سماء شندي تشتعل.. المسيرات الانتحارية تفتح جبهة جديدة في صراع السودان
شهدت مدينة شندي بولاية نهر النيل شمالي السودان تصعيدًا عسكريًا خطيرًا بعد هجوم شنته قوات "الدعم السريع" باستخدام طائرات مسيرة انتحارية، ما أسفر عن انفجارات قوية هزت أرجاء المدينة وأحدثت حالة من الذعر بين سكانها.
هجوم جوي وتوتر أمني
وفقًا لمصادر عسكرية ، استهدفت خمس طائرات مسيرة انتحارية مواقع عسكرية في مدينة شندي، بما في ذلك الفرقة الثالثة مشاة، في إطار حملة تصعيدية لقوات "الدعم السريع" ضد المواقع العسكرية والمطارات في ولايتي نهر النيل والشمالية.
وأفادت المصادر بأن المضادات الأرضية وأجهزة التشويش الإلكتروني تصدت للهجوم في محاولة لإفشال العملية، بينما أكد شهود عيان سقوط طائرة مسيرة، ما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن أجزاء واسعة من المدينة وخلق حالة من الفوضى والخوف بين السكان.
تداعيات الهجوم
استمر الهجوم لساعات طويلة قبل أن يعود التيار الكهربائي ويستتب الهدوء نسبيًا، رغم بقاء المخاوف من تجدد الهجمات وتأثيرها على الأوضاع الأمنية والمعيشية في المنطقة. وحتى اللحظة، لم يصدر أي تعليق رسمي من الجيش السوداني أو قوات "الدعم السريع" حول استهداف المدينة.
سلسلة هجمات متكررة
يأتي هذا الهجوم ضمن سلسلة عمليات عسكرية متصاعدة في المنطقة. ففي أكتوبر الماضي، أطلقت قوات "الدعم السريع" 13 طائرة مسيرة على الفرقة الثالثة مشاة بمدينة شندي تزامنًا مع زيارة رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش عبدالفتاح البرهان للمنطقة.
كما شهد مطار مروي في الولاية الشمالية هجومًا مكثفًا في نهاية نوفمبر الماضي بـ16 طائرة مسيرة، بينما تعرض مطار عطبرة في ولاية نهر النيل قبل يومين لهجوم مماثل، في إطار استراتيجية عسكرية تهدف إلى السيطرة على المواقع الاستراتيجية شمالي السودان.
مدينة شندي.. موقع استراتيجي وتاريخي
تقع مدينة شندي على ارتفاع 360 مترًا فوق سطح البحر، وتبعد حوالي 150 كيلومترًا شمال شرقي الخرطوم. تتميز بموقعها الاستراتيجي الذي يربط شمال السودان بالعاصمة، وبقربها من مواقع أثرية هامة مثل آثار مروي القديمة.
تاريخيًا، لعبت المدينة دورًا تجاريًا وسياسيًا كبيرًا، حيث كانت ملتقى طرق تجارية مهمة تربط بين السودان ومصر وشبه الجزيرة العربية وشرق أفريقيا.
كارثة إنسانية ونداءات دولية
وسط هذا التصعيد العسكري، تواجه السودان واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، مع اقترابها من "أسوأ أزمة جوع" وفقًا لتقارير أممية. ودفعت الحرب التي اندلعت في أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" البلاد إلى حافة الكارثة، حيث أسفرت عن مقتل نحو 20 ألف شخص وتشريد أكثر من 14 مليون نازح ولاجئ.
وتتواصل الدعوات الدولية لإنهاء الصراع المسلح الذي يعمّق معاناة المدنيين ويهدد استقرار المنطقة بأكملها، في وقت يبقى فيه مستقبل السودان غامضًا في ظل استمرار المعارك وتدهور الأوضاع الأمنية والإنسانية.