التهدئة المشروطة.. إسرائيل تُطمئن واشنطن وتُبقي خيار الهجوم على إيران قائماً

في ظل التوتر المستمر حول الملف النووي الإيراني، كشفت مصادر إسرائيلية لموقع "أكسيوس" أن تل أبيب بعثت رسائل طمأنة إلى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، مؤكدة أن أي تحرك عسكري ضد إيران لن يتم إلا بعد استنفاد كافة المسارات الدبلوماسية، وبموافقة ضمنية من واشنطن.
هذه الرسائل نُقلت عبر وفد رفيع المستوى ضم وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، ورئيس جهاز "الموساد" دافيد برنياع، ومستشار الأمن القومي تساحي هنجبي، خلال زيارتهم الأخيرة إلى العاصمة الأميركية. ووفقاً لتصريحات مسؤولين إسرائيليين، فقد تعهد الوفد بعدم مفاجأة واشنطن بعمل عسكري منفرد ضد طهران، وبتقديم الوقت الكافي للمفاوضات الجارية.
القلق الأميركي، المتزايد خلال الأسابيع الماضية، ينبع من سلسلة تحركات عسكرية إسرائيلية تم تفسيرها على أنها استعداد لهجوم محتمل على منشآت إيران النووية. غير أن الجانب الإسرائيلي أوضح أن جزءاً كبيراً من هذه التحركات يتصل بجبهات أخرى، مثل الاستعدادات لاحتمال شن ضربات ضد جماعة الحوثيين في اليمن، وليس بالضرورة موجهاً إلى طهران مباشرة.
مناورة دبلوماسية وعتبة عسكرية
الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي لطالما تبنى موقفاً متشدداً تجاه إيران، حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من الإقدام على أي عمل عسكري قبل انتهاء المفاوضات. ومع ذلك، لم يستبعد أن يغيّر موقفه بسرعة "في مكالمة هاتفية واحدة"، إذا ما رأى أن المحادثات وصلت إلى طريق مسدود، ما يعكس هشاشة الالتزام الأميركي بخيار الدبلوماسية إذا ما طال أمد التفاوض دون نتائج ملموسة.
وفي الوقت ذاته، واصلت إسرائيل تدريباتها العسكرية تحسباً لأي سيناريو، وهو ما عبّر عنه مسؤولون باعتباره إجراءً وقائياً، لا يتعارض مع التعهد بعدم التحرك دون ضوء أخضر أميركي.
الغموض الإيراني والتصعيد الكلامي
من جهة أخرى، تتعقد المفاوضات النووية بسبب مواقف إيران المترددة، حيث اتهم ترمب طهران بـ"المماطلة" في اتخاذ قرارات حاسمة، لا سيما بعد تصريحات المرشد الإيراني علي خامنئي التي وصف فيها العرض الأميركي الأخير بأنه "يتناقض مع مصالح إيران الوطنية".
في هذا السياق، لم تُعقد جولة جديدة من المحادثات بين المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف ونظيره الإيراني عباس عراقجي، رغم اقتراب انتهاء المهلة المحددة من قبل البيت الأبيض. ورغم تشاؤم نتنياهو حيال نجاح المسار التفاوضي، إلا أن التقديرات الإسرائيلية تشير إلى أن طهران ستُبقي على المفاوضات مفتوحة لأطول فترة ممكنة، لتجنب انهيارها الكامل.
العقدة النووية.. تخصيب اليورانيوم
النقطة الجوهرية في الخلاف لا تزال مسألة تخصيب اليورانيوم. ففي حين تصر إيران على أن برامجها النووية مخصصة لأغراض سلمية، تواصل الولايات المتحدة وحلفاؤها التشكيك في نوايا طهران، معتبرين أن امتلاك المعرفة التقنية الكاملة للتخصيب يضع إيران على عتبة القدرة على تطوير سلاح نووي، وهو ما تسعى إسرائيل إلى منعه بأي ثمن.
قراءة مستقبلية
تبدو المرحلة الحالية أشبه برقصة متوترة على حافة الهاوية. ففي الوقت الذي تسعى فيه واشنطن إلى إعطاء الفرصة للمسار التفاوضي، تُبقي تل أبيب على خيار الضربة العسكرية قائماً كوسيلة ضغط خفية، ورسالة ضمنية بأنها لن تسمح لإيران بالوصول إلى العتبة النووية، حتى لو اضطرت للتحرك بمفردها لاحقاً.
الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة، لا فقط في مصير الاتفاق النووي، بل في تحديد اتجاه العلاقة الأميركية–الإسرائيلية، وتوازنات القوة في الشرق الأوسط كله.