اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

إسرائيل تفتح جبهة بحرية ضد الحوثيين.. تصعيد غير مسبوق يهدد بتوسيع رقعة الحرب الإقليمية

الحوثيون
الحوثيون

في تطور لافت يؤشر على تحول نوعي في مسار التصعيد الإقليمي، نفّذت إسرائيل، فجر الثلاثاء، أول هجوم بحري مباشر على ميناء الحديدة الواقع تحت سيطرة جماعة الحوثي في اليمن، في خطوة تمثل تجاوزاً خطيراً لحدود الصراع الإسرائيلي مع محور "الممانعة"، وتنذر بإدخال البحر الأحمر في قلب معادلة الحرب.

الهجوم الذي جاء بعد ساعات فقط من تحذيرات إسرائيلية علنية صدرت بالعربية، طالب فيها الجيش الإسرائيلي بإخلاء موانئ الحديدة ورأس عيسى والصليف، يعكس تغيراً في قواعد الاشتباك، وانتقالاً من استراتيجية الدفاع البحري إلى المبادرة الهجومية، مما يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من المواجهة مع الحوثيين الذين صعدوا هجماتهم على الملاحة الإسرائيلية منذ اندلاع الحرب في غزة في أكتوبر 2023.

تفاصيل الهجوم وطبيعته غير المسبوقة

نفذت البحرية الإسرائيلية الهجوم على مرحلتين متتاليتين صباح الثلاثاء، باستخدام زوارق صواريخ في البحر الأحمر، دون مشاركة سلاح الجو، في خروج واضح عن النمط السابق الذي اتسم بالضربات الجوية السرّية أو غير المعلنة. ووفق ما أوردته صحيفة يديعوت أحرونوت، فإن هذا الهجوم يمثل المرة العاشرة التي تستهدف فيها إسرائيل مواقع حوثية، لكنه الأول من نوعه عبر البحر، ما يعكس تصعيدًا محسوبًا لكنه بالغ الخطورة.

بيان الجيش الإسرائيلي وصف الميناء بأنه "منشأة تُستخدم لأغراض عسكرية إرهابية"، مشيرًا إلى أن الهجوم يهدف إلى "تعميق الأضرار" في قدرات الحوثيين على استخدام البنية التحتية المدنية لأغراض عسكرية. في المقابل، أعلنت وسائل إعلام حوثية أن ميناء الحديدة تعرض لهجومين متتالين طالا الأرصفة، دون توضيح لحجم الخسائر البشرية أو المادية.

البُعد السياسي والرسائل العسكرية

وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، لم ينتظر طويلاً لإعلان المسؤولية الإسرائيلية المباشرة، بل سارع للإشادة بـ"الهجوم الناجح"، وهدد الحوثيين بفرض حصار بحري وجوي على اليمن إذا لم تتوقف الهجمات على إسرائيل. وقال بوضوح: "يد إسرائيل الطويلة ستصل في البحر والجو إلى كل مكان"، في رسالة تهدف إلى استعراض الردع وتوجيه تحذير مباشر لإيران وحلفائها في الإقليم.

تصريحات كاتس كشفت كذلك اسم العملية العسكرية التي أطلقتها إسرائيل ضد الحوثيين وهي "الجوهرة الذهبية" أو "جوهرة من ذهب"، وهي تسمية قد تعكس رمزية ترتبط بالسيطرة على الممرات البحرية الاستراتيجية، وتحديدًا باب المندب.

خلفية التصعيد

منذ اندلاع الحرب في غزة في أكتوبر 2023، تبنّى الحوثيون سلسلة هجمات ضد السفن المرتبطة بإسرائيل، وضد أراضٍ إسرائيلية باستخدام صواريخ وطائرات مسيرة، في ما وصفوه بـ"نصرة غزة". وقد شملت تلك الهجمات استهداف ميناء إيلات وناقلات في البحر الأحمر، مما دفع إسرائيل إلى التنسيق مع الولايات المتحدة لتأمين الممرات البحرية.

لكن الهجوم الإسرائيلي الأخير يحمل طابعًا منفردًا، ليس فقط من حيث الوسيلة (البحرية) بل أيضًا من حيث التوقيت، إذ يأتي في ظل انشغال العالم بمفاوضات التهدئة في غزة، مما يعكس رغبة إسرائيلية في نقل المعركة إلى جبهة جديدة لتخفيف الضغط العسكري والدولي على عملياتها في القطاع.

تداعيات محتملة وخطورة التصعيد

تكمن خطورة هذه العملية في إمكانية تحول البحر الأحمر إلى ساحة مواجهة مفتوحة، حيث تتواجد مصالح دولية حساسة، خصوصًا مع وجود الأساطيل الأمريكية والفرنسية والبريطانية. كما قد يفتح هذا التصعيد الباب أمام ردود فعل من جماعة الحوثي، سواء باستهداف سفن إسرائيلية أو غربية، أو بتوسيع نطاق الهجمات لتشمل موانئ أو منشآت في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي حال مضت إسرائيل في تهديدها بفرض حصار بحري وجوي على الحوثيين، فإن ذلك يمثل إعلان مواجهة شاملة مع جماعة تحظى بدعم إيراني مباشر، ما قد يؤدي إلى تعقيد المشهد اليمني، وربما تقويض فرص السلام التي تسعى الأمم المتحدة إلى بنائها بعد سنوات من الحرب الأهلية.