اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

الجيش السوداني و«الدعم السريع» يتصارعان على المثلث الحدودي

منطقة المثلث تكتسب أهميتها من موقعها الجغرافي وكونها محوراً اقتصادياً واستراتيجياً يمكن أن يعزز التعاون الإقليمي
منطقة المثلث تكتسب أهميتها من موقعها الجغرافي وكونها محوراً اقتصادياً واستراتيجياً يمكن أن يعزز التعاون الإقليمي

* قوات حميدتي تحكم سيطرتها على المنطقة وتتعهد بحماية المدنيين والقوات المسلحة تدفع بتعزيزات صوب الشمال


تتسارع التطورات في منطقة المثلث الحدودي الرابط بين السودان وليبيا ومصر باتجاه التصعيد بصورة ملحوظة، ففي وقت أحكمت فيه "الدعم السريع" سيطرتها الكاملة على هذه المنطقة وإظهارها نيات التوسع جغرافياً بمهاجمة الولاية الشمالية التي تبعد بضع كيلومترات عن (المثلث)، دفع الجيش السوداني بتعزيزات عسكرية كبيرة صوب حدوده الشمالية، حيث أظهرت مقاطع مصورة تحرك أرتال من مركبات الدفع الرباعي بكامل عتادها تتجه نحو الشمال.

في الأثناء أكدت قوات "الدعم السريع" استعدادها الكامل لتوظيف سيطرتها على منطقة المثلث الحدودي بصورة إيجابية، وذلك من خلال فتح المعبر لتيسير دخول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين في دارفور وكردفان، فضلاً عن تخصيص قوات لحماية وتأمين الحدود بالتنسيق مع دول الجوار.

وأشارت "الدعم السريع" في بيان إلى أنها تضع جميع إمكاناتها تحت تصرف منظمات العون الإنساني لتأمين قوافل الإغاثة وضمان وصولها إلى مستحقيها بأمان، مؤكدة أيضاً العمل على تعزيز مسار مكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود، وإعادة فرض سيادة القانون، وتأمين المعبر وحماية المدنيين.

وبينت القوات أن سيطرتها على المثلث يفتح الباب أمام تعاون فعال مع دول الجوار في مجالات مكافحة الإرهاب ومواجهة كل صور الفوضى والابتزاز وضبط الحدود وتعزيز الاستقرار المشترك، ومحاربة ظاهرة الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية بما يدعم مصالح واستقرار شعوب المنطقة.

ونوهت "الدعم السريع" بأن منطقة المثلث لا تكتسب أهميتها من موقعها الجغرافي فحسب، باعتبارها نقطة التقاء، بل من كونها محوراً اقتصادياً واستراتيجياً يمكن أن يعزز التعاون الإقليمي في مجالات التجارة والتنمية والاستقرار.

تخفيف الضغط

وتعليقاً على هذه التطورات قال الباحث في الشؤون العسكرية والاستراتيجية اللواء ركن عبدالغني عبدالفراج عبدالله "في تقديري أن الهدف الأساس لما حدث في منطقة المثلث هو جر القوات المسلحة السودانية لمحور الصحراء كجبهة قتال جديدة من أجل تخفيف الضغط على القوات المتمردة في محوري كردفان دارفور، لكن كان الرد سريعاً من جانب الجيش السوداني، حيث تم القضاء على كل القوات التي دخلت المثلث بكامل معداتها وعتادها وكل ذلك له ما بعده، فقوات الجيش وحلفائه في كامل جاهزيتها وخططها بالمحاور كافة، ومقبل الأيام ستشهد مزيداً من الانتصارات".

وأضاف عبدالله "كانت المؤشرات في السابق تشير إلى أن هناك دوراً ما يخطط له ليتم بتنفيذه بواسطة الجنرال الليبي خليفة حفتر حال حدث تراجع لميليشيات ’الدعم السريع‘ وبالفعل حدث ذلك بأسرع مما هو متوقع، بخاصة أن الدعم اللوجيستي لهذه الميليشيات لم ينقطع جواً وبراً، لكن كان يتم تدميره عبر الطيران الجوي، مما أثر في عملياتها البرية وأدى لتراجعها المستمر في معظم المحاور، مما قاد الجيش وحلفاءه إلى الزحف نحو كردفان دارفور واستعادة بعض المناطق، مما جعل القوات المتمردة تشعر بالخطر القادم نحو ما تبقى لها من مدن".

واستطرد الباحث في الشؤون العسكرية والاستراتيجية "هذه التطورات المتلاحقة بتقدم الجيش ميدانياً خلال الفترة الماضية جعل داعمي هذه الميليشيات يفكرون في كيفية معالجة النقص الحاد في الإمداد والمركبات ومواد تموين القتال والأفراد نتيجة الهزيم المتلاحقة، في حين لم تستطع دول الجوار تقديم الإسناد المطلوب خوفاً من العواقب حال خسرت ’الدعم السريع‘ ما تبقى من مواقع، بل خسارتها للحرب نفسها".

تهديد مباشر

في المقابل أوضح عضو الأمانة العامة للقيادة المركزية العليا لضباط وضباط الصف والجنود السودانيين المتقاعدين (تضامن) المقدم عوض المأمور أن "ما حدث أن الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر رد على هجوم داخل الأراضي الليبية قامت به قوة من الحركات المسلحة التي كانت تسيطر على منطقة المثلث إلى جانب سرية من الجيش السوداني، مما تسبب في تقهقر تلك القوات وإضعافها، مما دفع ’الدعم السريع‘ إلى استهداف المثلث بعدد من المسيرات وتمكنها من السيطرة عليه".

وتابع المأمور "هذا المثلث كان بمثابة قاعدة أنشأتها ’الدعم السريع‘ في السابق لمحاربة الهجرة غير الشرعية وتجارة البشر، بالتالي أن استيلاءها عليها يعزز دورها من جديد في هذا الجانب، لكن في الوقت نفسه وجودها في هذه المنطقة الحدودية بات يشكل تهديداً مباشراً للولاية الشمالية، بخاصة مدن دنقلا والخناق والدبة لقرب المسافة، إضافة إلى أنها أصبحت تسيطر على امتداد الحدود الليبية والتشادية وأفريقيا الوسطى".

ولفت عضو الأمانة العامة للقيادة المركزية العليا لضباط وضباط الصف والجنود السودانيين المتقاعدين إلى أن ما يحدث الآن في منطقة المثلث أربك الوضع عامة خصوصاً إذا حاولت "الدعم السريع" تطوير هجومها بالتحرك باتجاه دنقلا والدبة، بخاصة أن الجيش لم يعد لديه قوة يمكن أن يحركها لمساندة قواته في الشمال سواء من إقليم كردفان التي خسر فيها متحرك الصياد بعد هزيمته في مناطق الخوي والدبيبات والحمادي، بالتالي تبددت آمال التقدم نحو إقليم دارفور وفك الحصار عن الفاشر، أو من الخرطوم، إذ إن القوات الموجودة فيها مكلفة حمايتها من أي هجوم جديد.

محور كردفان

وعلى صعيد جبهة القتال بكردفان، شن الجيش السوداني أمس الخميس غارات جوية بواسطة مسيراته القتالية على تجمعات "الدعم السريع" بمحيط مدينة بارا بولاية شمال كردفان، كما تمكن الجيش أيضاً من تدمير عدد من العربات القتالية التابعة لقوات "الدعم السريع"، فضلاً عن تعطيل تحركات معادية في محيط المناطق السكنية، وذلك خلال مواجهات عنيفة دارت في مدينة الدبيبات بولاية جنوب كردفان.

وبحسب بيان للجيش فإنه استخدم وسائل دقيقة لتفادي وقوع خسائر بين المدنيين، مؤكداً أن قواته تواصل جهودها لاستعادة الاستقرار ومنع أي تهديدات تمس سلامة المواطنين في هذا الإقليم.

وتأتي هذه التطورات في ظل تصاعد التوترات الأمنية في بعض مناطق جنوب كردفان، حيث تواصل القوات الحكومية تنفيذ عمليات نوعية تستهدف بؤر التسلل ومصادر التهديد.

من جهتها أشارت حكومة ولاية غرب كردفان إلى فرار أكثر من 75 ألف نازح ونازحة من مدينة النهود بولاية غرب كردفان عقب اجتياح "الدعم السريع" لها الأسبوع الماضي في واحدة من أكبر موجات النزوح بالولاية منذ اندلاع الحرب.

وأفاد الأمين العام لحكومة غرب كردفان إبراهيم يوسف عبدالرحمن بأن معظم النازحين توجهوا نحو القرى المحيطة بالنهود في أوضاع إنسانية مأسوية، بينما وصلت أكثر من 6 آلاف أسرة إلى مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان.

وأطلقت السلطات المحلية في هذه المدينة نداءات عاجلة للمنظمات الإنسانية للتدخل وتقديم المساعدات الضرورية، مؤكدة أن النازحين يعيشون في العراء، دون خدمات طبية أو إغاثية كافية.

كما تواجه عدة قرى في محلية الخوي بولاية غرب كردفان أزمة مياه حادة تنذر بكارثة إنسانية، في ظل غياب شبه تام لحلول حكومية عاجلة أو إمدادات منتظمة.

وأشار مواطنون في منطقة "أم القرى" التابعة لمحلية الخوي بأن العطش بات يهدد حياة السكان في أكثر من ثماني قرى مجاورة، حيث أظهرت صور ملتقطة من المنطقة تدافع العشرات على صهريج مياه محمول في شاحنة يحمل 140 برميلاً من الماء، نفد بالكامل في غضون ساعتين فقط من وصوله.

محور دارفور

أما في محور شمال دارفور قامت قوات "الدعم السريع" أمس الخميس بقصف عدد من أحياء مدينة الفاشر بالمدفعية الثقيلة بصورة عشوائية، مما أسفر عن مقتل ثلاثة مدنيين وإصابة آخرين بجروح متفاوتة، وبحسب شهود فإن القصف المدفعي طاول مقر الفرقة السادسة مشاة بالفاشر التابعة للجيش، والتي ردت على القصف بالمثل على تمركزات "الدعم السريع" بالمدينة.

وأفادت غرفة طوارئ معسكر أبو شوك عن مقتل ثمانية أشخاص وإصابة آخرين في قصف مدفعي شنته قوات "الدعم السريع" على سوق نيفاشا وعدد الأحياء السكنية بمدينة الفاشر.

في حين كشفت منظمة الهجرة الدولية عن نزوح 503 أسرة من معسكر أبو شوك ومدينة الفاشر في الفترة بين الرابع إلى الـ11 من يونيو (حزيران) الجاري، مشيرة إلى أن الأسر نزحت إلى مواقع أخرى داخل محليتي الفاشر وطويلة في شمال دارفور.

من جانبه أبان والي شمال كردفان حافظ بخيت أن الحصار الذي تتعرض له حاضرة ولاية شمال دارفور سبب رئيسي في ارتفاع الأسعار بصورة جنونية إلى جانب نشاط عمليات السمسرة، وجشع التجار في تخزين البضائع ما فاقم من الأزمة بصورة كبيرة، وأشار إلى تكوين حكومة الولاية آلية أمنية من قبل لضبط الأسواق والمظاهر السالبة في النشاط التجاري والربوي والاحتكاري.

وأمهل بخيت التجار الذين يخزنون البضائع بهدف رفع الأسعار 72 ساعة لتخفيض أسعار معروضات السلع قبل أن تتخذ الحكومة إجراءات مصادرتها وتوزيعها مجاناً للمواطنين، كما حث المواطنين بعدم تلبية الدعوات بالخروج من مدينة الفاشر.

موضوعات متعلقة