اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار
محادثات لندن التجارية.. اتفاق أميركي-صيني مبدئي وسط توتر اقتصادي عالمي بريطانيا وحلفاؤها يفرضون عقوبات على وزيرين إسرائيليين «لتحريضهما على العنف» لوس أنجلوس بين قبضة الفيدرالي وصوت المعارضة.. جدل سياسي حول نشر المارينز لقمع الاحتجاجات أحداث لوس أنجلوس منذ الاحتجاجات حتى نشر المارينز.. في 7 نقاط الوجه الحقيقي لبريطانيا.. الخارجية تهدد ضمنا موظفيها المعترضين على دعم دولة الاحتلال رغم العلاقات الوثيقة بين البلدين.. الجواسيس الصينيون يثيرون قلق الاستخبارات الروسية هدنة غزة.. ترقّب لرد مُحدّث من «حماس» على مقترح ويتكوف الجيش السوداني يتهم قوات خليفة حفتر الليبية بمساندة «قوات الدعم السريع» البنك الدولي: الاقتصاد العالمي يتجه نحو تسجيل أضعف أداء منذ 2008 جيش جنوب السودان يعتزم نزع السلاح في ولاية تشهد اضطرابات تبادل أسرى بين روسيا وأوكرانيا بعد أكبر الهجمات الجوية على كييف الرئيس الأمريكي: لوس أنجلوس تتعرض لاجتياح من قبل «أعداء أجانب».. وحاكم كاليفورنيا: ترامب يتصرف كـ«طاغية»

الساماريوم.. سلاح الصين الصامت في قلب صراع الإمدادات العسكرية بين واشنطن وبكين

الساماريوم
الساماريوم

تشهد العلاقات الأميركية الصينية توتراً متصاعداً يتجاوز التنافس التجاري التقليدي إلى صراع أشد حساسية واستراتيجية يتمثل في السيطرة على "المعادن الأرضية النادرة"، وعلى رأسها عنصر "الساماريوم"، الذي بات بمثابة عصب خفي في سلسلة الصناعات العسكرية المتقدمة، خصوصاً تلك المرتبطة بإنتاج الطائرات المقاتلة مثل F-35. وتكشف التطورات الأخيرة عن عمق الاعتماد الغربي، لا سيما الأميركي، على إمدادات هذا العنصر النادر من الصين، ما ألقى بظلاله الثقيلة على محادثات التجارة الجارية في لندن.

جوهر الأزمة: الساماريوم وسلاسل التوريد الحساسة

عنصر الساماريوم ليس مجرد معدن نادر، بل هو أساس في صناعة مغناطيسات مقاومة للحرارة تستخدم في المعدات العسكرية المتطورة. تمتاز هذه المغناطيسات بقدرتها على تحمّل درجات حرارة تفوق 300 درجة مئوية دون أن تفقد خواصها المغناطيسية، وهو ما يجعلها ضرورية في تطبيقات شديدة التخصص مثل مقدمة الصواريخ أو المحركات الكهربائية الدقيقة في طائرات F-35.

شركة "لوكهيد مارتن" الأميركية تعتمد بشكل شبه كامل على واردات مغناطيسات الساماريوم، إذ تحتوي كل مقاتلة F-35 على نحو 50 رطلاً منها، وهي كمية لا يمكن تعويضها بسهولة من مصادر بديلة.

الصين تمسك بخناق السوق: احتكار الإنتاج وقيود التصدير

منذ أبريل 2025، أعلنت الصين تعليق تصدير سبعة أنواع من المعادن الأرضية النادرة، بينها الساماريوم، ضمن سياسة "حماية الأمن القومي" و"الوفاء بالالتزامات الدولية المتعلقة بمنع الانتشار". ورغم منح تراخيص استثنائية لتصدير بعض المغناطيسات التي تحتوي على عناصر أخرى مثل "الديسبروسيوم" و"التيربيوم"، إلا أن بكين امتنعت حتى اللحظة عن الموافقة على تصدير الساماريوم، نظرًا لاستخداماته العسكرية شبه الحصرية.

هذه السياسة تُطبق الآن عبر نظام ترخيص صارم يعتمد على "المستخدم النهائي"، وهو ما يجعل الشركات الدفاعية الأميركية عرضة للرفض المباشر في سلاسل التوريد.

أزمة حقيقية للجيش الأميركي وحلفائه

فشلت الولايات المتحدة، على مدى أكثر من عقد، في تطوير بديل داخلي لإنتاج الساماريوم. حتى المنشآت التي خُطط لبنائها بعد قلق إدارة بايدن بشأن هذه الفجوة لم تُنفّذ لأسباب تتعلق بالجدوى التجارية. وهو ما جعل الجيش الأميركي معتمداً كلياً على الإمدادات الصينية.

ويأتي هذا في وقت بالغ الحساسية، حيث تسعى واشنطن لإعادة بناء ترسانتها العسكرية بعد استنزاف كبير نتيجة دعمها المتواصل لأوكرانيا في مواجهة روسيا، وكذلك إسرائيل في حرب غزة. كما أن محاولات إدارة ترمب السابقة تعزيز تسليح تايوان زادت من حدة التوتر.

نقطة تحوّل في الجغرافيا الاستراتيجية للموردين

في السابق، كانت فرنسا تحتضن مصنعاً رئيسياً لتكرير الساماريوم مستخرَجاً من خامات أسترالية، لكن المصنع أُغلق عام 1994 لأسباب بيئية ولعدم القدرة على منافسة الإنتاج الرخيص من الصين. وتكرر السيناريو ذاته مع منجم "ماونتن باس" في كاليفورنيا، الذي أُغلق أيضاً عام 1998. وعندما أعادت واشنطن فتحه بعد أزمة 2010 مع اليابان، لم تكن خطط التوسعة تشمل استخلاص الساماريوم.

كل هذا يجعل العالم أمام واقع جيوسياسي جديد: الصين لا تهيمن فقط على التعدين، بل على كامل سلسلة القيمة، من الاستخراج إلى التكرير إلى الإنتاج الصناعي النهائي.

أزمة استراتيجية بصيغة تجارية

ما يجري حالياً في محادثات لندن بين واشنطن وبكين ليس مجرد تفاوض تجاري، بل أشبه بمعركة توازن استراتيجي. الولايات المتحدة تسعى لتخفيف القيود الصينية على صادرات المعادن الأرضية النادرة، لكن التوقعات تشير إلى أن الصين لن تلغي نظام تراخيصها الجديد، بل ستوظفه كورقة ضغط دائمة.

وتتجلى خطورة الموقف في شهادة خبراء مثل ستانلي تراوت، الذي أكد أن الساماريوم يُستخدم "بشكل شبه حصري" في التطبيقات العسكرية، في مقابل بقية العناصر التي لها استخدامات مدنية أوسع.

النتائج المحتملة: طريق صعب نحو الاستقلال

حتى لو حاولت واشنطن تسريع بناء منشآت إنتاج داخلية أو عقد شراكات مع دول حليفة، فإن بناء سلسلة إنتاج متكاملة للمعادن النادرة قد يستغرق سنوات ويتطلب استثمارات ضخمة ومعايير بيئية صارمة. وتبقى الجدوى الاقتصادية عائقاً كبيراً، إذ تتطلب عملية استخلاص المعادن النادرة أكثر من 100 تفاعل كيميائي معقد باستخدام أحماض قوية، ما يجعل من الصعب التنافس مع تكلفة الإنتاج المنخفضة في الصين.

موضوعات متعلقة