حماية الهوية.. نضال الثقافة الفلسطينية ضد الإبادة
قال عبد الله كنعان، الأمين العام للجنة الملكية الأردنية لشؤون القدس، إن الوثيقة التاريخية المرتبطة بالنكبة الفلسطينية، بما في ذلك الأرشيف السمعي والبصري المنهوب من الاحتلال الإسرائيلي، تشكل أدلة قوية على الجرائم والانتهاكات التي ارتكبت ضد الشعب الفلسطيني على مدار عقود من الاستعمار.
الثقافة الفلسطينية في مواجهة الإبادة الإسرائيلية
في بيانه بمناسبة "اليوم العالمي للتراث السمعي والبصري"، أشار كنعان إلى أن الاحتلال الإسرائيلي قد تعمد حرق وسرقة محتويات المكتبات الفلسطينية العامة والعائلية، ومن بينها مكتبة خليل السكاكيني في حي القطمون غرب القدس، التي نُقلت إلى الجامعة العبرية، ومكتبة إسحق الحسيني التي كانت تحتوي على حوالي 4000 كتاب ومخطوط، والمكتبة الخليلية التي كانت تضم 7000 كتاب ومخطوط. كما ذكر أنه تم حرق مخازن شركة التوزيع الأردنية في القدس عام 1983.
وأضاف كنعان أن هذه السياسة الإسرائيلية تعد الأخطر منذ الغزو المغولي، وقد امتدت آثارها إلى خارج فلسطين، كما حدث خلال اجتياح لبنان عام 1982، عندما تم نقل موجودات مركز الأبحاث التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية في بيروت. وأكد كنعان أن حكومة الاحتلال تفرض قيودًا صارمة على المعرفة والثقافة الفلسطينيتين، وتشرّع العديد من القوانين العنصرية، مثل القانون الذي يمنع استخدام اللغة العربية في المواصلات والذي صدر عام 2016، مما يعكس الحرب الثقافية التي تشنها إسرائيل على التعليم والمنهاج الفلسطيني.
وتطرق كنعان إلى محاربة المحتوى الفلسطيني على المواقع الإعلامية والمنصات الإلكترونية، مشيرًا إلى أن حكومة الاحتلال خصصت وحدة (السايبر) لتقديم بلاغات ضد المحتوى الفلسطيني على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث تم تقديم أكثر من 20 ألف طلب لحذف المحتوى الفلسطيني في عام 2020 وحده. كما تعمل حكومة الاحتلال على تسجيل التراث الفلسطيني باسمها لدى منظمة اليونسكو، وتعيق تسجيل أي تراث فلسطيني.
وأكد كنعان أن اللجنة الملكية لشؤون القدس تسعى إلى توضيح شراسة الاحتلال الرقمي وخطورة التشويه الثقافي، بالإضافة إلى محاولة الترويج للرواية الإسرائيلية الكاذبة. وشدد على أن "اليوم العالمي للتراث السمعي والبصري" يمثل فرصة لتذكير العالم بضرورة حماية التراث الفلسطيني المنهوب والمدمر في غزة والقدس وكل مدن فلسطين المحتلة. ودعا كنعان المنظمات الدولية المعنية بالثقافة والتراث إلى التصدي لهذه الانتهاكات وفقًا للاتفاقيات والمعاهدات الدولية ذات الصلة.
وأشار كنعان إلى الجهود المبذولة في أرشفة التراث الفلسطيني من قبل العديد من المؤسسات، بما في ذلك جهود منظمة اليونسكو والإيسيسكو والألكسو، بالإضافة إلى المبادرات الفردية مثل أرشيف المتحف الرقمي الفلسطيني، وشبكة متاحف القدس (بيت الذاكرة) في عمّان، وأرشيف مؤسسة الدراسات الفلسطينية والأرشيف الرقمي في جامعة بيرزيت. وأشاد كنعان بهذه الجهود، معتبرًا إياها مهمة مقدسة لحماية التراث الفلسطيني الذي يواجه حربًا تهدف إلى محو وتزييف وتحريف الهوية.
وأكد كنعان أيضًا على أن التاريخ والثقافة الوطنية والقومية الأردنية، بما تتضمنه من علاقات أخوية وتضحيات تجاه القضية الفلسطينية، ساهمت في الحفاظ على العديد من جوانب الثقافة الفلسطينية، مجسدًا الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس. وقد عملت العديد من المؤسسات الوطنية على حفظ التراث الفلسطيني من خلال أرشيفات رقمية، بما في ذلك وزارة الثقافة والمكتبة الوطنية ومكتبة اللجنة الملكية لشؤون القدس.
واختتم كنعان بالقول إن رسالة اليوم العالمي للتراث السمعي والبصري تتمثل في تذكير العالم بالثقافات التي تتعرض للإبادة والسرقة، وفي مقدمتها الثقافة الفلسطينية. ودعا إلى زيادة الوعي والتثقيف حول المحتوى الثقافي الرقمي الفلسطيني، مؤكدًا على أهمية حماية حق الأجيال في تاريخها وحضارتها.