اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

وقف إطلاق النار المؤجل.. إيران تفرض مشهدها الأخير بالصواريخ والدماء

إيران
إيران

في الساعات الحرجة التي سبقت دخول وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران حيّز التنفيذ، رسمت طهران مشهدًا أخيرًا مشحونًا بالصواريخ والدلالات الاستراتيجية. فقد أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وقف إطلاق النار رسميًا، مشيرًا إلى أن التنفيذ سيبدأ عند الرابعة فجرًا. لكن الصدمة جاءت حين تتابعت خمس رشقات صاروخية إيرانية بعد هذا الموعد، واستمرت حتى السابعة صباحًا، ما أربك القيادة الإسرائيلية وجعل نتنياهو يفكر جديًا في التراجع عن بيان وقف الحرب، قبل أن يتراجع عن التراجع ذاته، في مشهد يعكس التخبط داخل الحكومة الإسرائيلية.

أخطر ما حدث في هذا التوقيت كان سقوط صاروخ إيراني متطور على مبنى سكني في مدينة بئر السبع، قبل ساعة فقط من دخول الاتفاق حيّز التنفيذ. الهجوم أدى إلى دمار هائل، مع تأكيدات بوجود ضحايا تحت الأنقاض، وعدد القتلى في تزايد مستمر. الصاروخ – الذي يُرجح أنه من طراز جديد – استطاع اختراق الدفاعات الجوية الإسرائيلية التي بدت عاجزة أمامه، وأدى انفجاره إلى أضرار في شارع مجاور، ما كشف عن فجوة نوعية في قدرة إسرائيل على صد هذه الضربات.

في المقابل، بدا الجانب الإيراني في حالة معنوية مرتفعة، مع استعدادات واضحة للاحتفال بالنصر، خاصة بعد تجاوزهم الخط الزمني المقرر لوقف إطلاق النار بمزيد من الضربات. ومن المفارقات المأساوية، أن امرأة إسرائيلية لقيت حتفها داخل أحد الملاجئ نتيجة حالة ذعر شديدة، ما يعكس مستوى الرعب الذي تسببت فيه الهجمات الإيرانية في العمق الإسرائيلي.

حتى بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، أطلقت إيران رشقة سادسة بعد 16 دقيقة، وهو تأخير اعتبره مراقبون "روتينيًا" في ضوء التعقيدات اللوجستية للتنسيق بين الوحدات الصاروخية المنتشرة، لا سيما تلك البعيدة عن طهران، والتي تعمل أحيانًا بمهل زمنية أطول بسبب المسافات أو طبيعة المنصات.

ارتباك تنظيمي

سياسيًا، تعاني إيران من حالة "ارتباك تنظيمي" نتيجة نقل بعض صلاحيات المرشد الأعلى علي خامنئي إلى مجموعة من قادة الحرس الثوري – معظمهم من الشباب ذوي التوجهات المتشددة. وقد انعكس هذا على سلوك القيادة العسكرية في هذه المرحلة الحرجة، حيث غابت البراغماتية السياسية التي طالما ميّزت القرار الإيراني، وبرزت بدلًا منها نزعة متهورة وميل للمواجهة القصوى. ورغم ذلك، يُتوقّع أن تُعاد هذه الصلاحيات لاحقًا إلى خامنئي، مع استعادة النسق التقليدي لهيكلة القرار في طهران.

من جهة أخرى، يدرك الإيرانيون أن الاتفاق يتيح لإسرائيل فترة زمنية تمتد إلى 12 ساعة بعد الساعة السابعة صباحًا لتنفيذ "ضربات مؤجلة" ضمن هامش الرد الأخير، وهو ما يجعل الترقب سيد الموقف في طهران، رغم مظاهر النصر. فالمشهد لم يُغلق بعد، وربما لا يُغلق بسهولة.


يعكس هذا المشهد الأخير ما يمكن وصفه بـ"حرب التواقيت المتداخلة"، حيث لم تُحترم ساعة وقف النار بالكامل، وانكشف خلل في قدرة الطرفين على الالتزام أو ضبط أدواتهم. كما تكشف الأحداث أن إيران ما تزال تحتفظ بترسانة صاروخية قادرة على إحداث مفاجآت نوعية، ما يغيّر قواعد الاشتباك في المنطقة، ويضع إسرائيل أمام تحديات تكنولوجية وأمنية غير مسبوقة.