ملعب الموت في غينيا.. تدافع مميت يكشف هشاشة الأمن ويهز عرش التظاهرات المؤيدة
![الكارثة خلال المباراة النهائية لدورة كرة قدم للشباب](https://media.unitedmuslimworld.com/img/24/12/08/29913.webp)
في مشهد مأساوي هزّ غينيا وأثار موجة من الغضب الشعبي والجدل السياسي، شهدت مدينة نزييريكوري حادثة تدافع مميتة أثناء فعالية رياضية نُظمت لدعم الرئيس الانتقالي مامادي دومبويّا. الحادثة، التي وقعت في الأول من ديسمبر، سلطت الضوء على المخاطر المرتبطة بتنظيم التجمعات العامة، خاصة في ظل الحظر المفروض على المظاهرات المعارضة، ما أثار تساؤلات عميقة حول مستقبل هذه الفعاليات في البلاد.
تفاصيل الحادثة وأسباب الكارثة
جاءت الكارثة خلال المباراة النهائية لدورة كرة قدم للشباب، والتي تحولت من فعالية رياضية إلى تجمع جماهيري ضخم لدعم الرئيس الانتقالي. ومع احتشاد آلاف الأشخاص في ملعب صغير يفتقر إلى أبسط معايير السلامة، بدأت الأحداث تتصاعد إثر قرارات تحكيم مثيرة للجدل، ما أدى إلى اندلاع اشتباكات عنيفة بين الجماهير.
في محاولة لاحتواء الوضع، أطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع لتفريق الحشود، لكن هذه الخطوة أدت إلى حالة من الفوضى والذعر، حيث تدافع المئات في اتجاهات مختلفة في محاولة للهروب من الخطر، ما تسبب في سقوط عدد كبير من الضحايا.
حصيلة الضحايا وتصريحات متضاربة
وفقًا للبيانات الرسمية الصادرة عن الحكومة الغينية، أسفر الحادث عن مقتل 56 شخصًا، معظمهم من الأطفال دون سن 18 عاماً. إلا أن منظمات حقوقية محلية أكدت أن عدد القتلى يتجاوز 135 شخصًا، ما يثير الشكوك حول دقة الأرقام الحكومية ويكشف عن حجم الكارثة الحقيقي.
وبالإضافة إلى الخسائر البشرية الفادحة، أصيب العشرات بجروح خطيرة، فيما تواصل المستشفيات المحلية العمل في ظروف قاسية وسط نقص حاد في الموارد الطبية والإمدادات الأساسية.
ردود الفعل الحكومية وإجراءات الطوارئ
أمام تصاعد الغضب الشعبي والانتقادات الدولية، أعلن الرئيس مامادي دومبويّا ثلاثة أيام من الحداد الوطني على أرواح الضحايا. كما أوفد مسؤولين حكوميين رفيعي المستوى إلى مدينتي نزييريكوري ولابي، حيث وقعت الكارثة، لتقديم التعازي والإشراف على التحقيقات الرسمية.
وفي خطوة لاحتواء الأزمة، أمرت الحكومة بتشكيل لجنة طوارئ للتحقيق في ملابسات الحادث وتحديد المسؤوليات. ورغم هذه الإجراءات، يواجه النظام الحاكم اتهامات واسعة بالفشل في إدارة الفعاليات العامة وضمان سلامة المواطنين.
تداعيات سياسية وإجراءات جديدة
الحادثة لم تتوقف عند حدود الخسائر البشرية، بل امتدت لتشمل تداعيات سياسية خطيرة، حيث باتت الحكومة مضطرة لإعادة تقييم سياسة تنظيم الفعاليات العامة. وعلى الرغم من الحظر المفروض على التجمعات المناهضة للنظام منذ تولي دومبويّا السلطة في سبتمبر 2021، إلا أن السلطات كانت قد سمحت مؤخرًا بتنظيم فعاليات مؤيدة للرئيس الانتقالي، في خطوة اعتبرها مراقبون تحضيرًا لترشحه في الانتخابات المقبلة.
وفي محاولة للحد من تكرار مثل هذه الكوارث، فرضت لجنة الأزمة الحكومية قيودًا صارمة على استخدام اسم وصورة الرئيس دومبويّا في الفعاليات العامة، واشترطت الحصول على موافقة مسبقة من الرئاسة لتنظيم أي حدث مرتبط باسمه.
مستقبل التظاهرات المؤيدة في غينيا
مع استمرار التحقيقات في ملابسات الكارثة وتفاقم الضغوط الشعبية، يظل مستقبل التظاهرات العامة في غينيا موضع شك كبير. فهل ستكون هذه الحادثة المأساوية نقطة تحول تدفع الحكومة إلى حظر التظاهرات تمامًا، أم ستستمر الفعاليات المؤيدة للرئيس الانتقالي تحت رقابة صارمة وتنظيم أفضل؟
يبقى هذا السؤال معلقًا في ظل غموض المشهد السياسي، حيث تواجه الحكومة تحديًا كبيرًا يتمثل في تحقيق توازن بين الحفاظ على الأمن وضمان حرية التعبير والتنظيم، في وقت تتصاعد فيه التوترات السياسية والضغوط الشعبية في أنحاء البلاد.