اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار
أمريكا تحذر الدول من المشاركة في المؤتمر حول إسرائيل وفلسطين بنيويورك 122 مليونا.. إجمالي عدد النازحين قسرا في العالم بنهاية أبريل نجلاء الكواري تشارك بروايتها ”نائلة” بمهرجان موازين بالمغرب الجمعية العامة للأمم المتحدة توافق على مشروع قرار وقف إطلاق النار بغزة مقتل 42 شخصا بقصف إسرائيلي في مناطق عدة في غزة «أراكاتاكا».. سياحة على خطى رواية «مائة عام من العزلة» أزمة تسريب الخطط الإسرائيلية لضرب إيران.. قراءة تحليلية في دوافع ومآلات الحكم على محلل CIA السويد تُدين تجويع المدنيين في غزة: استخدام الغذاء كسلاح ”جريمة حرب” وتحدٍ صارخ للقانون الإنساني الدولي طبول الحرب تُقرع من تل أبيب.. إسرائيل تتهيأ لضرب إيران وسط غموض نووي وتصدعات دبلوماسية استطلاع مركز بيو: ترامب متغطرس وخطر على المجتمع الدولي بين الوعود الدبلوماسية والمصالح المتشابكة.. واشنطن وموسكو على مفترق طرق جديد بين الفيتو والمأساة.. الأمم المتحدة تتحرك لوقف نزيف غزة وسط تجاهل أميركي

أزمة البنية التحتية الرقمية تكشف ثغرة استراتيجية في الأمن السيبراني الأوروبي

الاتحاد الأوروبي
الاتحاد الأوروبي

تشهد أوروبا في المرحلة الراهنة أزمة أمنية رقمية متصاعدة، سلطت الضوء على خلل بنيوي في منظومتها الدفاعية السيبرانية، تمثّل في اعتمادها الكبير على البنية التحتية الرقمية الأميركية. هذه الأزمة، وإن كانت في ظاهرها تقنية، إلا أنها تعكس في جوهرها أزمة ثقة واستقلال استراتيجي، في وقت تتزايد فيه التهديدات السيبرانية المدعومة من دول وتنشط فيها مجموعات قراصنة محترفة تستهدف القطاعات الحيوية في أوروبا.

نقطة الضعف البنيوية:

أثار توقف جزئي محتمل لتمويل سجل الثغرات السيبرانية الأميركي – الذي تديره منظمة غير ربحية وتُشرف عليه وكالة الأمن السيبراني الأميركية (CISA) – في أبريل الماضي، موجة قلق واسعة داخل أروقة الاتحاد الأوروبي. فعلى مدى عقود، كان هذا السجل يُعد بمثابة العمود الفقري للجهود العالمية في الكشف المبكر عن الثغرات الأمنية، وتقديم إرشادات عملية للحماية منها، ما جعله مرجعية دولية تعتمد عليها حكومات وشركات من مختلف القارات.

وعلى الرغم من أن هذا التهديد التمويني قد جرى تجاوزه لاحقاً، إلا أنه كشف عن نقطة ضعف استراتيجية: هشاشة الأمن السيبراني الأوروبي واعتماده المفرط على منظومات لم يطورها بنفسه، ولا يتحكم في استمراريتها.

رد الفعل الأوروبي: بين الإصلاح والاستقلالية

في مواجهة هذا التهديد البنيوي، أعلن الاتحاد الأوروبي، من خلال وكالة الأمن السيبراني الأوروبية (ENISA)، عن توجه واضح نحو إعادة هندسة منظومته السيبرانية، بشكل يضمن استقلالية القرار والقدرة على رصد وتحييد التهديدات داخلياً.
صرّح يوهان ليباسار، المدير التنفيذي للوكالة، بأن أوروبا "بحاجة لتكثيف جهودها والمشاركة بفاعلية في النظام العالمي للأمن السيبراني، بدل الاتكال على الآخر". وبيّن أن الاتحاد أطلق مؤخراً هيكلاً أوروبياً لتحذير الشركات والحكومات من الثغرات الأمنية.

وعلاوة على ذلك، أعلن ليباسار عن تدشين قاعدة بيانات أوروبية خاصة بالثغرات السيبرانية، في محاولة لسد الفراغ الذي يمكن أن يخلّفه أي خلل في النظام الأميركي، سواء لأسباب سياسية أو تمويلية. ورغم أن المشروع الأوروبي كان قيد الإعداد منذ فترة، إلا أن الأزمة الأميركية الأخيرة جعلت إطلاقه وتنفيذه مسألة "عاجلة واستراتيجية"، حسبما وصفته صحيفة فاينانشيال تايمز.

خلفيات سياسية وأمنية مقلقة

لا تقتصر المخاوف الأوروبية على الجانب الفني فقط، بل تمتد إلى البعد الجيوسياسي. إذ أن تهديد التمويل الأميركي تزامن مع توجهات في واشنطن لتقليص التزاماتها الدفاعية تجاه أوروبا، بما في ذلك تقليص ميزانية وكالة CISA ذاتها، ما قد يؤدي إلى تسريح أكثر من ألف موظف وخفض مخصصات الأمن الرقمي بـ495 مليون دولار. هذا التوجه الأميركي التقشفي، خاصة في عهد الرئيس دونالد ترمب، جعل صانعي القرار الأوروبيين يدركون أن أمنهم الرقمي لا يمكن أن يبقى رهيناً لحسابات انتخابية أميركية أو أولويات غير أوروبية.

تصاعد التهديدات الموجهة لأوروبا

يزداد الوضع تعقيداً مع تصاعد الهجمات السيبرانية المدعومة من دول أجنبية، وفي مقدمتها الصين، التي اتُهمت مؤخرًا من قبل الحكومة التشيكية بالوقوف خلف هجوم إلكتروني طال وزارة الخارجية. وذكر ليباسار أن الربع الأول من عام 2025 شهد زيادة كبيرة في الهجمات التي ترعاها دول، لا سيما في قطاع الاتصالات، مما يؤكد أن المعركة السيبرانية باتت جزءاً من صراع القوى العالمي، وليست مجرد نشاط إجرامي منعزل.

من جهة أخرى، تبقى هجمات الفدية الإلكترونية (ransomware) من أبرز التهديدات، إلى جانب ما يُعرف بـ"الناشطين السيبرانيين" الذين يستهدفون المؤسسات بدوافع سياسية أو أيديولوجية. وأشار ليباسار إلى أن قطاعات مثل الكهرباء والاتصالات والبنوك تتمتع بمستوى حماية جيد نسبيًا، لكن القطاعات الأخرى كالإدارة العامة، والقطاع الصحي، ومعالجة مياه الصرف الصحي تُعدّ مناطق هشّة في الخارطة السيبرانية الأوروبية.

تحدي بناء السيادة الرقمية الأوروبية

تسعى أوروبا اليوم إلى تحقيق "السيادة الرقمية" في مواجهة التبعية التقنية. غير أن هذا الهدف الطموح يواجه عدة تحديات، أبرزها:

التمويل والاستثمار: بناء بنية تحتية رقمية مستقلة يتطلب استثمارات ضخمة ومستمرة.

التنسيق بين الدول الأعضاء: تختلف مستويات الجاهزية السيبرانية بين دول الاتحاد، ما يُصعّب بناء شبكة موحدة متكاملة.

الخبرات التقنية: لا تزال الولايات المتحدة والصين تسيطران على نسبة كبرى من الخبرات المتقدمة في المجال السيبراني.

الاستجابة السياسية: تحتاج أوروبا إلى إرادة سياسية مركزية لمواجهة البيروقراطية والانقسامات، واتخاذ قرارات سيادية بعيدة عن تأثير الضغوط الخارجية.

موضوعات متعلقة