اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

رفض عربي لتشكيل حكومة موازية في السودان.. تحذيرات من تعقيد الأزمة ودعوات للحوار

ميثاق نيروبي
ميثاق نيروبي

تعكس المواقف المصرية والسعودية موقفًا عربيًا موحدًا ضد أي محاولات لتشكيل حكومة موازية في السودان، باعتبارها خطوة من شأنها تعقيد المشهد السياسي وزيادة حدة الانقسامات داخل البلاد. يأتي هذا الرفض في ظل الأوضاع المتأزمة التي يشهدها السودان نتيجة الصراع المستمر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، والذي أدى إلى تدهور الأوضاع الإنسانية بشكل كبير.
أكدت القاهرة والرياض أن أي خطوات تُتخذ خارج إطار المؤسسات الرسمية تهدد وحدة السودان وسيادته، وهو ما يبرز المخاوف من أن تشكيل كيان سياسي موازٍ قد يؤدي إلى تكريس الانقسام وإطالة أمد الصراع. في هذا السياق، دعت الدولتان جميع الأطراف السودانية إلى تغليب المصلحة الوطنية والانخراط في حوار شامل دون إقصاء، وهو ما يتماشى مع الجهود الإقليمية والدولية لإيجاد حل سياسي مستدام للأزمة.
على الجانب الآخر، فإن توقيع قوات الدعم السريع اتفاقًا مع جماعات سياسية ومسلحة في نيروبي لتشكيل "حكومة سلام ووحدة" يثير تساؤلات حول مدى شرعية هذه الخطوة وإمكانية حصولها على اعتراف دولي. الأمم المتحدة سبق أن أبدت قلقها من تداعيات هذا التحرك، إذ قد يرسّخ تقسيم البلاد فعليًا، خاصة مع فقدان قوات الدعم السريع السيطرة على بعض المناطق خلال الفترة الماضية.
في ظل هذه التطورات، جدّدت السعودية التزامها بمواصلة جهودها لوقف الحرب وتحقيق السلام عبر المبادرات الدبلوماسية، بما في ذلك "إعلان جدة"، الذي يشكل إطارًا للحل السياسي في السودان. هذه المواقف تعكس قناعة عربية ودولية متزايدة بأن الحل الأمثل للأزمة السودانية يكمن في الحوار والتفاوض، وليس عبر فرض وقائع جديدة قد تؤدي إلى مزيد من الفوضى والانقسام.
قلق دولي
يذكر أن توقيع "ميثاق نيروبي" بين قوات الدعم السريع وحلفائها أثار قلقاً دولياً، حيث اعتبرته الأمم المتحدة والولايات المتحدة "تصعيداً جديداً" يعيق تحقيق السلام في السودان. وأثارت الخلافات بشأن الميثاق في السودان جدلاً حول قضايا دستورية هامة، مثل تشكيل حكومة في مناطق سيطرة الدعم السريع، وتقرير مصير الدولة والعلمانية.
في أول رد لها، أعربت الخارجية الأمريكية عن قلقها من محاولات الدعم السريع وحلفائه تشكيل حكومة في مناطقهم، معتبرة أن ذلك قد يؤدي إلى تقسيم السودان، مؤكدة أن السلام لن يتحقق إلا بوقف الأعمال العدائية وتشكيل حكومة مدنية.
من جهة أخرى، تم إلغاء مؤتمر كان من المقرر عقده لتوقيع الدستور، بسبب خلافات بشأن تفسير بعض بنوده، خاصة ترسيم الحدود السودانية. إلا أن مصدراً في "تحالف تأسيس" أكد أن الخلافات كانت إجرائية وليس جوهرية.
الميثاق السياسي الذي وقع عليه 24 كياناً وحزباً، نص على حظر تأسيس أحزاب دينية أو عنصرية، وأكد على هوية سودانية قائمة على التنوع والعدالة. كما شمل الميثاق بنوداً تتعلق بإخضاع الجيش للرقابة المدنية وتأسيس جهاز أمن مهني ومستقل.
العدالة والمحاسبة
ورد في الميثاق التزام بالعدالة والمحاسبة التاريخية وإنهاء الإفلات من العقاب، مع تجريم التطرف والانقلابات العسكرية واستغلال الدين لأغراض سياسية. وأكدت دواعي تشكيل "حكومة سلام انتقالية" على إنهاء الحرب، وتحقيق سلام شامل ودائم، وحماية المدنيين والمساعدات الإنسانية، واستعادة المسار الديمقراطي.
وأثار الدستور خلافاً داخل "تحالف تأسيس"، ما أدى إلى تأجيل مؤتمر التوقيع. يتألف الدستور من 12 باباً، تشمل الدولة، والمبادئ فوق الدستورية، الفترة الانتقالية، النظام "اللا مركزي"، وهياكل السلطة.
الدستور، الذي أثار الجدل، ينص في بابه الأول على أن السودان دولة علمانية ديمقراطية لا مركزية ذات هوية سودانية، تقوم على فصل الدين عن الدولة والمواطنة المتساوية. كما يشدد على مبدأ عدم الإفلات من العقاب، وعدم الاعتداد بالحصانة فيما يتعلق بالانتهاكات منذ خروج المستعمر.