اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

طلب أميركي لتأجيل العملية الإسرائيلية الشاملة في غزة

الاحتلال
الاحتلال

في ظل التصعيد المستمر في قطاع غزة، كشفت صحيفة جيروزاليم بوست، نقلاً عن مصدرين مطلعين، أن الإدارة الأميركية وجهت في الأيام الأخيرة طلباً إلى الحكومة الإسرائيلية يقضي بتأجيل إطلاق عمليتها العسكرية الواسعة المرتقبة. ويهدف هذا الطلب، بحسب الصحيفة، إلى إتاحة المجال أمام الجهود الدبلوماسية الجارية للتوصل إلى اتفاق يفضي إلى إطلاق سراح المحتجزين لدى حركة حماس.

الطلب الأميركي لم يأتِ بمعزل عن العمليات العسكرية الجارية، بل دعا إلى تأجيل الاجتياح البري الشامل دون وقف العمليات الحالية، وذلك في إطار محاولة لخلق هامش زمني يسمح باستمرار المفاوضات، التي تجري غالباً في بيئة معقدة يغلب عليها انعدام الثقة وتضارب الأجندات. هذه الدعوة الأميركية تعكس قلق واشنطن من أن يؤدي التصعيد الإسرائيلي غير المضبوط إلى إفشال مساعي الوساطة، وربما إلى تصعيد إقليمي أوسع.

التصعيد مستمر

ورغم هذا الضغط، فإن المؤشرات الميدانية تشير إلى نية إسرائيلية واضحة بالتصعيد، إذ نقلت صحيفة تايمز أوف إسرائيل، إلى جانب وسائل إعلام محلية أخرى، أن الجيش الإسرائيلي قام بالفعل بنقل جميع ألوية المشاة والدبابات النظامية إلى داخل قطاع غزة، في خطوة تعكس استعداداً ميدانياً كاملاً لمعركة برية طويلة المدى. وتُفهم هذه التحركات ضمن سياق نوايا إسرائيل لاجتياح مناطق معينة والتمركز فيها، حتى في حال التوصل إلى اتفاق، كما أكد مسؤولون إسرائيليون للصحيفة.

هذا التوجه يؤكده التصريح الصريح لوزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الذي أعلن أن العملية العسكرية بمجرد انطلاقها "لن تتوقف حتى تحقيق كافة الأهداف"، مما يشير إلى أن الرؤية الإسرائيلية ترتكز على الحسم الميداني أولاً، ومن ثم الدخول في أي مسارات تفاوضية لاحقة، إذا اقتضى الأمر.

هدنة مشروطة

في المقابل، أبدى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو انفتاحاً مشروطاً تجاه فكرة "وقف مؤقت لإطلاق النار"، في حال أدى ذلك إلى إعادة الرهائن، وهو ما فُهم كإشارة سياسية مزدوجة: من جهة إظهار مرونة تكتيكية أمام الضغوط الدولية، ومن جهة أخرى تثبيت موقفه الثابت إزاء استمرارية الحرب حتى تحقيق أهدافها، حسب تعبيره.

لكن التطورات الدبلوماسية تعكس مساراً أكثر تعقيداً، فبعد تمسك حركة حماس بضمانات أميركية لإنهاء الحرب كجزء من أي اتفاق، ردت إسرائيل بسحب وفدها المفاوض من الدوحة، في ما يبدو أنه احتجاج غير مباشر على ما تعتبره شروطاً تعجيزية.

وبحسب جيروزاليم بوست، فإن المقترح الوحيد المطروح حالياً على طاولة المفاوضات هو ما يسمى "إطار عمل ويتكوف"، الذي يتضمن إطلاق سراح 10 رهائن مقابل هدنة تمتد 60 يوماً، وهو ما يبدو غير كافٍ لإحداث اختراق في المفاوضات، خاصة في ظل تصلب المواقف وغياب الثقة. مصدر إسرائيلي مطلع قال للصحيفة قبل أيام: "لقد وصل الأمر إلى طريق مسدود"، وهي عبارة تلخص حالة الجمود التي تعيشها الوساطة الدولية في ظل تصاعد اللهجة العسكرية وتنامي التحركات الميدانية.

باختصار، يتقاطع الضغط الأميركي مع التمسك الإسرائيلي بخيارات القوة، بينما تعكس المفاوضات حالة من الشلل، تُنذر بتفاقم الأوضاع الإنسانية والميدانية في غزة. ويبدو أن كل طرف ينتظر أن يُرهق الآخر بما يكفي ليقدم التنازل الأكبر، في معادلة لا يزال المدنيون هم أولى ضحاياها.

موضوعات متعلقة