا على سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه الشرق الأوسط، متهمة إياه بـ"التواطؤ الخطير" مع إسرائيل على حساب القانون الدولي وحقوق الإنسان، ومعتبرة أن التهديد النووي الحقيقي ليس إيران بل إسرائيل.
وجاءت تصريحات مونتيرو خلال جلسة ناقشت التطورات الإقليمية بعد اتفاق وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، حيث وجهت حديثها بشكل مباشر إلى كايا كالاس، الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والأمنية، منددة بما وصفته "دعما أعمى وغير مبرر" لإسرائيل.
وصرحت النائبة بأن إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية هما التهديد الأكبر للبشرية في الوقت الراهن، مؤكدة أن السياسات الأوروبية لا تمثل فقط انحيازًا واضحًا، بل تساهم في "تغذية الوحش"، على حد تعبيرها، في إشارة إلى الدعم الأوروبي المستمر لإسرائيل رغم ما ترتكبه من انتهاكات.
واتهمت مونتيرو إسرائيل بشن هجمات غير قانونية على إيران، في وقتٍ تمضي فيه في ما أسمته "إبادة مستمرة للشعب الفلسطيني"، مستنكرة مواقف قادة الاتحاد، وعلى رأسهم رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، التي كررت أن لإسرائيل "الحق في الدفاع عن نفسها"، وهو الموقف الذي وصفته النائبة الإسبانية بأنه "مقزز" و"مخجل".
واستحضرت مونتيرو أحداث الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، مشيرة إلى أن الخطاب الأوروبي الذي يشيطن إيران بحجة السلاح النووي يعيد إنتاج الأكاذيب ذاتها، بينما تغض أوروبا الطرف عن الترسانة النووية الإسرائيلية، المعروفة وغير المعلنة رسميًا.
وأضافت أن الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة في التاريخ التي استخدمت السلاح النووي فعليًا، منتقدة في السياق ذاته قرار حلف شمال الأطلسي (الناتو) بزيادة الإنفاق الدفاعي إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي، كما طالب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وختمت حديثها بنداء مباشر قالت فيه: "كفى خضوعًا لترامب ونتنياهو"، معتبرة أن القارة العجوز فقدت بوصلتها الأخلاقية حين قبلت بأن تكون تابعة لقرارات واشنطن وتل أبيب، على حساب مبادئها المعلنة حول العدالة وحقوق الإنسان.
تحليل عام
تصريحات مونتيرو ليست مجرد رأي فردي، بل تعكس تصاعدًا في التيارات اليسارية والمعارضة داخل أوروبا التي بدأت تراجع بجرأة مواقف الاتحاد الأوروبي تجاه قضايا الشرق الأوسط، خاصة في ظل تنامي الغضب الشعبي من العدوان الإسرائيلي على غزة والضفة الغربية، واستمرار الاحتلال دون أفق للحل السياسي.
وتُظهر كلمات النائبة الإسبانية مدى الهوة المتزايدة بين النخب الحاكمة في بروكسل وقطاعات من الرأي العام الأوروبي، التي باتت ترى في دعم إسرائيل خيانة للقيم الليبرالية التي يُفترض أن تمثلها أوروبا.
وفي ظل التوترات المتفاقمة في الشرق الأوسط، يأتي هذا الخطاب النقدي كجرس إنذار يذكر الاتحاد الأوروبي بأن تبني مواقف منحازة بشكل مطلق قد يُفقده شرعيته الدولية ويعرضه لمزيد من الانقسامات الداخلية.