عام 2024.. اليمن بين تصعيد عسكري وركود سياسي واقتصادي
مع اقتراب عام 2024 من نهايته، يظل اليمن غارقًا في أزماته الداخلية التي استمرت لعقد من الزمن، وسط تصعيد متواصل من قبل ميليشيا الحوثيين التي حولت البلد إلى بؤرة توترات إقليمية ودولية. في هذا السياق، تأثرت المفاوضات السياسية بتزايد الهجمات الحوثية على السفن التجارية في الممرات البحرية الدولية، ما أسهم في تجميد محاولات التوصل إلى حل شامل. كما أن تصعيد الحوثيين ضد إسرائيل ضاعف من تعقيدات الأزمة، ما جعل اليمن عرضة للضربات العسكرية الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية.
إخفاق سياسي في الجهود الأممية
على الصعيد السياسي، كان عام 2024 أحد أقل الأعوام حراكًا في المفاوضات الأممية. ورغم إعلان مبعوث الأمم المتحدة، هانز غروندبرغ، التزام الأطراف اليمنية بمجموعة من التدابير في إطار "خريطة الطريق" التي تشمل وقف إطلاق النار وإصلاحات اقتصادية وإنسانية، إلا أن استمرار انخراط الحوثيين في الصراع الإقليمي حال دون تحريك المياه السياسية. الهجمات الحوثية المستمرة على ممرات الملاحة الدولية وإسرائيل، وتأكيدهم على فصل مسار عملياتهم العسكرية في غزة عن الأزمة اليمنية، شكلت عقبة كبرى أمام مساعي السلام.
وفي أواخر العام، أكد غروندبرغ أن فرص تنفيذ "خريطة الطريق" قد علقت، مرجعًا ذلك إلى الأزمات الإقليمية التي تعرقل التقدم في الملف اليمني. وفي ظل هذه الأوضاع، شهدت الرياض سلسلة من اللقاءات الدبلوماسية لمناقشة الأوضاع المتغيرة، خاصة مع نتائج الانتخابات الأمريكية، وتحديد الخيارات المتاحة للضغط على الحوثيين للقبول بعملية سياسية شاملة تحت رعاية الأمم المتحدة.
تصعيد عسكري على عدة جبهات
عسكريًا، شهد العام 2024 انخفاضًا نسبيًا في القتال المحلي، إلا أن هجمات الحوثيين ضد السفن التجارية والنشاطات العسكرية ضد إسرائيل شهدت تصعيدًا ملحوظًا. في ديسمبر، أعلن الحوثيون استهداف 211 سفينة منذ نوفمبر الماضي باستخدام الصواريخ والطائرات المسيرة. في هذا السياق، ردت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بتنفيذ عمليات جوية وبحرية ضد مواقع الحوثيين في محاولة لحماية حرية الملاحة الدولية.
في خطوة غير مسبوقة، شنت إسرائيل هجومها الأول على اليمن في يوليو 2024 ردًا على الهجمات الحوثية، مستهدفة ميناء الحديدة الاستراتيجي وخزانات النفط، ما أدى إلى اندلاع حرائق كبيرة. تلا ذلك عدة ضربات إسرائيلية أخرى خلال العام، وهو ما زاد من حدة التوترات العسكرية في المنطقة.
الاقتصاد اليمني في حالة انهيار
اقتصاديًا، شكل عام 2024 تحديًا كبيرًا لليمن في ظل تراجع الإيرادات الحكومية وتعطل تصدير النفط للعام الثاني على التوالي، نتيجة الهجمات الحوثية على موانئ التصدير. السلطات اليمنية قدرت الخسائر الناتجة عن ذلك بحوالي 6 مليارات دولار. كما شهدت العملة الوطنية انهيارًا قياسيًا أمام الدولار، حيث وصل سعر العملة المحلية إلى 2075 ريالًا مقابل الدولار في نوفمبر، مما فاقم من تردي الوضع المعيشي.
إلى جانب ذلك، تفاقمت الأزمات الاقتصادية بين الحكومة اليمنية وميليشيا الحوثيين، حيث ألغي البنك المركزي اليمني المعترف به دوليًا تراخيص ستة بنوك محلية بسبب فشلها في نقل مقراتها من صنعاء. كما واجهت الحكومة الحوثيين بعدم السماح لشركات الطيران اليمنية بنقل إيراداتها إلى عدن، ما أدى إلى تصعيد الإجراءات الاقتصادية بين الطرفين.
في خطوة غير مسبوقة، توصل الطرفان في يوليو إلى اتفاق "خفض التصعيد" الاقتصادي، والذي تضمن عودة الرحلات الجوية بين صنعاء وعمّان. ورغم ذلك، تبقى هذه المشاورات الاقتصادية والإنسانية في مرحلة الجمود.
يظل اليمن في عام 2024 معلقًا بين آمال ضئيلة في التوصل إلى حل سياسي، وواقع عسكري متصاعد واقتصاد متدهور. ورغم الجهود الدولية، فإن تعقيدات الأزمة اليمنية تستمر في تفاقم الوضع الداخلي والخارجي للبلاد، ما يجعل من العام المقبل عامًا محوريًا في تحديد مصير اليمن.