اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

الحكومة التونسية تواصل ملاحقة المعارضة وتحكم على رئيس الوزراء الأسبق بالسجن 34 عاماً

الرئيس التونسي قيس سعيد
الرئيس التونسي قيس سعيد

قالت محامية لرويترز إن محكمة تونسية قضت أمس الجمعة بالسجن 34 عاما على رئيس الوزراء الأسبق علي العريض ، وهو قيادي بارز في حزب النهضة المعارض، وذلك بتهم تتعلق بتسهيل سفر جهاديين إلى سوريا خلال العقد الماضي.

يأتي الحكم بعد أسبوع من اعتقال المحامي البارز أحمد صواب، أحد أبرز المنتقدين للرئيس قيس سعيّد، إلى جانب صدور أحكام مشددة بالسجن بحق معارضين سياسيين ورجال أعمال وشخصيات إعلامية، بتهم التآمر.

وتراوحت الأحكام بالسجن بين 18 و36 عاما، وشملت ثمانية أشخاص من بينهما قيادات أمنية.

قالت المحامية منية بوعلي لرويترز إن عبد الكريم العبيدي وفتحي البلدي وهما مسؤولان أمنيان سابقان صدر بحقهما حكما بالسجن لمدة 26 عاما لكل منهما.

والعريض، الذي تولى رئاسة الحكومة بين عامي 2013 و2014، أحد أبرز قيادات حزب النهضة الإلامي، والذي يُعد من أبرز معارضي الرئيس قيس سعيّد.

ووصفت منظمات حقوقية دولية الأحكام التي صدرت الأسبوع الماضي، بالإضافة إلى اعتقال صواب، بأنه “تصعيد خطير في حملة قمع ضد المعارضة”.

وتنفي السلطات الاتهامات، مؤكدة أن القضاء مستقل.

ويرفض حزب النهضة التهم الموجهة للعريض والمتعلقة بالإرهاب، ويؤكد أن القضية ذات دوافع سياسية وتندرج ضمن حملة تضييق ممنهجة على المعارضين منذ سيطرة سعيّد على صلاحيات واسعة في عام 2021، عندما قام لاحقا بحل البرلمان وبدأ الحكم بمراسيم.

وقال العريض للقاضي خلال جلسة يوم الجمعة “لم أكن أبدا متعاطفا، ولا متواطئا، ولا محايدا، ولا متساهلا مع الغلو والعنف أو الإرهاب والتسفير”.

والعريض موقوف منذ عام 2022.

وبعد ثورة 2011، سافر آلاف الجهاديين التونسيين إلى سوريا والعراق وليبيا للالتحاق بما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية والقتال في صفوفه.

وقد تعرض حزب النهضة آنذاك لانتقادات شديدة بتهمة تسهيل سفرهم خلال فترة حكمه، وهي اتهامات ينفيها الحزب بشدة.

كانت محكمة تونسية قد أصدرت أحكاما بالسجن تتراوح بين 13 و66 عاما على زعماء من المعارضة ورجال أعمال بتهمة التآمر على أمن الدولة، في قضية تقول المعارضة ومحامون إنها ملفقة وتشكل “رمزا لحكم الرئيس قيس سعيد الاستبدادي”.

وتقول منظمات لحقوق الإنسان إن هذه المحاكمة تلقي الضوء على سيطرة سعيد الكاملة على السلطة القضائية منذ أن علق عمل البرلمان المنتخب في عام 2021 ثم حله في مارس آذار 2022 وحل المجلس الأعلى للقضاء، وعزل عشرات القضاة لاحقا.

ونقلت وكالة الأنباء الرسمية هذه الأحكام عن مسؤول قضائي دون أن تذكر مزيدا من التفاصيل.

ويُحاكم في القضية 40 شخصا، بينهم ساسة كبار ورجال أعمال وإعلاميون. وفر أكثر من 20 منهم إلى الخارج.

ويقبع بعض المتهمين من زعماء المعارضة، ومن بينهم غازي الشواشي وعصام الشابي وجوهر بن مبارك وعبد الحميد الجلاصي ورضا بالحاج وخيام التركي، في السجن منذ اعتقالهم في 2023.

وفي وقت سابق، قال المحامي أحمد الصواب “طوال حياتي لم أشهد محاكمة كهذه. إنها مهزلة، الأحكام جاهزة، وما يحدث فضيحة ووصمة عار”.

وفي حين تقول السلطات إن المتهمين حاولوا زعزعة استقرار البلاد ونشر الفوضى وقلب النظام، تقول المعارضة إن التهم ملفقة وتُستخدم لإسكات المنتقدين وترسيخ حكم استبدادي فردي.

وقال حمة الهمامي زعيم حزب العمال المعارض، والذي كان من بين الحاضرين لدعم المتهمين يوم الجمعة “قضية التآمر مهزلة، هذا النظام الاستبدادي ليس لديه ما يقدمه للتونسيين سوى المزيد من القمع”.

وقال نجيب الشابي أحد المتهمين في القضية وزعيم جبهة الخلاص، أبرز ائتلاف معارض لسعيد يوم الجمعة للصحفيين إن “السلطات تريد تجريم عمل المعارضة”.

وتقول السلطات إن المتهمين، ومن بينهم رجال أعمال ومسؤولون سابقون حاولوا زعزعة استقرار البلاد والإطاحة بسعيد.

كان سعيد قد وصف في 2023 الساسة هؤلاء بأنهم “خونة وإرهابيون”، وقال إن القضاة الذين قد يبرؤونهم هم شركاؤهم في الجريمة.

ويتهم زعماء المعارضة المتهمون في القضية سعيد بتدبير انقلاب في عام 2021 ويقولون إن القضية ملفقة لخنق المعارضة وإقامة حكم فردي وقمعي.

ويقولون إنهم كانوا يعدون مبادرة تهدف إلى توحيد المعارضة المتشرذمة لمواجهة “الانتكاسة الديمقراطية” في مهد انتفاضات الربيع العربي.

ويقبع أغلب قيادات الأحزاب السياسية في تونس في السجن، ومن بينهم عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحر، وراشد الغنوشي رئيس حركة النهضة، وهما من أبرز معارضي سعيّد ولا يزالان في السجن منذ عام 2023 في قضايا أخرى.

وخرج تونسيون إلى الشوارع في احتجاج حاشد مطالبين باستعادة الديمقراطية والحريات وإنهاء الاعتقالات ‏التعسفية بحق المنتقدين والمعارضين، مصعدين الضغوط على حكومة الرئيس قيس سعيّد.‏

تواجه السلطات انتقادات متزايدة بسبب حملة ضد معارضين، وذلك بعد اعتقال المحامي البارز أحمد صواب، وأحكام ‏طويلة بالسجن صدرت الأسبوع الماضي بحق عدد من قادة المعارضة بتهم التآمر.‏

وتحت شعار “أطلقوا سراح تونس، أطلقوا سراح أحمد صواب”، انطلق المحتجون من مقر نقابة الصحفيين سيرا باتجاه ‏شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة، حيث انتشرت أعداد كبيرة من قوات الشرطة.‏

وردد المحتجون شعارات من بينها “جاءك الدور يا سعيّد يا دكتاتور” و”فاشل فاشل الرئيس يحكم فينا بالبوليس” و”الشعب ‏يريد إسقاط النظام”، وهو نفس الشعار الذي رُدد خلال احتجاجات 2011 التي أطاحت بالرئيس السابق زين العابدين بن ‏علي.‏

ورفع المتظاهرون صور صحفيين وسياسيين ومحامين معتقلين، من بينهم الإعلامية والمحامية سنية الدهماني وأحمد ‏صواب، الذي يُعتبر من أبرز المنتقدين للرئيس سعيّد.‏

وصواب هو قاض إداري متقاعد وهو الآن محام من بين فريق الدفاع عن معارضين مسجونين. واعتقل بسبب تصريح ‏انتقد فيه القضاء بشدة بينما اعتبرت محكمة مكافحة الإرهاب أن تصريحاته تضمنت تهديدا للقضاة ووجهت له تهم على ‏علاقة بالإرهاب.‏

وقد أثار اعتقال صواب غضبا واسعا في صفوف الأحزاب السياسية والمجتمع المدني ومنظمات حقوقية، التي وصفته ‏بأنه تصعيد خطير في قمع المعارضة، وتأكيد على تعمق النزعة الاستبدادية في البلاد.‏

ويقول المعارضون إن سعيد أصبح يسيطر بالكامل على السلطة القضائية منذ أن علق البرلمان في 2021 ثم حله لاحقا ‏وبدأ في الحكم بمراسيم. كما قام بحل المجلس الأعلى للقضاء وأقال عشرات القضاة في 2022.‏

واعتبرت المعارضة تلك الإجراءات بمثابة انقلاب.‏

ويرفض سعيد ذلك ويقول إن خطواته قانونية هدفها وقف الفوضى ومحاسبة كل المتورطين مهما كانت صفتهم أو ‏مناصبهم.‏

وانتقدت فرنسا وألمانيا والمفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان الأحكام الطويلة الصادرة ضد قادة المعارضة ‏ورجال أعمال الأسبوع الماضي بتهم التآمر، معتبرة أن شروط المحاكمة العادلة لم تتوفر.‏

وقد شملت المحاكمة أربعين شخصا بدأت إجراءاتها في مارس آذار، وقد فر أكثر من عشرين منهم إلى الخارج منذ ‏توجيه التهم إليهم.‏

وقال محامون إن الحكم الأقصى بلغ 66 سنة لرجل الأعمال كمال اللطيف، بينما صدر حكم بالسجن لمدة 48 سنة بحق ‏السياسي المعارض خيام التركي.‏

وكان سعيد قد قال في عام 2023 إن هؤلاء السياسيين “خونة وإرهابيون”، وإن القضاة الذين يبرّئونهم يُعتبرون شركاء ‏لهم.‏

موضوعات متعلقة