طبول الحرب تُقرع من تل أبيب.. إسرائيل تتهيأ لضرب إيران وسط غموض نووي وتصدعات دبلوماسية

كشفت صحيفة نيويورك تايمز، نقلاً عن مصادر أميركية وأوروبية، عن تحركات إسرائيلية توحي بقرب تنفيذ ضربة عسكرية ضد إيران، في خطوة من شأنها أن تعيد تشكيل مشهد التوترات الإقليمية في الشرق الأوسط، وتلقي بظلال كثيفة على المساعي الأميركية الرامية لإحياء الاتفاق النووي مع طهران.
تُقرأ هذه المؤشرات الإسرائيلية ضمن سياق تصاعدي شهد خلال الأشهر الأخيرة ضغوطاً متزايدة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على الإدارة الأميركية بقيادة الرئيس دونالد ترمب، لحسم ما تعتبره تل أبيب "فرصة استراتيجية" لتوجيه ضربة استباقية ضد البنية النووية الإيرانية، في ظل ما تراه من ضعف إيراني داخلي وتراجع نسبي في قدرة طهران على الرد.
غير أن الصحيفة الأميركية لفتت إلى أن نطاق هذه الضربة – في حال وقعت – لا يزال غامضاً، سواء من حيث مدى التصعيد أو الأهداف المحتملة، ما يفتح الباب أمام مجموعة من السيناريوهات، تتراوح بين ضربة محدودة تركز على منشآت بعينها، أو مواجهة أوسع قد تتسبب في تدحرج المنطقة نحو صراع إقليمي واسع النطاق.
في المقابل، جاءت تصريحات نائب الرئيس الأميركي، جي دي فانس، لتضيف بعداً آخر إلى ضبابية المشهد، إذ أشار خلال مؤتمر بـ"مركز كينيدي" إلى عدم وجود يقين بشأن ما إذا كانت إيران عازمة فعلاً على امتلاك سلاح نووي، في وقت تشهد فيه المفاوضات بين طهران وواشنطن حالة من الجمود والتعثر، ما يعزز مناخ الشك والريبة المتبادل بين الطرفين.
هذه التطورات تشير إلى أزمة متعددة الأوجه
عسكرة النزاع السياسي: تميل إسرائيل إلى خيار الحسم العسكري في ظل فقدانها الثقة بالمسارات الدبلوماسية، لا سيما بعد تراجع نفوذ الولايات المتحدة في فرض شروط صارمة على إيران ضمن أي اتفاق جديد.
الفراغ الدبلوماسي: تراجع الحماسة الدولية لإحياء الاتفاق النووي في ظل انتخابات أميركية وشيكة، وصراعات داخلية في إيران، وانقسامات أوروبية بشأن السياسة تجاه طهران.
انقسام المواقف الغربية: بينما تحاول واشنطن كبح جماح التصعيد، تبدو إسرائيل مصمّمة على المبادرة منفردة إذا شعرت أن الوقت ينفد.
سؤال النوايا النووية الإيرانية: لا تزال نوايا طهران غامضة، وهو ما يفتح الباب أمام تفسيرات متناقضة، بين من يراها تسعى فقط لأوراق ضغط تفاوضية، ومن يعتقد أنها تقترب من "العتبة النووية" فعلاً.
في ضوء كل ذلك، يبدو أن المنطقة تقف أمام منعطف بالغ الخطورة، حيث تترنح الدبلوماسية على حافة السلاح، وتعود مفردات الردع والضربات الاستباقية إلى صدارة المشهد، وسط غياب رؤية استراتيجية شاملة لضبط التوازنات ومنع انزلاق الأوضاع إلى حرب شاملة.