اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

سوريا على صفيح ساخن.. تهدئة حذرة في ريف دمشق وسط تصاعد الهجمات والغليان الطائفي

سوريا
سوريا

تشهد منطقتا جرمانا وأشرفية صحنايا في ريف دمشق هدوءًا حذرًا بعد ثلاثة أيام من الاشتباكات المسلحة العنيفة التي هزّت المنطقتين ذات الغالبية الدرزية، في مشهد يعكس هشاشة الاستقرار الأمني والاجتماعي في ضواحي العاصمة السورية. الاشتباكات التي اندلعت إثر تسجيل صوتي مُسيء للنبي محمد، فُسرت على نطاق واسع بأنها تجاوزت مجرد حادث فردي لتكشف عن توتر طائفي واستقطاب سياسي متفاقم.

وأكدت مصادر أمنية سورية أن العملية انتهت بعد تدخل قوات الأمن العام المدعومة من وحدات تابعة لوزارة الدفاع، والتي فرضت سيطرة شاملة على الأحياء المضطربة، تخللها حملة اعتقالات واسعة طالت عناصر مسلحة تصنفها الحكومة بأنها "خارجة عن القانون". وأعلنت السلطات عن مقتل 14 شخصًا من الطرفين، بينهم عناصر أمنية ومدنيون، إلى جانب إصابة عدد آخر، في تصعيد يثير القلق من احتمالات الانفجار الاجتماعي المتكرر.

محافظ ريف دمشق، عامر الشيخ، أعلن التوصل إلى اتفاق مبدئي لوقف إطلاق النار، عقب وساطة قادها عدد من الوجهاء وشيوخ الطائفة الدرزية، في مسعى لاحتواء الأزمة قبل أن تتخذ أبعادًا أوسع. وشدد الشيخ على أن "الحدث بدأ بهجوم مسلح على حاجز أمني في مدخل جرمانا، ما تسبب بسقوط ضحايا فورًا، وتبعته اشتباكات مدفوعة بالتجييش وردود الفعل الغاضبة".

وفي تطور نوعي مثير للانتباه، تعرضت قوة أمنية سورية في أشرفية صحنايا لغارة إسرائيلية أسفرت عن مقتل عنصر أمني وأحد السكان المحليين، ما يفتح الباب لتساؤلات حول توقيت ومغزى التدخل الإسرائيلي في قلب منطقة متوترة داخليًا، وهل جاء لاستثمار الاضطراب المحلي أو لتوجيه رسائل استراتيجية في سياق أوسع من التصعيد الإقليمي.

هجمات مسلحة

بموازاة ذلك، شهد ريف السويداء الشمالي، مساء الأربعاء، هجمات مسلحة من جهات مجهولة استهدفت عدة قرى، ما أثار الذعر بين السكان ودفع بعضهم للنزوح. وسارعت وزارة الدفاع إلى إرسال تعزيزات عسكرية بالتعاون مع فصائل محلية، في مشهد يعكس حالة من الاستنفار الأمني والتأهب الشعبي، يعيد إلى الأذهان سنوات من التوترات التي اتسم بها الجنوب السوري.

من جهته، أعرب المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسن، عن قلقه البالغ حيال تصاعد العنف في ضواحي دمشق وحمص، محذرًا من تداعيات خطيرة على الوضع الإنساني المتدهور أصلاً، وعلى جهود التسوية السياسية المتعثرة.

تحليل أعمق

ما يجري في ريف دمشق والسويداء ليس مجرد حوادث أمنية منعزلة، بل هو مؤشر خطير على هشاشة البنية الاجتماعية والسياسية في مناطق يُفترض أنها تحت السيطرة الحكومية التامة. كما يبرز مجددًا مدى تعقيد التداخل الطائفي والجهوي في المشهد السوري، واحتمال انفجار الاحتقان الكامن في أي لحظة نتيجة استفزاز مباشر أو تدخل خارجي.

الوساطة الدرزية وتدخل الوجهاء تشير إلى أهمية القوى المجتمعية في لعب دور الضابط الميداني حين تغيب الثقة بالحلول الأمنية. ومع ذلك، فإن الاستناد الحصري إلى هذه الآليات يظل هشًا ما لم تتبعه مصالحة حقيقية وإجراءات لمعالجة جذور الأزمات المتكررة.

موضوعات متعلقة