اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار
الأمن السيبراني يدخل المعادلة الدفاعية للناتو إيلون ماسك يستسلم.. أعلن ترك منصبه الحكومي والعودة لإدارة شركاته واشنطن تخنق برمجيات تصميم الرقائق.. ضربة جديدة لطموحات الصين التكنولوجية مسار شائك نحو السلام في أوكرانيا.. واشنطن تضغط وموسكو تناور «أطباء بلا حدود» تحذر من «العبودية الجنسية» في السودان وتؤكد: «خطر شبه دائم» التعليم تحت الحصار.. إلغاء تأشيرات الطلاب الصينيين وأبعاد المواجهة الجديدة بين واشنطن وبكين طلاق غاضب أم ولادة دفاع مستقل؟.. أوروبا أمام اختبار الصدمة الاستراتيجية بعد تراجع الحضور الأميركي واشنطن تطالب موسكو بـ«حسن النية».. وألمانيا تلقي القبض على جواسيس يعملون لصالح روسيا من هو محمد السنوار الذي أعلن نتنياهو مقتله؟ 600 يوم من الأسر.. مظاهرات تل أبيب تفضح مأزق نتنياهو بين الحرب والرهائن صيف 2025.. هل يكون الأكثر حرارة تاريخياً؟ 600 يوم على حرب غزة... أرقام وحقائق صادمة: استشهاد طفل كل 40 دقيقة وامرأة كل ساعة

مبادرة «سايف» الأوروبية بحاجة إلى دعم مالي متعدد الأطراف

الاتحاد الأوروبي
الاتحاد الأوروبي

مع إطلاق مبادرة العمل الأمني لأوروبا (سايف)، وهو برنامج الاتحاد الأوروبي الجديد «للقروض مقابل الأسلحة» بقيمة 150 مليار يورو، قدمت بروكسل ما كان مستحيلاً قبل خمس سنوات فقط، وأصدرت سندات مشتركة لتمويل مشتريات الأسلحة، مع مرونة مالية فعالة للدول الأعضاء.

وتعدّ هذه لحظة فارقة، لكن إذا أُريد لبرنامج «سايف» أن يحقق أمناً مستداماً، فلابد أن يواكبه «محرك مالي» ثانٍ، لا يدعم المشتريات فقط، بل أيضاً القدرات الصناعية، وهو بنك متعدد الأطراف لتمويل الدفاع والأمن.

وتمت الإشادة ببرنامج «سايف»، باعتباره إنجازاً تاريخياً، وللمرة الأولى ستجمع مؤسسات الاتحاد الأوروبي رأس المال بشكل جماعي نيابة عن الدول الأعضاء الـ27، لتمويل المشتريات المشتركة لقدرات دفاعية متطورة، من قذائف المدفعية وأنظمة الدفاع الجوي إلى الأدوات السيبرانية.

تحول جذري

ويجب أن يتم إبرام معظم العقود داخل الاتحاد الأوروبي أو مع شركائه المقربين، مثل أوكرانيا وسويسرا.

وستكون المملكة المتحدة والولايات المتحدة وتركيا، مؤهلة للحصول على الحصة المتبقية، في انتظار أن تصبح الاتفاقات الأمنية مع بروكسل رسمية.

وبالنسبة لكتلة لم تتمكن من الاتفاق على صندوق متواضع بقيمة خمسة مليارات يورو في عام 2019، يُمثّل هذا تحولاً جذرياً في طريقة التفكير والمنهجية.

وهناك أيضاً تحفيز مالي قصير الأجل، إذ سيسمح الاتحاد الأوروبي للحكومات بخرق ميثاق الاستقرار والنمو، بما يصل إلى 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي حتى عام 2028 من أجل استيعاب الإنفاق المرتبط ببرنامج «سايف»، وهي خطوة ستخفف الضغط على العواصم الأوروبية، حيث أدى الاقتراض في عصر جائحة «كورونا» والدعم المتعلق بالطاقة إلى إجهاد المالية العامة بالفعل.

تدفق الأموال

وعلى الرغم من حجمه ورمزيته، فإن «سايف» هو في الأساس آلية تعتمد على الطلب، نظراً لأن البرنامج تم إعداده كدين سيادي، لذا يجب إغلاق الالتزامات الجديدة بحلول عام 2030، ولا يمكنه إعادة تدوير المدفوعات.

وكذلك، تتدفق الأموال إلى الحكومات فقط، بدلاً من الشركات مباشرة، ما يجعل مورّدي المستويين الثاني والثالث (الشركات التي تنتج المعدات بالفعل) معتمدين على البنوك التجارية الحذرة، لتزويدهم بالسيولة النقدية.

وتعرف أوروبا بالفعل كيف ينتهي هذا الوضع، ففي عام 2023 اصطدم الطلب المتزايد على الذخيرة ببيئة ائتمانية متجمدة، الأمر الذي تسبب في نقص حاد في تمويل البرنامج الأمني الأوروبي. وعلى الرغم من جميع نقاط قوة برنامج «سايف»، فهو ليس استراتيجية صناعية، لكن البنك متعدد الأطراف - لتمويل الدفاع والأمن - سيوفر الحلقة المفقودة.

الزخم السياسي

وبدعم من الزخم السياسي المتزايد في بروكسل ولندن، ستتبع هذه المؤسسة نموذج بنوك التنمية متعددة الأطراف، لكن بتفويض حصري للدفاع والأمن والمرونة، وسيتم تمويلها من خلال رأسمال مدفوع وقابل للاسترداد من مساهميها (الدول ذات السيادة)، وسيتم تمكينها من إصدار سندات بأعلى تصنيف ائتماني.

وستدعم هذه الصناديق بعد ذلك الإقراض المباشر للحكومات والشركات، وتقدّم ضمانات للبنوك التجارية لضمان تمويل المورّدين، والاستثمار في البنية التحتية، وصفقات التصدير.

والأهم من ذلك، أن هذه الأصول يمكن أن تُدرج في الميزانيات الوطنية، أو تبقى في الميزانية العمومية للبنك، وهي مرونة مالية مهمة في ظل سعي الدول إلى توسيع الإنفاق الدفاعي دون تضخيم العجز الرسمي.

وعلاوة على ذلك، ونظراً لأن البنوك متعددة الأطراف عادة ما ترفع رأسمالها بمقدار ضعفين أو ثلاثة أضعاف، فإن رأسمال أولي قدره 25 مليار يورو، يمكن أن يفتح المجال أمام ما يصل إلى 75 أو 100 مليار يورو من موارد الإقراض، وهذه ليست سوى البداية.

ومع توسيع المشاركة والتوسع بمرور الوقت، يمكن للبنك أن ينمو بشكل كبير، ما يؤدي إلى بناء قاعدة رأسمال متينة افتقر إليها قطاع الدفاع الأوروبي لعقود.

استعداد دائم

وبدلاً من التنافس، سيعمل برنامج «سايف» والبنك متعدد الأطراف جنباً إلى جنب، حيث يدعم كل منهما الآخر، لتعزيز القاعدة الصناعية الدفاعية في أوروبا. وسيخلق «سايف» طلباً مشتركاً ومخاطر مالية مشتركة، بينما سيضمن البنك متعدد الأطراف مواكبة التطورات، خصوصاً في فترات الركود المستقبلية، عندما تنخفض الطلبات العامة، لكن يجب أن يظل الاستعداد الدفاعي مرتفعاً.

باختصار، أحدهما ينفّذ الأوامر، والآخر يوفر القدرة على تلبيتها، وإذا أرادت أوروبا أن تترجم هذه اللحظة الملحة إلى استعداد دائم، فكلاهما ضروري. ولتحقيق هذه الإمكانية، سيحتاج صانعو السياسات إلى التحرك بسرعة. فعلى سبيل المثال، يمكن لإعلان مشترك في قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في يونيو المقبل، أن ينشئ رسمياً بنكاً متعدد الأطراف للراغبين، برأسمال أولي يكفي لبدء عمليات البنك في عام 2026، تماماً مع بلوغ إنفاق برنامج «سايف» ذروته.

ويمكن بعد ذلك تخصيص جزء من كل عقد في برنامج «سايف» لتمويل المورّدين المدعوم من البنك، مع ربط الائتمان مباشرة بدورات المشتريات، ومنح الشركات الصغيرة والمتوسطة الثقة لتوسيع نطاق أعمالها.

والأهم من ذلك، أن يتجاوز البنك متعدد الأطراف الاتحاد الأوروبي، ليشمل شركاء مثل المملكة المتحدة وكندا واليابان وأستراليا، وهي ديمقراطيات ليبرالية ذات قطاعات دفاعية متقدمة، وحصة مشتركة في البنية الأمنية الأوروبية.

أثبت «سايف» أن أوروبا قادرة على العمل بتناغم وسرعة. وسيثبت البنك متعدد الأطراف قدرته على الاستثمار معاً على المدى الطويل. ومن دون هذه المؤسسة المصرفية، يخاطر الاتحاد الأوروبي بزيادة التضخم واستنزاف موارده المالية، في الوقت الذي يتفاقم فيه الصراع الاستراتيجي مع القوى المنافسة. ولا يمكن لنهضة الدفاع في القارة العجوز أن تسير على محرك واحد فقط، لقد حان الوقت لتشغيل المحرك الثاني. عن «بوليتيكو»

الاستقلال الاستراتيجي

تهدف مبادرة العمل الأمني لأوروبا إلى تمكين الاتحاد من الاعتماد على ذاته دفاعياً، خصوصاً في ظل الحرب الروسية - الأوكرانية، وما أبرزته من هشاشة في البنية الدفاعية الأوروبية، إلى جانب التهديدات المتكررة من الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بسحب الدعم أو تقليص القوات الأميركية في أوروبا، ما أعاد طرح ضرورة الاستقلال الاستراتيجي الأوروبي.

وتشكل مبادرة «سايف» أحد الأركان الأساسية لخطة «الجاهزية 2030» التي وضعتها المفوضية الأوروبية، والرامية إلى توحيد الطلبات الدفاعية، وتأمين سلاسل التوريد، وتحفيز الإنتاج الصناعي. وتشمل الأولويات الذخائر والطائرات المسيّـرة، وأنظمة الدفاع الجوي، والحرب الإلكترونية، والنقل العسكري.

وعلى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تقديم مشروعات مؤهلة للحصول على التمويل، بشرط أن تشارك دولتان على الأقل في كل مشروع.

من جهتها، تقوم المفوضية الأوروبية بتحليل المشروعات، وعند الموافقة يمكن للدول طلب 15% كدفعة أولى من كلفة المشروع، وتليها مراجعات نصف سنوية قد تؤدي إلى صرف دفعات إضافية، مع إمكانية استمرار التمويل حتى 31 ديسمبر 2030.

موضوعات متعلقة